تكبير الخط تصغير الخط

على الرغم من أن الأستراليين معروفون بشجاعتهم، خاصةً في مواجهة الثعابين والعناكب السامة التي تعج بها بلادهم، إلا أن طائر الكاسواري، أحد أكبر الطيور في العالم، يثير الخوف حتى في قلوبهم.

يبدو هذا الطائر وكأنه بقايا من عصر جيولوجي قديم، حيث يتميز بحجمه الضخم الذي قد يصل إلى حجم الإنسان، وريشه الأسود اللامع، وعيونه الثاقبة. يزن الكاسواري أكثر من 60 كيلوغرامًا، ويمتلك مخلبًا حادًا يشبه الخنجر في كل قدم، مما يجعله أحد أكثر الكائنات رعبًا في الطبيعة.

يقول أندرو ماك، الذي قضى خمس سنوات في دراسة طائر الكاسواري في البرية ببابوا غينيا الجديدة: "هذا الطائر يتمتع بصفات بدائية، ويبدو كأنه ديناصور حي". يُعتبر الكاسواري، الذي لا يستطيع الطيران، أخطر طائر في العالم، على الرغم من أن قريبه الأكثر شهرة، طائر الإيمو، يُعد رمزًا وطنيًا في أستراليا.

دور الكاسواري في النظام البيئي

يعيش الكاسواري غالبًا في عزلة داخل الغابات المطيرة العميقة، مما يقلل من فرص مواجهته للبشر. ومع ذلك، يلعب هذا الطائر دورًا حيويًا في النظام البيئي للغابات المطيرة. فهو أكبر طائر آكل للفاكهة في العالم، حيث يستهلك عشرات الثمار يوميًا ويساعد في نشر بذورها عبر الغابة، مما يعزز نمو النباتات.

كما أن الكاسواري يتميز بسلوك فريد في رعاية الصغار، حيث يتولى الذكور مهمة حضن البيض وتربية الصغار بعد أن تضع الإناث البيض وتترك العش. الذكور شديدو الحماية تجاه صغارهم، وقد تحدث مواجهات عدوانية مع البشر إذا اقتربوا بشكل كبير من الصغار.

كيفية التعامل مع الكاسواري

في العام الماضي، انتشر مقطع فيديو لامرأة في كوينزلاند تحاول حماية شطيرتها من طائر كاسواري جائع. وعلى الرغم من مظهره المخيف، يؤكد بيتر رولز، مؤسس "مجتمع الحفاظ على السواحل وطيور الكاسواري" (C4)، أن "أعداد الكاسواري التي تموت بسبب البشر تفوق بكثير أعداد البشر الذين يموتون بسببها".

ويقدم رولز، الذي عاش لفترة طويلة بالقرب من موطن الكاسواري الرئيسي في منتزه "داينتري" الوطني، نصائح للتعامل مع هذا الطائر:

ضع يديك خلف ظهرك وكن هادئًا قدر الإمكان.

تحرك خلف شجرة وحاول الاندماج مع البيئة.

تجنب الصراخ أو التلويح بذراعيك، ولا تظهر أي حركات مفاجئة.

أخفِ الطعام إذا كنت تحمله، حيث أن الكاسواري قد يهاجم للحصول عليه.

سلوك الكاسواري مع البشر

تشير دراسة أُجريت عام 2001 ونشرت في مجلة "Journal of Zoology" إلى أن 75% من المواجهات الخطيرة بين البشر والكاسواري تحدث بسبب تقديم الطعام لهذه الطيور. يقول كريستوفر كوفرون، مؤلف الدراسة: "إطعام الكاسواري يغير سلوكها الطبيعي، مما يجعلها أكثر جرأة وعدوانية".

كما ينصح رولز بتجنب السيارات ذات الألوان الداكنة، حيث أن الكاسواري قد يهاجم انعكاسه في النوافذ أو المرايا، معتقدًا أنه طائر منافس.

الخطر على الكاسواري

على الرغم من قوته وعدوانيته، يواجه الكاسواري تهديدات كبيرة بسبب فقدان موائله الطبيعية والصيد غير القانوني. يُعد هذا الطائر جزءًا لا يتجزأ من النظام البيئي للغابات المطيرة، وحمايته ضرورية للحفاظ على التوازن البيئي.

في النهاية، يبقى الكاسواري أحد أكثر الكائنات إثارة للرهبة في الطبيعة، وهو تذكير بقوة الحياة البرية وتعقيداتها.