- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
أ عبد المجيد عفانة يكتب: نتنياهو ما بين تسخين الجبهة الداخلية وتبريدها
أ عبد المجيد عفانة يكتب: نتنياهو ما بين تسخين الجبهة الداخلية وتبريدها
- 3 يونيو 2023, 4:58:27 ص
- 480
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لم تخلو الأيام الماضية من التصريحات المتسارعة والكثيرة التي صدرت عن مسؤولي المؤسسة الأمنية والعسكرية في دولة الإحتلال وهي تحذر سكان الشمال وعمق البلاد من أيام صعبة سيعيشونها نتيجة لحرب مرتقبة تقف على الأبواب مع حزب الله اللبناني وأطراف أخرى ..
تصريحات هي الأولى من نوعها على دولة كانت كثيرا ما تطمئن جمهورها وتطفئ خوف وتوتر جبهتها الداخلية حتى غدت هذه المرة كأنها على أبواب حرب نووية وليس مجرد تهديدات أمنية تدخلها عملية عسكرية محدودة، بل وأخذت توجه جمهورها لأدق التفاصيل في تخزين الماء والطعام وإرشادات السلامة مع التنبيه أن الحرب لربما تطول أسابيع وشهور..
هذه السياسة التي ظهرت حديثا في لغة الخطاب ما بين الدولة وجمهورها تأتي من دوافع عديدة لدى قادة الإحتلال وخصوصا مع بدء عمل حكومة نتنياهو التي تواجه مظاهرات معارضة لقراراته الإصلاحية تعد هي الأكبر منذ نشأة هذا الإحتلال على دولة فلسطين التاريخية..
ولو أردنا أن نقسم هذه الدوافع إلى داخلية وخارجية، فيمكن حصر أهمها في عدة نقاط وهي كالتالي:
أولا: الدوافع الداخلية.
١- يهدف نتنياهو وحكومته من خلال تلك التصريحات إلى لفت انتباه الشارع الاسرائيلي وإشغاله وخاصة معارضيه والمتظاهرين وإغراقه بحالة من الخوف والقلق تجاه الأعداء الذين باتوا يشكلون خطراً حقيقياً للكيان حسب وصفهم وهو ما يقصد هنا محور المقاومة( إيران، حزب الله، حماس).
٢- يحاول نتنياهو إيصال رسالة للشارع لديه أن الذي سيحدث خلال الأيام القادمة أشبه بحرب عالمية لا تقل أهمية عن حرب روسيا وأوكرانيا كما وصفها لإشعار جمهوره على أهمية ما ستقوم به حكومته.
٣- يحاول نتنياهو توظيف حكومته وكل مؤسسات الدولة لديه إلى توجيه قوتها وتركيز جهدها على مسألة إيران النووية وأنه نتنياهو لن يسمح بأي حال من الأحوال بأن تمتلك إيران القنبلة النووية على حد وصفه كما صرح بذلك خلال الساعات الماضية.
٤- يحاول نتنياهو من خلال مناورته الأخيرة (الضربة الساحقة) كما يسميها إلى خلق حالة من الجهوزية العالية في كل مؤسساته بلا استثناء للبقاء في حالة استعداد لحرب مصيرية كما يسميها ولصرف النظر عن الأصوات التي لا زالت تعارض سياسته وحكومته.
أما الدوافع الخارجية فكثيرة لكننا نحاول أن نوجزها بأهم النقاط وهي:
١- يحاول نتنياهو تحشيد الرأي العالمي لصالحه، فيما يخص امتلاك إيران للسلاح النووي وهو ما يدفعه لاستخدام الخيار العسكري لوقف الحلم الإيراني بذلك والذي تدعي فيه إسرائيل أن إيران نجحت أو لربما ستنجح خلال فترة وجيزة بصنع قنبلتين نوويتين على الأقل.
٢- لفت انتباه الإدارة الأمريكية على خطورة الأوضاع في المنطقة وجرها للمعركة مع إيران، ولذلك سارعت واشنطن لاحتواء الموقف الإسرائيلي عبر التجهيز لإرسال وزير خارجيتها بلينكن، فيما تواردت المواقع الأنباء لتؤكد خبر تأجيل الزيارة الأسبوع المقبل لأجل لم يتم تحديده بعد، في الوقت الذي توجه فيه رئيس الشاباك “رونين بار” لواشنطن لمقابلة مسؤولين كبار في البنتاغون والاستخبارات الأمريكية في زيارة سريعة يرفض أحد التعليق عليها.
٣- سعي نتنياهو من خلال تلك التصريحات إلى خداع أعدائه وإيهامهم أن الأمر مجرد تصريحات وأن المناورة تقتصر على تدريبات تنتهي خلال الأيام المقبلة ولشن هجوم عسكري مفاجئ يحقق من خلالها الضربة الأولى ليجني أكبر عدد من الأهداف التي يسعى لتحقيقها.
٤- يحاول نتنياهو استنزاف محور المقاومة (لبنان وغزة) عبر هذه التهديدات للعمل على إرباك صفوفها وخلق حالة من التوتر والترقب داخلها.
٥- يسعى نتنياهو إلى إيصال رسالة للعالم بأن الخيار العسكري الذي قد يستخدمه جاء لأهداف عالمية وهو منع إمتلاك إيران القنبلة النووية، وبذلك يحصل على الدعم الإقليمي والدولي لمساندته في عمليته تلك.
وهذه هي أهم الدوافع الخارجية والداخلية التي يسعى من خلالها نتنياهو وعبر تسخين جبهته الداخلية للوصول إلى أهدافه السياسية التي قد يستخدم فيها الحل العسكري في مجازفة خطيرة وكبيرة فيما تعد نتائجها كارثية في حال قد أصرَّت دولة الإحتلال على المبادرة بالهجوم العسكري.
فهل ستشهد البلاد فعلا حرباً إقليمية وصفها وزير الخارجية الإسرائيلي "إيلي كوهين" حينما صرح أن المنطقة ستشهد حرب ستكون عواقبها "مدمرة على العالم كله" حسب زعمه؟؟
وهل باتت تدرك إسرائيل فعلا أنها على أعتاب مرحلة تشكل خطراً كبيراً على وجودها في المنطقة مما دفعها للتجهز داخليا وخارجيا لمعركة وصفتها بحرب" يوم القيامة"؟؟!