الدكتور إبراهيم جلال فضلون.. ترامب وظهيرهُ .. العالم إلى أين؟!

profile
د. إبراهيم جلال فضلون أستاذ العلاقات الدولية
  • clock 18 يناير 2025, 6:46:20 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

مفاتيح أساسية كانت غائبة عن ترامب بحلته الجديدة منذ 2017، ليكون في دورته الاستثنائية نسخة معدلة، وجهاً أكثر حدة وفكراً صداميًا عما مضى، متعلماً وفريقهُ من التجارب السابقة التي مرت على البيت الأبيض، واقفاً على أبواب مرحلة انتقالية جديدة، يشعر وفريقه أن خطأهم الأكبر اعتمادهم على الحلول الوسط التي أسقطتهم وأهالت عليهم التراب وتداعت عجزة أوروبا على قصعتهم، لتبدأ حقبة جديدة لساكن مختلف للبيت الأبيض بل ساكنين متعارضين لكنهما قد يتوافقا في بعض الأمور أراها تسلط ايلون ماسك وصولاً للبيت الأبيض وقد يُزحزحهُ لما يمتلك من تأثير فكري واقتصادي، وسياسي وقد رأينا تأثيره في الانتخابات الأخيرة، وتهديداته العلنية لأوروبا، لكن التوقيت الآن يختلف عن توقيت المرة الأولى، فالعالم يفقد عقلهُ لما ينتظره بما لا يمكن التنبؤ لما سيفعلهُ ترامب، لاسيما إرثهُ البايدنى.. من حروب بالشرق والغرب، وصراعات دولية وحزبية على النفوذ، وسباقات فضائية واقتصادية لتصفية الحسابات، وكأننا في مصارعة لا محترفين فيها على المسرح الدولي إلا لسفك الدماء وللأقوى في لكمات مُتبادلة على نظام عالمي جديد لا يزال يبحث عن هويته.

أمريكياً: ينعكس التوجه على ترشيحه شخصيات خلافية إنما شديدة الولاء له، تمهيداً لأربعة أعوام من تصفيه حسابات وقطع رقاب بل سيحاسب من عاداه سابقاً، وقد بدأها بأن بايدن يُصعب تسليم السلطة، ليتجدد بينهما حرب كلامية قبل التسليم، وكأنه تمهيد للمُحاسبة، مما دفع شخصيات مهمة مثل رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية للاستقالة من منصبه، مما يجعل كثيرين يمهدون لما هو آتٍ.. وفي النهاية لا يهُم ترامب إلا المال والاقتصاد لذا يُركز على تفاصيل الحياة اليومية للأميركيين، بما في ذلك أسعار المواد الأساسية والنفط. وبشكل عام، يبدو أن لدى ترامب مجموعة من الملفات الاقتصادية التي يمكنه البدء في تنفيذها بفضل الدعم الشعبي الذي يحظى به.

أوروبياً: يرتعد الأوروبيون خوفاً من وصول ترامب إلى البيت الأبيض مجدداً، الذي طلب من أعضاء الناتو زيادة الميزانيات الدفاعية ب 5% من الناتج المحلي، وإلا ستنسحب أميركا من الحلف، كما أعلن تابعهُ ماسك التدخل في الشأن الأوروبي وعلمانيته واتهام ماكرون له بالتدخل في الانتخابات الفرنسية، ووصف الملياردير الأميركي المستشار الألماني شولتس بـ"الأحمق" والرئيس الفيدرالي الألماني بأنه "طاغية غير ديمقراطي"، لأن ماسك قد أشاد مراراً وتكراراً بحزب "البديل من أجل ألمانيا" المناهض للهجرة، ليزيد مخاوف الأوروبيين الحقيقية على المستويين الاقتصادي والأمني.. بفرض ضرائب ورسوم جمركية على المكسيك وكندا والمطالبة بأراضي غرينلاند مما أثار الدنمارك وجعلها ترفع احتياطاتها الدفاعية، ومطالبته باستعادة قناة بنما إذا لم تخفض رسوم العبور فيها.. ولم ينسي الصينية في العقوبات التجارية، ولا دول البريكس، فهددهما لأسباب واعتبارات مختلفة، وفي الوقت نفسه وجه الدعوة إلى الرئيس الصيني لحضور حفل تنصيبه على رغم أن بكين المنافس الأول لبلاده.

شرقياً: ينتظر الشرق حل المعضلات ووقف النار ومنع الحروب، بدءً من أوكرانيا، الأخطر من أي شيء، لأن أحد أطراف الحرب الدب الروسي وقوتها النووية، مما يوجب المفاوضات لوقف لإطلاق النار، ليقف الشرق الأوسط في طابور الدم وتداخل الأزمات، بدأها بالتهديد لحماس دون النظر لأبرياء غزة، وما سيجده الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين واليمنيين من قرارات سريعة تُظهر محاولات أميركية لحسمها. دخولاً إلى النظام الإيراني في سياق التصعيد أو التفاوض، واللافت أن أصدقاء ترامب في تركيا وإسرائيل يسارعون إلى توسيع نفوذهم قبل وصوله لتثبيت مواقفهم وطلباتهم تجنباً لأي ضغوط من جانبه،

إفريقياً: من المتوقع أن يتبع ترامب نهجاً براغماتياً وعملانياً، إذ رأى بعض القادة الأفارقة عودة ترامب بمزيد من الاستثمار، والصفقات التجارية، وقلة المحاضرات الملقاة بشأن قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومكافحة تغير المناخ، مع المزيد من المنافسة الصحية مع الصين وغيرها من الشركاء لمساعدة القارة الأسرع نمواً في العالم على التعامل مع الطفرة الهائلة في الشباب، لتقف مصر السد المنيع أمام الإدارة الترامبية.

وختاماً: تبدو المخاوف جميعها على شكل امتحانات وضعها الرئيس ترامب عنها علناً للجميع وأمام حلفائه وأعدائه الكُل سواسية، فالكل يخطط للمستقبل وعلينا الاستعداد لما هو آت، فمن ينجح يجتاز الصعاب ويعيش ترامبي، وهيهات لمن يرسب سيعيش وهناً على وهن. لكن علينا كعرب أن تكون خطواتنا مدروسة بين (التحفظ والرفض) لأية قرارات بل وأية تجاوزات، والاستعداد بالحجج المضادة للطروحات المتوقعة، واضعين أمننا العربي القومي أمام أعيننا ضد المتربصين لاسيما الإخوان والتنظيمات الإرهابية دون أن ننسي قضيتنا الأولى وأهل غزة الكرام.. منتظرين كما ينتظر أصحاب القرار والمراقبون والسياسيون والإعلاميون يوم 20 يناير المقبل ليتحققوا من أي سياسات ستترجم على أرض الواقع بدقة. 

 

كلمات دليلية
التعليقات (0)