اسماعيل جمعه الريماوي يكتب:التوجهات الصهيونية و وهم السلام مع القتلة

profile
  • clock 21 أبريل 2025, 8:52:00 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
وهم السلام مع القتلة

في ظل الجرائم الصهيونية في غزّة، والتي فاقتْ كل التصّور، ومِنْ سلوك امريكا والدول الأخرى الداعمة لإسرائيل سرا وعلنا ، حقيقة مؤلمة ، على العرب إدراكها من اجل مستقبلهم ومستقبل أجيالهم.
حيث أن الحقيقة قد انجلت ، وأنَّ إسرائيل فوق القانون الدولي، و فوق ميثاق الامم المتحدة، و مُحّصنة من العقاب الاممي او الدولي، وانها مُخّولة بتفويض دولي بفعلِ ما تشاء، من اجل توسّعها وتفوقها وهيمنتها، ولا حدود لما تُريد فعله، فالإمعان في الاذلال، والترويع والتفنّن في القتل تهون امام تجريد الإنسان من آدميتهِ، وحتى من حرمان الميت من كرامة دفنهِ ، هذا كله في لوائح إسرائيل، وأن العرب الذين يحيطونها، دولاً و شعوب، ما هم  إلا سلسلة ارقام تتعداهم و تتخطاهم واحداً تلو الآخر، سواء بالقتل أو بالتطبيع ثُّمَ الغدر، وتعّولُ في مسعاها صهيونياً، على عامل الزمن، وعلى الدعم اللامحدود امريكياً و غربياً .
اليوم، تفعلُ إسرائيل ما تشاء في غزّة، ابادة جماعية، تجويع، منع وصول الغذاء، منع وصول الدواء، تأتي بكل ما هو ممنوع انسانياً، اخلاقياً، قانونياً، دينياً، وبدعم أمريكي غربي، وعجز أُممي وصمت دولي و تواطؤ عربي.

إسرائيل توظف دولا كبرى للضغط على لبنان


مَنْ ذا الذي سيمنع إسرائيل إنْ قررت، وسمحت لها الظروف، أنْ تزحفُ  بجيشها و بمرتزقتها  نحو جغرافية جديدة و مساحات جديدة في الأردن، في لبنان، في سوريّة، في مصر؟
اليوم، توظّفُ إسرائيل دولاً كبرى كي تضغط على لبنان وتقنعه بالإغراء او بالتهديد بتجريد المقاومة من سلاحها .


واليوم، تسعى إسرائيل لتجريد غزة من مقاومتها و سلاحها و لتهجير ما تبقّى من السكان، وافراغها من اهلها، وهناك من يدعمها و يقف بجانبها !
ان الحرب على الشعب الفلسطيني تظهر للعلن ما هي الصهيونية بين التوجهات الاقتلاعية وإحلاليه ، مظللة بممارسات أبارتايد من الاستثناء السياسي والتهميش الاجتماعي والاستغلال الاقتصادي والتمييز القانوني بأشكال مؤقتة ودائمة ضد قطاعات مختلفة من الشعب الفلسطيني، وتمارس هذه السياسات من خلال الاعتماد على قوة الجيش وميليشيات المستعمرين المسلحة والجسم الجديد قيد النشوء المسمى الحرس الوطني الذي إنشاءه بن غفير،حيث تمارس الصهيونية سياسات العزل والإقصاء، حتى على اليهود المعادين للصهيونية، ثم توسع ليشمل كل من يرفض الهجرة إلى إسرائيل من اليهود، وفي العقد الأخير بات يشمل أيضًا حتى قوى ما يطلق عليه اسم «اليسار الصهيوني» لا لسبب سوى أن هذا «اليسار» يتهم بأنه مستعد للحوار مع الفلسطينيين من أجل التوصل إلى حل وسط إقليمي كما يدعي .


أن ما كان يطلق عليه باليسار والوسط الصهيونيان  ليسوا افضل من اليمين الصهيوني المتطرف حيث يمارسون من جرائم ضد الشعب الفلسطيني  في ضمن غلاف من العلاقات الدولية والادعاء الظاهري بالاستعداد للسلام، وهو الضم الرسمي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، التي كان هذا اليسار الصهيوني قد ضمها فعلًا، يظهر هذا اليسار نفسه وكأنه يقف بجانب حقوق الشعب الفلسطيني، ولكن بعضه لا يفعل أكثر من استخدام هذه الحقوق كشمّاعة للمطالبة بحرياته داخل الكيان، بينما يستمر في التنكر لفلسطين والفلسطينيين بالممارسة وارتكاب وقبول الجرائم الممارسة ضدهم، كما يستمر في اتهام الفلسطينيين بأنهم المسؤولون عن نمو التيار اليميني المتطرف بسبب «رفضهم مشاريع السلام التي طرحها عليهم اليسار الصهيوني في الماضي». 


عدا هؤلاء، هنالك قلة من اليهود المعادين للصهيونية الذين تتهمهم قوى الصهيونية كلها بيمينها ويسارها بالخيانة وعدم الولاء بسبب تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ضد الاستعمار، وقد تعرض هؤلاء للاعتداءات من القوى الصهيونية أثناء تضامنهم مع الفلسطينيين، ويبدو أنهم سيتعرضون لاعتداءات أخرى أشد في المستقبل. 
إن عملية السلام من المنظور الغربي الإمبريالي، رحلت إلى غير رجعة، والسلام الذي يتحقق الآن، هو سلام القوة والصمود الفلسطيني في مواجهة آلة القتل العسكرية الإسرائيلية، الأمريكية الصُنع. فالسلام الذي كانت تروّج له اتفاقيات أوسلو وغيرها من الاتفاقيات ، ارتكز على تقديم التنازلات واحدًا تلو الآخر، حتى مبادرة السلام العربية، قدمت مبدأ الاعتراف بإسرائيل في مقابل حصول الفلسطينيين على بعض حقوقهم، حتى ولو كانت على حدود 1967، لكنها تظل منقوصة، وغير عادلة.  

كيان الاحتلال لا يستهدف سوى ممارسة التطهير العرقي


فما يحدث من جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن كيان الاحتلال لا يستهدف سوى ممارسة التطهير العرقي، في استمرار مُتعمَّد للجرائم البشعة التي ينفذها على مرأى ومسمع من العالم أجمع، وتحت غطاء دولي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ، حتى إن مجلس الأمن الدولي المعني بحفظ الأمن والسلام في العالم- أو هكذا كُنَّا نظن- يفشل مرة تلو المرة في تمرير أي مشروع قرار يطالب بوقف الحرب في غزة، في فضيحة عالمية تُعرّي تلك الأنظمة التي تدّعي الديمقراطية وتزعم أنها تدافع عن حقوق الإنسان، لكن يبدو أن مفهوم الإنسان لديهم يختلف عن المفهوم الصحيح، إذ يدافعون عن القاتل المجرم بدعوى أنه "يمارس الدفاع عن النفس"، كما يقمعون أي تعاطف مع ضحايا العدوان الهمجي على غزة، ويسنون التشريعات لمُعاقبة كل من يُعلن تأييده للحق الفلسطيني. تلك العنصرية الغربية- الصهيونية في أساسها- تتسبب في سقوط المزيد من الشهداء والجرحى بنيران الاحتلال، الذي لا يتوانى عن قصف أي هدف مهما كان، مستشفى أو مدرسة أو مسجد أو كنسية أو حتى طريقاً عاماً يسير عليه الأبرياء رافعين الرايات البيضاء.


لكن في المقابل، علينا أن نتحلى بيقينٍ تامٍ بأنَّ الايام سجال يوم لك و يوم عليك ، لكن ضريبة الدفاع عن الأرض والمقدسات، وثمن نيل الحرية والاستقلال باهظة الثمن ، فكُل حروب التحرير التي خاضتها الشعوب لم تكن مجانية أو دون ضريبة الدم؛ بل كانت التضحيات هي الوقود الذي يضيء نور الحق، وعنصر النجاح في كل المعارك العادلة. 
فقد بات واضحا أن غزة اصبحت بالنسبة لجيش الاحتلال مستنقعًا من الوحل، لن يستطيع الخروج منه بسهولة.
مرة أخرى، لم يعد السلام الذي كان يُروّج له على مدى العقود الماضية، صالحًا في ظل هذا الاجرام و التلذذ بالقتل والتدمير  الذي يحصل فان وحشية الانتقام وغطرسة القوة و إنكار الآخر و العمل على سحقه هي السائدة في وسط الكيان الصهيوني المجرم ، وقد باتت المراهنة على السلام هي كمن يراهن على السراب ، حيث لا زال المنبطحون و الانهزاميون يؤمنون ، وبان التنازل أكثر فأكثر إلى درجة تقديم كل شيء للاحتلال و تجريد المقاومة من سلاحها مجانا ، و بالقبول بالذل و المهانة ،لكن ذلك و من التجارب السابقة لم ولن يرضي الاحتلال الذي يريد كل شيء مقابل لا شيء  فكيف لنا أن نبقى نراهن على وهم السلام مع القتلة ؟؟؟


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)