- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
«لا فرق بين ديمقراطي وجمهوري».. هكذا تسبب بايدن وترامب في انهيار أفغانستان
«لا فرق بين ديمقراطي وجمهوري».. هكذا تسبب بايدن وترامب في انهيار أفغانستان
- 22 مايو 2022, 6:08:56 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نشرت مجلة فورين بوليسي تحليلًا للكاتبة لين أودونيل، وهي كاتبة عمود في المجلة الأمريكية وصحافية ومؤلفة أسترالية، حول تداعي أفغانستان بعد انسحاب القوات الامريكية، مُلقيةً باللوم على السياسية الأمريكي الخاطئة التي مثَّلت تخليًا عن قوات الأمن الأفغانية الوطنية، وسحب الدعم لها بصورة مفاجئة؛ وهو ما أدَّى إلى انهيارها وهزيمتها أمام طالبان.
وتستهل الكاتبة تحليلها بالقول: كان الانهيار الذي تصفه بالكارثي للجمهورية الأفغانية، والاستيلاء اللاحق على البلاد، على يد ما وصفتهم الكاتبة بـ(عصابة من الإرهابيين)، و(مهربي المخدرات)، و(كارهي النساء) نتيجة مباشرة للقرارات التي اتخذها رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبون بالتعامل مباشرةً مع طالبان والوفاء بوعود من جانب واحد بسحب القوات العسكرية التي كانت ضرورية لبقاء الدولة. وهذا هو الاستنتاج المدمر الذي توصَّل إليه «مكتب المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان (SIGAR)»، هيئة الرقابة الرئيسة للحكومة الأمريكية في أفغانستان، والذي قدَّمه في تقرير إلى لجنتين من الكونجرس.
أفغانستان: قرارات أمريكية خاطئة
تلفت الكاتبة إلى أن الصفقة الثنائية للرئيس السابق دونالد ترامب (الجمهوري) مع طالبان، وقرار الرئيس جو بايدن (الديمقراطي) بالتمسك بها، تسبَّبت في تفكك قوات الأمن الأفغانية. ودفع انهيار تلك القوات أعضاءَ بارزين في الحكومة الأفغانية، بمن فيهم الرئيس أشرف غني ومستشاره للأمن القومي، حمد الله محب، إلى الفرار من البلاد مع دخول طالبان كابول في 15 أغسطس (آب) 2021، ليفسحوا بذلك المجال أمام طالبان لاستكمال هزيمة الحكومة الأفغانية وادِّعاء النصر.
وخلُص مكتب المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان إلى أن الاتفاق المعيب بين ترامب وطالبان، الذي وُقِّع في 29 فبراير (شباط) 2020، وقرار بايدن بمتابعة شروط الانسحاب – على الرغم من فشل طالبان في الوفاء بالتزاماتها، مثل قطع العلاقات مع القاعدة – دمَّر معنويات قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية.
وأوضحت الكاتبة أنه جرى دعم الجيش الأفغاني والقوات الخاصة والقوات الجوية والشرطة العسكرية بما يقرب من 90 مليار دولار من المساعدات الأمنية الأمريكية بين عامي 2002 و2021. ويقول مكتب المفتش العام إن الأفغان اعتمدوا على القوات الأمريكية وعلى الضربات الجوية اعتمادًا حاسمًا؛ مما أعطى الجمهورية تفوقها الحقيقي الوحيد في ساحة المعركة ضد طالبان.
كما وافق ترامب على سحب ليس القوات الأمريكية فحسب ولكن المتعاقدين الذين أبقوا طائرات الهليكوبتر والطائرات المقاتلة في الجو. وفاقمَ الانسحاب السريع للقوات الأمريكية مشكلات تدني الرواتب في الجيش الأفغاني التي كانت لا تُدفَع في كثيرٍ من الأحيان، وتداعي الخدمات اللوجستية؛ مما يعني عدم وصول الطعام والذخيرة، والقيادة (الفاسدة) التي كانت تسرق الأسلحة والوقود، والتي كان ينتهي بها الأمر في كثير من الأحيان إلى أيدي طالبان.
عنصر من طالبان
وتضيف الكاتبة أن النتائج تأتي في تقرير مؤقت حول انهيار قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية، بالإضافة إلى نقاط الضعف في تطويرها على مدى عقدين، مُقدَّم إلى لجنتي الإشراف والإصلاح، والخدمات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي. ومن المقرر تقديم التقرير الكامل في وقت لاحق من العام الحالي 2022. وتتوافق الاستنتاجات حتى الآن مع روايات الأحداث التي قالت بها قوى فاعلة عديدة في الحكومة الأفغانية، بما في ذلك محب، مستشار الأمن القومي الأفغاني السابق، الذي قال إن انهيار قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية بدأ في فبراير 2020 مع اتفاق ترامب وطالبان.
صفقة ترامب بيَّضت صفحة طالبان
تقول الكاتبة إنه في حديثه هذا الشهر في اتحاد أكسفورد، وهي جمعية نقاش في أكسفورد بإنجلترا، قال محب إن صفقة ترامب والمحادثات اللاحقة مع قادة المتمردين – وكثير منهم وصفتهم الكاتبة بـ(إرهابيين) فُرضت عليهم عقوبات دولية – أدت إلى تبييض صفحة حركة طالبان باعتبارها «الحكومة المرتقبة» عن طريق استبعاد الحكومة المدعومة من التحالف الغربي.
وتنقل الكاتبة عن محب قوله: «قاتلت قوات الأمن بشجاعة بقدر ما تستطيع، وبعد ذلك عندما شعرت أنها معركة خاسرة، كان هناك تدهور في الروح المعنوية، وانتهى الأمر بتوقفهم عن القتال. أعتقد، كما في أي حرب، أنه من المهم معرفة من هو العدو، وعندما يكون هذا الخط.. ضبابيًّا، يصبح من الصعب حقًا على أي جندي أن يكون قادرًا على الاستمرار في القتال».
وتستطرد الكاتبة: ألقت إدارة بايدن باللوم على الجيش الأفغاني في انهيار الجمهورية. وكان الجيش يفتقر، كما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، إلى «الإرادة السياسية للقتال». ووجد مكتب المفتش العام أن القوات الأفغانية ما كان يمكنها البقاء والاستمرار بمجرد تبخُّر الدعم الأمريكي فجأة، وهو الذي مكَّنها من صد تمرد شرس لمدة 20 عامًا. ومن دون هذا الدعم هربت القوات الأفغانية والميليشيات المدنية التي قاتلت إلى جانبها، أمام تقدم طالبان. وأشار مكتب المفتش العام في تقريره إلى أن بعض عواصم الأقاليم «جرى الاستيلاء عليها بعد قتال بسيط، أو دون قتال على الإطلاق».
عوامل فشل قوات الدفاع والأمن الأفغانية
وألمحت الكاتبة إلى مكتب المفتش العام الدولي حدد ستة عوامل أسهمت في فشل قوات الدفاع والأمن الأفغانية، وتصدرت قرارات ترامب وبايدن القائمة، تلاها فقدان الدعم الجوي الأمريكي وأشكال الدعم الأخرى. وشملت العوامل الأخرى التغييرات المتكررة التي أجراها غني على قيادة قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية وتعيينه الموالين في المناصب القيادية وعدم وجود خطة للأمن القومي، وعدم استدامة قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية بسبب ارتفاع عدد الضحايا ومعدلات الاستنزاف واستغلال طالبان لنقاط الضعف تلك.
الحياة تحت حكم طالبان
وبحسب الكاتبة فقد ساعد وجود القوات الأمريكية في إقناع قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية بأن كابول ستواصل دفع رواتبهم، على الأقل نظريًّا، والتخلص من المسؤولين الفاسدين. وبالمثل، طالما كان هناك وجود أمريكي، اعتقدت النخبة الأفغانية أن البقاء في البلاد آمنًا. وسرعان ما تراجعت هذه الثقة مع نمو شرعية طالبان. وسرعان ما بدأت جميع القوى الفاعلة في الصراع في أفغانستان، من الحكومات الإقليمية إلى وسطاء السلطة المحليين والدول المجاورة، في التحوط في تحالفاتهم. وقالت مصادر إن بعض (أمراء الحرب) تعاملوا بالفعل مباشرة مع قيادة طالبان. وحظي قادة طالبان بالتكريم في موسكو، وبكين، وطهران، وإسلام أباد.
وساعدت التنازلات الأمريكية لطالبان – بما في ذلك إطلاق سراح الآلاف من سجناء طالبان مقابل لا شيء، ودون استشارة الحكومة في كابول – على قلب الموازين ضد بقاء الجمهورية.
المجتمع الدولي يحذو حذو واشنطن
وكتب أحمد شجاع جمال، المدير العام السابق للعلاقات الدولية في مجلس الأمن القومي الأفغاني، والموجود الآن في المنفى، وويليام مالي، الخبير في شؤون أفغانستان في الجامعة الوطنية الأسترالية، أن «المجتمع الدولي، بعد أن لاحظ التحول في السياسة الأمريكية، عدَّل موقفه وفقًا لذلك».
وخلص الكاتبان إلى أن «التنازلات الأمريكية والتوجُّهات المتغيرة للمجتمع الدولي عملت على نحو متزايد في غير صالح الدولة الأفغانية. ووعدت الإدارة الأمريكية الجديدة بتصحيح المسار، لكنها لم تفعل ذلك»، بحسب ما تختم الكاتبة.