-
℃ 11 تركيا
-
8 فبراير 2025
عبدالحليم قنديل يكتب: خطة محو الفلسطينيين
عبدالحليم قنديل يكتب: خطة محو الفلسطينيين
-
7 فبراير 2025, 10:54:47 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بفوائض عجرفة وجهالة مفزعة بالتاريخ والجغرافيا ، وعلى نحو فاق كل توقع جنونى ، قرر الرئيس الأمريكى "دونالد ترامب" شطب القضية الفلسطينية من جدول أعمال التاريخ والمستقبل ، والاستيلاء الأمريكى المباشر على جغرافيا قطاع "غزة" ، وطرد ملايين الفلسطينيين بالجملة ، وبدعوى إعادة إعمار "غزة" وجعلها "ريفيرا" الشرق الأوسط ، وتحويلها إلى "ملكية أمريكية طويلة الأمد" ، وجلب آخرين من غير الفلسطينيين لسكناها ، ومن دون استبعاد إقامة مستوطنات "إسرائيلية" فيها ، بعد جلب وحلب أموال عربية ودولية ـ غير أمريكية ـ لتمويل عملية سرقة "غزة" ، التى تستغرق ـ بحسب أوهامه ـ مدة 15 سنة ، أى نحو أربعة أضعاف مدة بقاء "ترامب" نفسه فى البيت الأبيض .
ولا حاجة للتذكير بما هو معروف ، فقد أثبت "ترامب" أنه "أعظم صديق " لكيان الاحتلال فى البيت الأبيض ، كما قال عنه فى حضرته "بنيامين نتنياهو" رئيس وزراء العدو ، ولولا اعتبارات التحايل اللفظى ، لقال "نتنياهو" أن ترامب هو أعظم خادم للصهيونية فى تاريخها على الإطلاق ، و"ترامب" نفسه يفخر بما فعله ويفعله فى خدمة الكيان ، خلال ولايته الأولى وما مضى من أيام الولاية الثانية ، وكرر مزهوا قبل وبعد لقائه الأخير مع "نتنياهو" ، أنه هو الذى أيد اعتبار القدس بكاملها عاصمة أبدية موحدة لكيان الاحتلال ، إضافة لتأييده ضم هضبة "الجولان" لسيادة كيان العدو ، وأجبر دولا عربية عديدة على الانضمام لاتفاقات "إبرهام" فى ولايته الرئاسية الأولى ، وأعاد فتح كل مخازن السلاح الأمريكى بلا أسقف للكيان ، وقرر الانسحاب ووقف تمويل وكالة "الأونروا" لرعاية وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.كما الانسحاب من المجلس الدولى لحقوق الإنسان المعادى ـ فى رأيه ـ للسامية والصهيونية ، ووقف تمويل "اليونسكو" المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة ، فوق إعادة فرض سياسة الضغوط الاقتصادية القصوى على "إيران" الممولة لمنظمات معادية للكيان.
وكانت تلك كلها وغيرها مجرد مقبلات تسبق تقديم الطبق الرئيسى ، المتمثل فى حل مشكلة الفلسطينيين بشطب وجود الفلسطينيين من أصله ، وطردهم جميعا ، ليس من "غزة" وحدها ، بل من الضفة الغربية أيضا ، التى قال "ترامب" أنه يستعد لإصدار قراره بشأنها خلال أسابيع ، والذى لن يكون على الأغلب ، سوى تأييد ضم الضفة بكاملها تقريبا للكيان ، وربما شفعه بخطة لطرد ملايين الفلسطينيين منها ، أسوة بخطته لطرد ملايين "غزة" ، وبطريقة تجاوزت أحلام أشد المتطرفين داخل الكيان ، الذين ظلوا لعشرات السنوات يخططون ، ويدعون لطرد الفلسطينيين والتخلص منهم نهائيا ، ثم جاء "ترامب" ليعد بتحقيق أحلامهم بجرة قلم ، الأمر الذى جعلهم فى ذهول الفرح ، وجعل حلمهم ببناء "إسرائيل الكبرى" أقرب من طرف الإصبع ، وفتح الطريق النهائى لتصفية كل وجود فلسطينى على أرض فلسطين التاريخية من نهر الأردن إلى البحر المتوسط ، وربما التوسع خارج فلسطين فى الأردن ولبنان وسوريا وربما مصر ، فلم يعبأ "ترامب" فى تصريحاته برفض مصر والأردن لتهجير الفلسطينيين ، وكرر الطلب إلى مصر والأردن بتوفير قطع أراضى بديلة لوضع ملايين الفلسطينيين المطرودين فيها ، وأعلن صراحة أنه لا فرصة فى مخططه لإقامة أى كيان أو دولة فلسطينية فى أى وقت ، وأسقط أقنعة المداورات كلها ، وأكد ومن بعده وزير خارجيته الصهيونى "ماركو روبيو" ، أن واشنطن تعد لعملية الاستيلاء على "غزة" وتنفيذ عملية التهجير .
وجاء ذلك طبيعيا متسقا ، فإن كان "نتنياهو" يقود حكومة اليمين الدينى المتطرف فى "تل أبيب" ، فإن "ترامب" شكل طاقم إدارته فى الشرق الأوسط بالذات ، على نحو جعل "حكومة إسرائيل فى واشنطن " أكثر تطرفا وهمجية من مثيلتها داخل الكيان ، وإذا كان "نتنياهو" يقود حكومة يمين توراتى فى تل أبيب ، فإن "ترامب" يقود حكومة يمين مسيحى متطرف أكثر ولاء وإيمانا بالكيان "الإسرائيلى" قبل أى شئ آخر ، تسيطر على الكونجرس الأمريكى بمجلسيه ، وعلى وزارة الخارجية بالكامل ، كان الصهاينة اليهود هم عماد المناصب الكبرى فى وزارة خارجية الرئيس السابق "جو بايدن" ، وأصبح الصهاينة المسيحيون هم عماد وزارة خارجية "ترامب" ، حتى أن السفير الذى عينه فى "إسرائيل" أكثر صهيونية من "نتنياهو" و"بن غفير" و"سموتيريتش" ، السفير اسمه "مايك هاكابى" ، وقد كان قسا ومبشرا إنجيليا قبل أن ينتقل إلى ميدان السياسة ، وهو يرفض من الأصل مصطلح الضفة الغربية ، ويصفها كغلاة التوراتيين بأنها "يهودا والسامرة" ، ويعتبر أنه لا وجود ولا حقوق لشئ اسمه الشعب الفلسطينى ، ويتحدث عن استيطان الضفة كحق طبيعى ثابت لليهود وحدهم (!) ، تماما كرئيسه "ترامب" الذى يدعم حرب الإبادة "الإسرائيلية" الجارية فى الضفة اليوم ، ويمهد لإعلان قراره بضم الضفة كلها أو أغلبها لكيان "إسرائيل" نهائيا ، ويعول على تنفيذ خطته الجنونية فى "غزة" ، على أن تبدأ بعد أو بدلا من المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار ، وقد كان "ستيف ويتكوف" مبعوث "ترامب" فى مفاوضات وقف النار صريحا بما يكفى وزيادة ، حين أعلن قبل "ترامب" وبعده.
أن الهدف من المرحلة الثانية هو استكمال إطلاق سراح كل المحتجزين "الإسرائيليين" والأمريكيين الأحياء ، وأن مخطط المرحلة الثالثة الموضوع يحتاج إلى ما أسماه "إعادة ضبط" ، وانتظار عملية تهجير الفلسطينيين من "غزة" قبل أى حديث عن إعادة إعمار ، فيما وضع "ترامب" الوسطاء العرب فى التفاوض تحت الضغط ، وأعلن ـ غير مرة ـ أنه لا ضمانات عنده باستمرار وقف إطلاق النار ، وأن كل الخطوات التالية موقوفة على قبول خطة التهجير واستيلاء أمريكا على "غزة" ، ربما ليضمن أنه لن يكون من دور لحركة حماس بعد الحرب ، ولن يكون من دور لأى فلسطينى آخر ، لأنه لن يكون من فلسطينيين أبدا فى "غزة" بحسب الخطة الترامبية .
ولا تبدو ردود الأفعال الفلسطينية والعربية متناسبة مع التطور الأخير الأخطر بامتياز ، صحيح أن الكل لم يقصروا فى عادة الشجب والتنديد ، أو اعتبار أن "وعد ترامب "أخطر من " وعد بلفور" ، وهذا صحيح ، فقد أعطى "وعد بلفور" ما أسماه "وطنا قوميا لليهود" فى فلسطين ، لكن "وعد ترامب" يعطى اليهود فلسطين كلها وللأبد ، ويحجب عن الشعب الفلسطينى مجرد حق الوجود فوق أرضه (!) ، وحين يتحدث "ترامب" عن الاستيلاء الأمريكى على "غزة" ، فقد لا يعنى ـ بالضرورة ـ إرسال قوات أمريكية لاحتلال غزة ، وعنده قوات "الجيش الإسرائيلى" الذى هو "جيش أمريكى" يكلفه بالمهمة ، فوق وجود قواعد مباشرة باسم الجيش الأمريكى نفسه فى صحراء النقب المحتلة وغيرها ، مع إمكان تحريك أساطيل أمريكا وحاملات طائراتها الضخمة إلى شواطئ "غزة" ، وإعطاء الامتيازات للشركات الأمريكية لاحتكار التنقيب عن البترول والغاز فى بحر "غزة" ، وإنزال قوات "المارينز" على شاطئ "غزة" ، وفرض الحماية الأمريكية المباشرة المعلنة لقوات الاحتلال "الإسرائيلى " فى "غزة" عبر 60 قاعدة أمريكية موزعة فى دول الخليج والمشرق العربى.
ومع أن خطة "ترامب" الجديدة تبدو خيالية بما يكفى وخارج التوقعات ، فإن مقاومتها وإحباطها فى المهد ممكنة ، ليس فقط لأنها تطيح بكل قواعد القانون الدولى ، ونزوات "ترامب" لا تقيم وزنا على أى حال للقانون ولا للأمم المتحدة ومنظماتها ، ولن يعجب أحد لو قرر انسحاب واشنطن من الأمم المتحدة ، أو طرد مقرها الزجاجى من "نيويورك" ، فهو يؤمن بما يسميه "السلام المفروض بالقوة " ، ويعتقد أن لديه القوة الكافية لفرض ما يريده ، ويعتبر أن الدول التى رفضت خطته لتهجير الفلسطينيين سوف ترضخ لأوامره فى نهاية الأمر ، وهذا هو التحدى المطروح اليوم على الشعب الفلسطينى والأمة العربية ونظمها الحاكمة ، فلا معنى يذكر لبيانات الشجب والتنديد وإبداء الامتعاض ، ولا لتكرار اللغو الممل عن طلب الوساطة الأمريكية وغيرها ، وكل ذلك صار مزاحا أسخف من سخف "ترامب" نفسه ، ولا بد من التعامل مع التحدى غير المسبوق على نحو مختلف جذريا ، أولا : بتعبئة تحرك دولى جامع ضد همجية "ترامب" ، واستصدار قرارات أممية لتجريم أى ترحيل للفلسطينيين من وطنهم ، وثانيا : بدعوة كل الأطراف العربية التى لها علاقات مع "إسرائيل" لقطعها فورا ، وإبقاء كل الخيارات مفتوحة دون حد أقصى ، وإعداد خطة إعمار بديلة عاجلة .
وثالثا : بإعلان الاتحاد السياسى الفلسطينى وإقامة إدارة فلسطينية موحدة دون إبطاء على أراضى "غزة" والضفة والقدس المحتلة ، فلم يعد من وقت ولا مجال للتسويفات والمماطلات الداخلية بين "فتح" و"حماس" وغيرهما ، ولا لرفض خيار المقاومة الفلسطينية المسلحة ، ولا لمعاندة إرادة الشعب الفلسطينى المصمم على نيل حقوقه كلها ، وأبسطها حقه المطلق فى تقرير مصيره ، وحقه وواجبه فى الثبات فوق أرضه المقدسة ، وهزيمة خطط الإبادة الأمريكية "الإسرائيلية" إفناء وتهجيرا ، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون .
[email protected]
موقع القدس العربي من هنا
![قوات الاحتلال تقتحم مخيم بلاطة وجنين وطولكرم وشمال رام الله](https://180-news.com/public/assets/images/posts/a8a39b4b-c39f-4fdb-9dc8-ebc5f8e0b537.jpg)
![ترامب ينتقم من جنوب إفريقيا لتضامنها مع غزة.. ماذا قال؟](https://180-news.com/public/assets/images/posts/19_2024-638418872653448393-344.jpg)
![إذاعة جيش الاحتلال: غدا سيتم إطلاق سراح 111 مواطنًا من غزة تم اعتقالهم خلال 7 أكتوبر](https://180-news.com/public/assets/images/posts/images (9).jpeg)
![مصادر: إبراهيم منير يتخذ قرار بإيقاف ٦ من الشورى العام](https://180-news.com/public/assets/images/media/moner.jpeg.webp)
![كيف تحول نشطاء وسياسو الربيع العربي إلى موظفين بإسطنبول](https://180-news.com/public/assets/images/media/201709160832393239.jpeg)
![د. أيمن منصور ندا يكتب : عندما تلقيت اتصالاً من الرئيس السيسي](https://180-news.com/public/assets/images/media/ayman nada.png)
![طارق مهني يكتب : بزنس المعارضة - سبوبة الزنازين](https://180-news.com/public/assets/images/media/tarik artichal.png)
![تقرير : كيف ساهم " أبو دية " عبر أذرعه المالية في تدجين المعارضة المصرية بالخارج](https://180-news.com/public/assets/images/media/photo_2021-11-02 01.53.03.png)
![مسابقة القرآن الكريم الرمضانية : السؤال الرابع ؟](https://180-news.com/public/assets/images/media/Qura-19.jpg)
![مسابقة القرآن الكريم الرمضانية : السؤال الثالث ؟](https://180-news.com/public/assets/images/media/Qura-19.jpg)
![مسابقة القرآن الكريم الرمضانية : السؤال الثاني ؟](https://180-news.com/public/assets/images/media/Qura-19.jpg)