- ℃ 11 تركيا
- 15 نوفمبر 2024
ألطاف موتي يكتب : القتال تحت الأرض: أساليب وتقنيات حرب أنفاق غزة
ألطاف موتي يكتب : القتال تحت الأرض: أساليب وتقنيات حرب أنفاق غزة
- 1 ديسمبر 2023, 4:52:20 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الصراع بين حماس وإسرائيل مستعر منذ عقود، ولكن في السنوات الأخيرة، اتخذ منعطفا جديدا ومميتا: حرب الأنفاق. تستخدم حماس الأنفاق تحت الأرض لشن حرب عصابات يصعب اكتشافها ومنعها ووقفها. لقد أصبحت الأنفاق رصيدا استراتيجيا لحماس وتحديا كبيرا لإسرائيل. هذه الأنفاق مستهدفة أيضًا من قبل إسرائيل التي تعتبرها تهديدًا أمنيًا خطيرًا وتستخدم أساليب وتقنيات مختلفة لتحديد مواقعها وتدميرها. سنستكشف هنا خلفية الأنفاق وأهدافها وميزاتها وعواقبها، والتقنيات والأدوات التي يستخدمها الجانبان للقتال تحت الأرض.
تاريخ الأنفاق والغرض منها
تستخدم حماس أنفاق غزة بشكل أساسي للقتال ضد إسرائيل. تم حفر الأنفاق لأول مرة في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، خلال الانتفاضة الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي. وكانت تستخدم في البداية لنقل البضائع عبر الحدود مع مصر وكذلك للاختباء والهروب من الغارات الإسرائيلية. بعد انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، قامت حماس بتوسيع الأنفاق واستخدامها كقاعدة لإطلاق الصواريخ والتسلل إلى الأراضي الإسرائيلية. وتستخدم الأنفاق أيضًا كملاجئ ومراكز قيادة ومستشفيات ومرافق تخزين لمقاتلي حماس والمدنيين. ويقدر طول الأنفاق بحوالي 300 كيلومتر، وبعضها مقوى بالخرسانة ومجهز بالكهرباء والتهوية.
وكانت الأنفاق بمثابة شريان الحياة لسكان غزة الذين يواجهون حصارًا من قبل إسرائيل، ونقصًا في السلع
والخدمات الأساسية. وتسمح الأنفاق بنقل المواد الغذائية والأدوية والوقود ومواد البناء وحتى الحيوانات والمركبات. وتشكل الأنفاق أيضا مصدرا للدخل والعمالة لكثير من سكان غزة الذين يعملون كحفارين أو تجار أو ينتمون إلى مهن أخرى. وتشير التقديرات إلى أن تجارة الأنفاق تدر ملايين الدولارات سنويًا، وتمثل ما يصل إلى 40% من الناتج المحلي الإجمالي لغزة.
وتعد هذه الأنفاق رمزًا للمقاومة والصمود بالنسبة للفلسطينيين الذين يعتبرونها وسيلة لتحدي الاحتلال والحصار الإسرائيلي. من ناحية أخرى ، هذه الأنفاق هي هدف الدمار والجدل للإسرائيليين.
تصميم وهيكل الأنفاق
أنفاق غزة معقدة وواسعة جدا، وقد استثمرت حماس الكثير من الموارد والجهود لبنائها وصيانتها. عادة ما تكون الأنفاق على عمق حوالي 20 مترًا (65 قدمًا) تحت الأرض، لكن بعضها يمكن أن يصل عمقه إلى 70 مترًا (230 قدمًا) تحت سطح الأرض. بعض الأنفاق مخفية تحت المباني المدنية مما يجعل من الصعب اكتشافها وتدميرها دون التسبب في أضرار جانبية.
للأنفاق أنواع ووظائف مختلفة حسب موقعها والغرض منها. بعض الأنواع الرئيسية للأنفاق هي:
- أنفاق النقل: هي الأنفاق التي تربط غزة بمصر، وتستخدم لنقل البضائع عبر الحدود. وغالباً ما تكون هذه الأنفاق ضيقة وضحلة، ويتم حفرها يدوياً أو بأدوات بسيطة. كما أن هذه الأنفاق معرضة للفيضانات والانهيارات والإغلاق من قبل السلطات المصرية.
- أنفاق الهجوم: هي الأنفاق التي تعبر الحدود مع إسرائيل، وتستخدم لإطلاق الصواريخ والتسلل إلى الأراضي الإسرائيلية. وغالباً ما تكون هذه الأنفاق واسعة وعميقة، ويتم حفرها بالجرافات والمتفجرات. كما تم تدعيم هذه الأنفاق بالخرسانة والمعدن، ومجهزة بالكهرباء والتهوية. هذه الأنفاق أيضا مفخخة بالمتفجرات ومزودة بكاميرات وأجهزة استشعار.
- الأنفاق الدفاعية: هي الأنفاق التي تمر تحت قطاع غزة، وتستخدم للاختباء والهروب من الغارات الإسرائيلية، وتخزين ونقل المعدات. هذه الأنفاق واسعة وعميقة، ومحفورة بالجرافات والمتفجرات. كما أنها معززة بالخرسانة والمعادن، ومجهزة بالكهرباء والتهوية. وهي بمثابة ملاجئ ومراكز قيادة ومستشفيات ومرافق تخزين لمقاتلي حماس والمدنيين.
الأنفاق استراتيجية للغاية ومتعددة الاستخدامات، وتستخدمها حماس لأغراض مختلفة. وتسمح الأنفاق لحماس بالتهرب من الغارات الجوية، ونقل المقاتلين والأسلحة، وشن هجمات مفاجئة وزرع القنابل. كما تتيح الأنفاق لحماس الحفاظ على وجودها ونفوذها في قطاع غزة، حتى بعد خسارتها معظم أراضيها أمام القوات الإسرائيلية. وتمنح الأنفاق حماس ميزة في الحرب غير المتكافئة حيث يمكنها مفاجأة القوات الإسرائيلية ونصب الكمائن لها وتجنب المواجهة المباشرة.
الأساليب والتقنيات المستخدمة لتحديد موقع الأنفاق وتدميرها
تشكل الأنفاق تحديًا كبيرًا لإسرائيل في هذا الصراع لأنها معقدة للغاية وواسعة النطاق واستراتيجية. وأطلقت إسرائيل عدة عمليات لتحديد مواقع الأنفاق وهدمها، باستخدام أساليب وتقنيات مختلفة. بعض الأساليب والتقنيات الرئيسية هي:
-القنابل الإسفنجية: القنابل الإسفنجية عبارة عن جهاز متخصص مصمم لإغلاق نهاية النفق. وهي صغيرة بما يكفي بحيث يمكن لشخص واحد أن يضعها، وهي قنبلة كيميائية غير متفجرة تطلق دفعة من الرغوة المتوسعة التي تتصلب بسرعة.
تخطط إسرائيل لاستخدام القنابل الإسفنجية في غاراتها البرية للقتال عبر متاهة أنفاق حماس في قطاع غزة. ومن شأن القنابل الإسفنجية أن تمنع تعرض الجنود الإسرائيليين لكمين أثناء تقدمهم داخل الشبكة، مما يؤدي إلى إغلاق الفجوات أو مداخل الأنفاق التي قد يخرج منها مقاتلو حماس. كما أن القنابل الإسفنجية ستحاصر أي مقاتلين مختبئين في الأنفاق، وتقطع طرق هروبهم وإمداداتهم. القنابل الإسفنجية موجودة في حاوية بلاستيكية ذات حاجز معدني يفصل بين سائلين. وبمجرد إزالة القسم، يختلط السائلان، ويتم ضبط الجهاز على هدفه أو رميه. ومع ذلك، فإن استخدام القنابل الإسفنجية خطير أيضًا، وقد فقد بعض الجنود الإسرائيليين أبصارهم بسبب سوء التعامل مع الخليط.
- الضربات الجوية: استخدمت إسرائيل قواتها الجوية لقصف الأنفاق باستخدام ذخائر دقيقة التوجيه وقنابل خارقة للتحصينات. كما استخدمت إسرائيل الطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية لرصد واستهداف الأنفاق. ومع ذلك، فإن الغارات الجوية ليست فعالة للغاية، حيث لا يمكنها الوصول إلا إلى الأنفاق الضحلة، ويمكن أن تسبب أضرارًا جانبية للمدنيين والبنية التحتية.
- القوات البرية: استخدمت إسرائيل قواتها البرية للدخول إلى قطاع غزة والبحث عن الأنفاق باستخدام الجرافات والمتفجرات والكلاب. كما استخدمت إسرائيل جنودا مدربين على التنقل والقتال في الأنفاق المعروفة باسم فئران الأنفاق. ومع ذلك ، فإن العمليات البرية محفوفة بالمخاطر للغاية ، لأنها تعرض الجنود للكمائن والأفخاخ المتفجرة والقناصة.
- أجهزة الاستشعار: استخدمت إسرائيل أجهزة استشعار مختلفة للكشف عن الأنفاق تحت الأرض وتحديدها مثل الزلازل والصوتية والمغناطيسية والحرارية. كما طورت إسرائيل نظام استشعار جديد يمكنه تحديد موقع الأنفاق تحت الأرض وتحديدها.
- الحاجز: أقامت إسرائيل حاجزا ضخما تحت الأرض على طول الحدود مع غزة لمنع حفر الأنفاق وعبورها. والحاجز مصنوع من الخرسانة والفولاذ ومزود بأجهزة استشعار وكاميرات. كما أن الحاجز مكهرب ويتم مراقبته بواسطة طائرات بدون طيار وروبوتات. وسيتم الانتهاء من الحاجز بحلول عام 2024، وتكلفته حوالي 1.5 مليار دولار.
في الواقع، أثرت الأنفاق على الديناميات السياسية والدبلوماسية للمنطقة وكذلك على المجتمع الدولي. وقد عززت هذه الأنفاق مكانة وشعبية حركة حماس، حيث تقدم نفسها كمدافع وممثل للقضية والمقاومة الفلسطينية. كما أضعفت الأنفاق دور السلطة الفلسطينية ومصداقيتها لأنها تبدو كجهة فاعلة عاجزة وغير ذات صلة في الصراع. وشكلت هذه الأنفاق أيضا تحديا لعلاقات ومصالح إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة في سعيهما لتحقيق التوازن بين مخاوفهما الأمنية والاستقرار والتزاماتهما الإنسانية والقانونية.