مصطفى إبراهيم يكتب: حول العدوان المتوقع على غزة

profile
أ. مصطفى إبراهيم كاتب ومحلل سياسي فلسطيني
  • clock 8 يناير 2023, 2:43:35 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

ربما حان الوقت لتغيير شيء ما، منذ الإعلان عن فوز اليمين المتطرف وقبل تشكيل الحكومة اليمينية الجديدة، وسيل التوقعات والتدفق الهائل للأخبار في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة حول اقتراب موعد الحرب القادمة ضد قطاع غزة.


في استعراض التاريخ القريب بعد توقف انتفاضة الأقصى، ومنذ العام 2005، والحروب والعمليات العسكرية التي شنتها إسرائيل تحت حجج وأسباب مختلفة ضد قطاع غزة: أمطار الصيف 2006، سيف جلعاد 2006، شتاء دافئ 2008، الرصاص المصبوب 2009، عمود السماء 2012، الجرف الصامد 2014، الحزام الأسود 2019، حارس الأسوار 2021، بزوغ الفجر 2022.


8 حروب وعمليات عدوانية ارتكبت خلالها جرائم فظيعة ومروعة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وغيرها من عمليات القتل خلال الـ 16 عاماً الماضية. 


وفي قلب ذلك الحصار الإسرائيلي الذي صنف على أنه جريمة حرب لا تزال مستمرة. وفي انتظار عدوان جديد، وحادثة واحدة قد تفجر عدوان اجرامي. والقناعة السائدة المستمدة من الاستراتيجية التي رسختها الحكومات المتعاقبة وبنيامين نتنياهو مثل حجر الأساس في رسم تلك الاستراتيجية خلال سنوات حكمه السابقة الحفاظ على تعزيز الفصل والانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة. والعمل على ديمومة الوضع القائم وضرب غزة بين فترة زمنية وأخرى واشغالها واشغال المقاومة في إعادة ترتيب أوضاعها، ومنحها جملة من (الترتيبات) والتسهيلات الاقتصادية تبقيها على قيد الحياة.


منذ خطة إعادة الانتشار (فك الارتباط) في قطاع غزة التي نفذتها إسرائيل في العام 2005 يتضح من خلال فترات الهدوء، وتكرار التصريحات الإسرائيلية عن كل فترة هدوء أن غزة يسودها هدوء هو الأهدأ منذ سنوات، ولا يعلم أحد متى ستقع الحرب المتوقعة، وينتظرها الجميع سواء حادثة تفع في الضفة الغربية أو قطاع غزة وتفجير الأوضاع. 


ويتبع الهدوء غير الحقيقي تدريجياً المزيد من الأحداث التي تعيد مرة أخرى غزة من كونها الأهدأ، إلى قمة جدول الأعمال السياسية والعامة في إسرائيل المؤجل وفقاً لرؤيتها ومصالحها المختلفة.


وتظهر مرة أخرى ما تسمى استراتيجية التوازن بين استخدام القوة وتحسن الوضع الاقتصادي، وإعادة طرح الشروط القديمة الجديدة وحل قضية الأسرى والجنود الإسرائيليين المختطفين، والتي لم تتقدم خطوة خلال السنوات الماضية. 


يدعي بعض المحللين الإسرائيليين أن نتنياهو أكثر حذرا تجاه قطاع غزة، لكن هذا الحذر لن يصمد كثيراً من خلال الاطلاع على الاتفاقيات الائتلافية الموقعة بين الليكود بقيادة نتنياهو والأحزاب الدينية الكهانية الفاشية، في ما يتعلق بالبناء الاستيطاني وضم الضفة الغربية.


وفي ظل ارتفاع درجات السخونة العالية في فصل الشتاء، في القدس بعد زيارة وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير للحرم القدسي الشريف، والتهديد بعقوبات ضد الأسرى. وما يجري في الضفة الغربية المحتلة من تزايد أعمال المقاومة الفلسطينية. وحالة الغضب الشديد التي تسود في صفوف الفلسطينيين في ظل انسداد الأفق السياسي وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وفرض العقوبات على السلطة الفلسطينية.


وفي ضوء ذلك والسياسات والخطط التي وضعها اليمين الفاشي لإحداث تغيير جوهري في توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وضم الضفة، وإلغاء الارتباط وقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية، وتغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي وعدد من القضايا، التي تعمل كصواعق تفجير العدوان ضد الكل الفلسطيني، قد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة متجددة في قطاع غزة في وقت أقرب بكثير مما هو متوقع. 


يتوقع بعض المحللين الإسرائيليين أن هذا التحدي ستواجه حكومة نتنياهو ووزير الامن الجديد يؤاف جالانت وبرغم تطرفه، إلا أنه يعتبر موظف لدى نتنياهو ومن الموالين المخلصين له، وحل محل بيني غانتس، ولا يُتوقع أن تكون الاختلافات في القضايا الأمنية في إدارة السياسات وممارسة القوة في ظل الضوابط والتوازنات الكبيرة.


كما يرى أولئك المحللين، أنه في الوقت نفسه، فإن نتنياهو مستمر في مواجهة الوجود الإيراني في سوريا والعراق وغيرها من المناطق، والنووي الإيراني وبناء القدرات العسكرية للجيش الإسرائيلي فيما يتعلق بإمكانية المواجهة المباشرة مع إيران، وقضايا الأمن الداخلي وغيرها من القضايا لا يُتوقع حدوث تغييرات كبيرة في السياسة الأمنية لإسرائيل.


كما أن سعي بنيامين نتنياهو مواصلة تعزيز التحالفات التي أقيمت مع دول الخليج واتفاقات التطبيع الموقعة خلال فترة حكمه، وقد حققت إسرائيل إنجازات مهمة العام الماضي في تحقيق المصالح الإسرائيلية في التوقيع على جملة من الاتفاقيات والتفاهمات السياسية والأمنية والاقتصادية مع دول التطبيع العربي الجديد خاصة الامارات والبحرين والمغرب والسودان. وتحسين العلاقات مع تركيا وأردوغان، والحفاظ على العلاقات مع الأردن.


وهناك أسباب أخرى في الحذر من شن عدوان على قطاع غزة، والعلاقة مع الإدارة الأمريكية، بقيادة جو بايدن، ووجود التيار التقدمي المتصاعد في الحزب الديمقراطي. ليس في صالح إسرائيل.


وعلى الرغم من ذلك وفي ضوء تركيبة الحكومة الإسرائيلية، وخطوطها العريضة لتهويد وضم الضفة الغربية، ومستوى العنصرية والفاشية والقوانين والقرارات التي اتخذت خلال الأيام الماضية لتسهيل تنفيذ برامجها الدينية التوارتية، كل ذلك يدفع نحو العدوان الشامل ضد الفلسطينيين بشكل عام. 


يبقى الأمل بعيد في تغيير الفلسطينيين مواقفهم وبرامجهم غير الموحدة، وعدم قدرة الفصائل على التغلب على فكفكة معضلة الانقسام، بينما تتمترس القيادة الفلسطينية خلف رؤيتها وسياسة الانتظار والوعود الامريكية، والتعويل على ما يسمى المجتمع الدولي المنافق.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)