معهد بحوث الأمن القومي: ثلاثة بدائل استراتيجية لقطاع غزة

profile
  • clock 13 أبريل 2025, 8:58:25 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
ثلاثة بدائل استراتيجية لقطاع غزة

معهد بحوث الأمن القومي (INSS) - عوفر غوترمان

بعد قرابة عام ونصف من الحرب في قطاع غزة، تقف "إسرائيل" عند مفترق طرق، وعليها صياغة استراتيجية مناسبة لمستقبل القطاع. تواجه "إسرائيل" مجموعة من البدائل القاتمة، جميعها إشكالية في آثارها وجدواها: تشجيع “الهجرة الطوعية” – وهو خيار لم تُدرس عواقبه الاستراتيجية بدقة في إسرائيل، وإمكانية تحقيقه ضعيفة؛ احتلال القطاع وفرض حكم عسكري مطول – مع أن هذا قد يُضعف حماس بشدة، إلا أنه لا يضمن القضاء عليها، وينطوي على خطر تعريض الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس للخطر، وتكبد تكاليف باهظة أخرى طويلة الأجل على "إسرائيل"؛ إقامة حكم فلسطيني معتدل في القطاع بدعم دولي وعربي – وهو خيار تكاليفه على "إسرائيل" منخفضة، لكنه يفتقر حاليًا إلى آلية فعالة لنزع سلاح القطاع وتفكيك قدرات حماس العسكرية؛ وأخيرًا، احتمال فشل مبادرات الاستقرار السياسي والعسكري، مما يُبقي حماس في السلطة.

الافتراض الأساسي في تحليل هذه البدائل هو أن عودة الرهائن أولوية أعلى من انهيار حكم حماس في القطاع. ولأغراض التحليل المهني، تم حذف خطة إطلاق سراح الرهائن من البدائل المختلفة لغزة، على أمل أن يتم السعي لتحقيقها بغض النظر عن البديل المُختار.

يكمن التوتر الرئيسي الناتج عن هذا التحليل في الرغبة في ضمان انهيار حكم حماس وتفكيك جناحها العسكري، مقابل التداعيات الجسيمة على "إسرائيل" لاحتلال القطاع والسيطرة عليه لفترة طويلة. في الوقت نفسه، يبدو أن التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية لإدارة ترامب تؤثر أيضًا على إدارة الأزمة في غزة، مما يُضيّق نطاق المناورة السياسية لـ"إسرائيل" ويزيد من اعتمادها على مصالح وإملاءات الإدارة الأمريكية.

بالإضافة إلى ذلك، بينما تبدو الإدارة ملتزمة بتحييد التهديد العسكري الذي تُشكله حماس، فإنها ترغب أيضًا في إنهاء الحرب في القطاع وتعزيز رؤية إقليمية للسلام والازدهار الاقتصادي، بما يتماشى مع تنافسها مع الصين على الهيمنة العالمية.

في ظل هذه الظروف، تُوصي هذه الوثيقة بتنفيذ استراتيجية ثنائية الأبعاد تجمع بين العمل العسكري والسياسي: جهد عسكري مكثف ومتواصل، لا يهدف فقط إلى تقويض حماس وقدراتها، بل أيضًا إلى إرساء أسس استقرار بديل حاكم لحماس؛ وبالتوازي مع ذلك، مبادرة سياسية لبناء بديل حاكم معتدل تدريجيًا في قطاع غزة، من شأنه أيضًا دعم وتسريع نجاح الجهد العسكري.

تتطلب هذه الاستراتيجية تعاونًا وثيقًا مع الدول العربية، وينبغي أن تكون جزءًا من اتفاق إقليمي يشمل التطبيع مع المملكة العربية السعودية وخطوات نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. بالنسبة للفلسطينيين، فإن الأفق السياسي المتوخى في هذه الاستراتيجية هو أفق استقلال وسيادة محدودين. أما بالنسبة لـ"إسرائيل"، فتحافظ الخطة على الحرية الأمنية والعملياتية والجهود المستمرة للقضاء على حماس وإحباط التهديدات الناشئة في القطاع، من خلال مزيج من التدابير العسكرية والاقتصادية والقانونية والسياسية.

هذه الاستراتيجية المقترحة أكثر تعقيدًا في التنفيذ مقارنةً بالبدائل أحادية البعد التي تُناقش حاليًا في "إسرائيل". ولكن هذه الاستراتيجية واقعية من حيث جدواها العملية، وعلى النقيض من البدائل الأخرى، فإنها تمتلك القدرة على تشكيل قطاع غزة ضمن منظور واسع من المصالح الوطنية، ومن خلال إدارة أكثر ذكاء وتوازناً للمخاطر والموارد: موازنة المخاطر والاحتياجات الأمنية في غزة وغيرها من الساحات، والاستفادة من الفرصة السياسية لإنهاء الصراع الإسرائيلي العربي وإنشاء تحالف إقليمي من شأنه أن يحسن تاريخياً الموقف الاستراتيجي لـ"إسرائيل"، مع الأخذ في الاعتبار الآثار العميقة لقضية غزة على اقتصاد "إسرائيل" وسياساتها ومجتمعها.

التعليقات (0)