أتلانتك كاونسل: أزمة الغذاء والمناخ تهدد بموجة اضطرابات واسعة في الشرق الأوسط

profile
  • clock 6 سبتمبر 2022, 10:18:50 ص
  • eye 910
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تسببت التحديات التي واجهها العالم هذا العام في تحويل أنظار المجتمع الدولي بعيدًا عن قضايا خطيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تعاني من ندرة المياه وتفاقم الصراعات. ولابد أن تكون هناك وقفة لدول المنطقة وللأطراف التي لديها شراكات مهمة مع هذه الدول.

ولا تزال جراح الحرب الأهلية مستمرة في العديد من دول المنطقة منذ عام 2011 عندما أدت أزمات أسعار الغذاء في عامي 2008-2009 و2010-2011 إلى تفاقم المظالم الاقتصادية والسياسية الموجودة مسبقًا، مما أدى إلى اندلاع انتفاضات شعبية متزامنة في عدد من الدول العربية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك حرب مستعرة خارج المنطقة لكن صداها يتردد في المنطقة. وتهدد هذه الحرب بمزيد من عرقلة جهود المجتمع الدولي لمعالجة أزمة المناخ، وخلق ظروف لا تطاق للملايين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وجاء الغزو الروسي لأوكرانيا في أعقاب عامين مروعين تسبب فيهما وباء "كوفيد" في فوضى اقتصادية على مستوى العالم حيث تفاقمت الخسائر المالية ومعدلات البطالة، وتعطلت سلاسل التوريد لكل شيء من الغذاء إلى الرقائق الدقيقة، وترك الوباء وتداعياته المنتجين والمستهلكين يكافحون.

والآن تصب الحرب الروسية الزيت على ألسنة اللهب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

انعدام الأمن الغذائي وتغير المناخ

كان آخر شيء تحتاجه المنطقة هو صدمة اقتصادية أخرى لسلاسل الإمداد الغذائي العالمية. وتعتمد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل كبير على الإمدادات من روسيا وأوكرانيا اللتين تمثلان 27% و 53% على التوالي من التجارة العالمية للقمح وزيت عباد الشمس والبذور.

وتعد أوكرانيا وروسيا مصدرا لأكثر من 50% من واردات القمح في 5 دول على الأقل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: مصر والسودان وليبيا وتونس واليمن. وترتفع هذه النسبة إلى 75% وأكثر من 80% في السودان ومصر على التوالي. وتعتمد سوريا في الغالب على روسيا في وارداتها من القمح، بينما تستورد الأردن معظم قمحها من رومانيا وأقل من 10% من أوكرانيا.

وقد يؤدي استمرار الحرب إلى تفاقم تضخم أسعار المواد الغذائية وتعميق الفقر وزيادة مخاطر الاضطرابات الاجتماعية في الشرق الأوسط. وقبل وقت طويل من تأثير الوباء على الاقتصاد العالمي، كانت نسب الفقر كبيرة بالفعل في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وتعد بيانات الفقر الحالية لفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أصعب البيانات التي يمكن الحصول عليها حيث تشير أحدث البيانات المنشورة إلى أن نسبة الفقراء كانت 15.7% في الأردن (2018)، و 32.5% في مصر (2017)، و 15.2% في تونس (2015)، بناءً على خطوط الفقر الوطنية. وفي السودان كانت نسبة الفقراء 44% بينما كانت النسبة 48.6% في اليمن في عام 2014 (بناءً على خط الفقر العالمي الذي يحدده ​​البنك الدولي: 3.2 دولار في اليوم).

ولا يمكن وصف الوضع في اليمن ببساطة بمصطلحات الفقر أو انعدام الأمن الغذائي حيث يعاني البلد من أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وفي الوقت نفسه فإن سوريا، التي لا تبلغ حكومتها عن بيانات الفقر، تعاني من حالة طوارئ إنسانية منذ عام 2011.

ويعد تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) الذي صدر في أبريل/نيسان بمثابة جرس إنذار للمجتمع الدولي، لا سيما منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا - المنطقة الأكثر جفافاً على وجه الأرض - لإعادة ترتيب أولوياتها.

وتواصلت الانبعاثات العالمية لغازات الاحتباس الحراري خلال الفترة 2010-2019 دون أي تحسن يذكر، ويبدو أن ذلك سيتواصل خلال هذا القرن. وإذا استمر العالم في مساره الحالي، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستكون غير صالحة للحياة بشكل متزايد.

وتعتبر التداعيات الهيدرولوجية كارثية بالنسبة لهذه المنطقة التي تعاني من ندرة المياه وتزايد الجفاف. وتضم المنطقة الصحراء الأفريقية الكبرى والصحراء الكبرى في شبه الجزيرة العربية. وحتى داخل أحواض الأنهار العابرة للحدود، تضم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعضًا من أكثر دول العالم جفافاً، بما في ذلك تونس والجزائر ومصر والأردن.

كما إن هناك آثارا مقلقة أخرى للاحترار العالمي على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقد تسببت موجات الحرارة الممتدة وغير المسبوقة وارتفاع مستوى سطح البحر في إهدار مساحات واسعة من الأراضي الخصبة، وهو ما يؤثر بشكل كبير على الزراعة التي تعد ركيزة من ركائز الأمن الغذائي في بلدان مثل مصر والسودان والمغرب والعراق.

تأثير حرب أوكرانيا

يمكن أن تصبح ظروف الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أسوأ مع استمرار الحرب الروسية حيث يتواصل الضغط والنقص في سلاسل الإمداد الغذائي العالمية التي تعتمد عليها المنطقة بشدة.

وخلال جلسة مجلس الأمن في 23 مارس/آذار للتصدي للأزمة الإنسانية في أوكرانيا، حذر رئيس الأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريس" قادة العالم من تحويل الانتباه والأموال بعيدًا عن النقاط الساخنة الإنسانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع تأثر ملايين الأشخاص لا سيما في اليمن وسوريا.

وفي عام 2021، جدد الرئيس الأمريكي "جو بايدن" التزام الولايات المتحدة باتفاقية باريس لعام 2015. وأعاد القرار الأمل في أن تتعاون الولايات المتحدة مرة أخرى مع المجتمع الدولي لحشد الجهود لمعالجة أزمة المناخ.

وفي هذه المرحلة من الأزمة، من الضروري التزام ليس فقط الولايات المتحدة بل جميع الدول الصناعية الرائدة باتخاذ إجراءات مناخية قوية إلى جانب الدعم المناسب في الوقت المناسب للدول الهشة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ومن أكثر الإجراءات إلحاحًا الآن تدابير المساعدة قصيرة ومتوسطة المدى لتحقيق الاستقرار في المجتمعات الحضرية والزراعية المهمشة في الأردن والمغرب وتونس ومصر وهي الدول الوحيدة المتماسكة وذات الدخل المتوسط ​في المنطقة في الوقت الحاضر. ويعد استقرار هذه الدول مهما في هذه اللحظة حتى تعبر المنطقة هذه العاصفة الاقتصادية المدوية.

وأدت ندرة المياه العذبة والاعتماد على الواردات الغذائية والتعرض لصدمات التجارة الغذائية الدولية إلى صعوبة التعامل مع أزمة الغذاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويجب على الدول الصناعية أن تولي اهتماما بتخفيف الضغوط المعقدة التي يتعرض لها سكان هذه المنطقة من أجل تجنب عدم الاستقرار المتجدد الذي سيكون أكثر تكلفة.

باختصار، لن يتحمل العالم الآن اندلاع موجة جديدة من الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

المصدر | أمل قنديل/ أتلانتك كاونسل

التعليقات (0)