- ℃ 11 تركيا
- 1 فبراير 2025
محند أمقران عبدلي يكتب: غطرسة فرنسية.، و"لوبيات جزائرية"!
محند أمقران عبدلي يكتب: غطرسة فرنسية.، و"لوبيات جزائرية"!
- 1 فبراير 2025, 3:53:50 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لم تهدأ العلاقات الفرنسية الجزائرية يوما ، هناك فترات ركود نسبي شاب هذه العلاقات التي ستظل حبيسة اوجاع الذاكرة من جهة و عقد التعالي من المستعمر القديم و أحلام السيطرة و الحكامة .
لماذا تثار هذه الموجات و التشنجات بين الفينة و الأخرى بين اللدودين ؟ ، هل وصلت العلاقات فعلا إلى نقطة اللارجوع؟ هل تمثل الجزائر لوحدها انعكاسا لتراجع رهيب لسياسات فرنسا في إفريقيا ؟.
كيف يمكن للجزائر أن تجعل من هذا التراجع الفرنسي حصان طروادة،لسياسة جديدة في التعامل مع فرنسا مبنية على النفوذ و الضغط؟
هل ستولد لوبيات جزائرية في فرنسا على المدى المتوسط؟ هل يشكل المؤثرون على التواصل الاجتماعي أداة ضغط محمودة العواقب للجزائر؟ هل ستتمكن باريس و الجزائر من الخروج من دائرة المد و الجزر في علاقتهما و الدخول في مصالحة تاريخية ؟
هي جملة من أسئلة كثيرة ،مشروعة نظرا لوزن كلا البلدين في أوربا أو إفريقيا.
بعيدا عن التحليلات الخبثية خاصة من الجانب الفرنسي،التي تبقى مشدودة إلى الماضي بعقدة الإستعلاء ، تبقى أوساط معتبرة من المجتمع الفرنسي أحزابا سياسية ،جمعيات ،نقابات خاصة من اليسار تدعو للكف عن التلاعب بماض مشترك وجب التصالح معه لبناء مستقبل مبني على الذاكرة المشتركة و الشراكة.
تبقى وسائل الإعلام الفرنسية منبهرة نوعا ما بظاهرة المؤثرين الجزائريين أو الفرنكو جزايريين في فرنسا ، لم تعهد مثل هذه الوسائط ربما في التعامل مع الجزائر، كثر الحديث كذلك عن لوبي جزائري موال للنظام من فرنسا ،و كأنها ظاهرة غريبة ،رغم أن الكثير من اللوبيات منشأها فرنسا ،مثل اللوبي الأرميني، محاولات انشاء جماعات ضغط مغربية ، حركات متطرفة جزائرية، فالأمر ليس بجديد و الممارسة موجودة . لماذا تذهب أوساط فرنسية للتأسيس لفوبيا جزائرية على أراضيها ؟ أهي واعية بخطورة و أهمية تكون لوبي حقيقي يدافع عن مصالح الجزائر في فرنسا ؟
قد يقول الكثير أن هذا اللوبي إن تشكل فسوف يكون تابعا للنظام في الجزائر، أي يخدم مصالح النظام لا الجالية . و ما المانع في ذلك ؟ الأمر مستبعد نوعاما بالنظر لأهمية الإحاطة بشؤون الجالية في أي خطوة استباقية لتشكيل لوبيات حقيقية ،رغم أن المقدرات موجودة فعلا ،فالجالية الجزائرية في فرنسا من أكبر الجاليات و تواجدها متشعب و قديم و نافذ في الأنسجة السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الإجتماعية في فرنسا . سوف يشكل هذا اللوبي المفترض الإجابة العقلانية للغطرسة التي تتميز بها الدولة الفرنسية اتجاه الجزائر ، و حتى وإن لم يشاطرني الكثير ربما في مدى نجاعة و إمكانية تحقق هذا السيناريو على المدى المتوسط نظرا لهشاشة العلاقات بين أفراد الجالية و قلة أو ضعف التضامن إلا أن هذا السيناريو قابل للتحقق. بالموازاة مع هذه الحركية ،فردود الأفعال في الداخل الجزائري لا تزال تتسم بالرتابة و العمومية و الشعبوية رغم أن مؤسسات الحكامة و المجتمع المدني و الجامعة لديها من الكفاءات العلمية و النضالية و التقنية مايمكنها من الرد على أوهام اليمين المتطرف الفرنسي و المواقف الرسمية الفرنسية ،بالكثير من الأدلة الدامغة من قراءات الفعل التاريخي و السياسي و الدبلوماسي بين البلدين خدمة للوعي الداخلي و تنويرا للعقول الجزائرية .
بعيدا عن الوصف الفرنسي للعلاقات الجزائرية الفرنسية كونها قصة غرام ممنوع ،أو أزمة العاشق الولهان المنتظر و هو وصف خبيث ، خبث الظاهرة الاستدمارية .
لا يمكن تحليل التجاذبات بين الجزائر و فرنسا بعيدا عن الداخل الفرنسي و الجزائري و بعيدا عن محور التحالفات المتجدد و افرازات العلاقات الدولية في هذه المرحلة ، التغيرات في أفريقيا، الشرق الأوسط ،الحرب الروسية الاوكرانية ، العهدة الجديدة الترومبية، الغليان في الامريكتين على محور كندا ،كولمبيا كلها عوامل متفاوتة التأثير .
على صانع القرار خاصة في الجزائر أن ينتبه إلى الفرصة التاريخية المتاحة لعقلنة الترابط مع الجالية في الخارج عموما و فرنسا خاصة ، التوجه إلى التوظيف الأحسن للكفاءات للتعبير عن المصلحة الوطنية ،الإبتعاد عن الشعبوية في الطرح و التفاعل مع الأحداث و مختلف التجاذبات مع فرنسا اللدودة.