- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
أيمن تيسير دلول يكتب: فلسطين التي تترنح أمام هجرة عقولها
أيمن تيسير دلول يكتب: فلسطين التي تترنح أمام هجرة عقولها
- 28 ديسمبر 2022, 9:13:57 ص
- 471
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في الدول والأنظمة التي تحترم ذاتها لكل فرد داخل المجتمع أهمية بالغة، ودوره بالغ الحساسية في حمل سفينة بلاده إلى بر الأمان، لكن هذه المعادلات تتلاشى في بلادنا العربية التي لا تنظر أنظمتها السياسية بشيء من الأهمية المطلوبة تجاه الهجرة أو زيادة معدلات البطالة أو حتى الوفيات بالأوبئة والأمراض في تلك المجتمعات.
هجرة الأدمغة أو العقول من القضايا الشائكة في بلادنا، ولا يمكن مناقشة المسألة بمعزلٍ عن مسببات الواقع المعاش والمتغيرات التي تحيط بنا من كل جانب.
وللتركيز أكثر فما أظهره تقرير مؤشر هجرة العقول العربية في الفترة الممتدة بين عامي (2006- 2021) يدعو إلى القلق الكبير، خاصة حينما تقاسم المكان الأول في المؤشر فلسطين والصومال!.
في فلسطين تتعدد العوامل التي قد تكون سببًا في هجرة عقول أبنائها وبحثهم عن موطئ قدمٍ يصنعون فيه ذاتهم ويحققون بعضًا من أشكال إبداعهم وتميزهم، وتلك العوامل بعضها مرتبط بوجود الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين بينما هناك عوامل أخرى منشأها النظام السياسي الفلسطيني.
قد نفهم أن يكون التدهور الاقتصادي وتواصل البطش والقتل والمعاناة بفعل الاحتلال الإسرائيلي سببًا للهجرة، وانتشار البطالة وغياب فرص العمل أو الحياة الكريمة.
غير أن الملاحقات والاعتقالات السياسية التي يتعرض لها الفلسطيني على أرضه، وحالة القهر والحرمان من الفرص والوظائف يتحملها النظام السياسي الفلسطيني الذي يواصل اقترافها ذلك النظام دون بوادر للوصول إلى نقطة نهايةٍ لها، بما ينتج عنه من احترام لآدمية الإنسان.
إن النتائج المترتبة على هجرة العقول الفلسطينية إلى خارج فلسطين كثيرة ومتعددة، وكل منها أشدُ خطورة من الآخر، لكن أهمها يتمثل في خلق حالة من الخلل الذي يصيب النسيج الاجتماعي بزواج أصحاب العقول المغتربين من جنسيات تختلف عن جنسياتهم وزيادة أعداد العوانس في بلادنا المحتلة، إلى جانب حدوث حالة من الاغتراب الفكري والاجتماعي بعد عودة المهاجر لبلاده، هذا عدا إصابة النظام الاقتصادي والتجاري والتقني بضربات بالغة الخطورة ستنعكس بالسلبية وصولًا إلى انهيار قطاعات إنتاجية كبيرة في المجتمع الفلسطيني كون أن المهاجرين بالأصل وفي غالبهم من قطاعات الشباب الأكثر انتاجًا، وقطاعات الخبرات والطاقات المتعلمة والمبدعة، فالبلاد التي يهاجرون إليها لا تقبلُ إلا أصحاب الكفاءات والخبرات والشهادات المحترمة.
إن من الأهمية بمكان التحرك العاجل من النظام السياسي الفلسطيني تجاه أصحاب العقول فمثل هؤلاء لا توزن عقولهم بالذهب، ومكانهم خدمة بلادهم، ففلسطين أولى بهم من الهجرة لغيرها، كما أن على كاهل الدول العربية مهمة ليس بالبسيطة تجاه تحرير فلسطين من الاحتلال، ولتكن بالحفاظ على الخبرات الفلسطينية المهاجرة والعمل على استقطابها إما في الدول العربية "الأقرب من ثقافة الشعب الفلسطيني"، أو توفير الدعم المناسب للفلسطينيين الذي من خلاله يتم إنشاء المشاريع التنموية الفلسطينية القادرة على استيعاب تلك الطاقات والكفاءات الباحثة عن بيئة تحتضنها وتحترم إنتاجاتها.
كاتب و إعلامي فلسطيني