- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
إحياء الاتفاق النووي لن يكون كافيا لإنقاذ الاقتصاد الإيراني .. لماذا؟
إحياء الاتفاق النووي لن يكون كافيا لإنقاذ الاقتصاد الإيراني .. لماذا؟
- 25 أغسطس 2022, 5:37:00 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
من غير المرجح أن يكون إحياء الاتفاق النووي مع إيران وشيكًا كما يظن دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي، فما تزال طهران تتمسك بضرورة تقديم ضمانات أمريكية واسعة. وحتى لو تمكنت طهران من تأمين اتفاق يضمن تخفيفًا واسع النطاق للعقوبات، فإن نقاط الضعف الهيكلية في الاقتصاد الإيراني ستعيق جذب الاستثمار الأجنبي.
أعرب المسؤولون الأوروبيون مؤخرًا عن أملهم في أن تكون إيران والولايات المتحدة أقرب إلى استعادة الاتفاق النووي مما كانوا عليه قبل شهور، وقال منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي "جوزيف بوريل" في 22 أغسطس/آب الجاري إن اجتماعا مهما قد يتم عقده قريبا في فيينا.
ولكن في 15 أغسطس/آب، أي بعد أسبوع واحد فقط من اقتراح الاتحاد الأوروبي نسخته "النهائية" من مسودة نص لإحياء الاتفاقية النووية، جددت إيران مطالبها بضمانات بشأن العقوبات، مما هدد آفاق التوصل إلى صفقة في المدى القريب.
يعود هذا لأن الولايات المتحدة وحلفاؤها أحرزوا تقدمًا قليلًا يكاد يكون منعدمًا
ومنذ مارس/آذار الماضي، لم تحرز الولايات المتحدة أي تقدم يذكر في التجاوب مع مطالب طهران بشأن تخفيف العقوبات على نطاق واسع، كما كان هناك تقدم محدود للغاية في معالجة مطالب إيران الأخرى، بما في ذلك إغلاق تحقيق الأمم المتحدة في النشاط النووي الإيراني في المواقع غير المعلنة بالبلاد.
إحجام المستثمرين والبنوك
حتى إذا تم إحياء الاتفاق النووي، فلن يكون لدى معظم الشركات الغربية حافزا كبيرا للاستثمار في إيران، مما يقلص إمكانية تحقيق فوائد اقتصادية بخلاف زيادة صادرات النفط الإيراني.
بالنسبة للشركات الأجنبية، فإن إبرام عقود جديدة لشراء المزيد من النفط الإيراني - خاصة العقود قصيرة الأجل - لن يحمل الكثير من المخاطر على المدى الطويل، لأن المدة المحدودة للعقود ستمكن الشركات الأجنبية من الانسحاب من البلاد في غضون مهلة قصيرة، كما يمكن للشركات الأجنبية إبرام هذه العقود دون الحاجة إلى تكثيف عملياتها التجارية داخل إيران.
أما الاستثمارات طويلة الأجل في إيران فستتطلب من الشركات زيادة نشاطها التجاري في البلاد، مما يحمل مخاطر على المدى الطويل لأن الولايات المتحدة يمكنها إعادة فرض العقوبات، خاصةً إذا فاز في الانتخابات الرئاسية القادمة مرشح من الحزب الجمهوري الذي يميل لسياسات متشددة تجاه إيران.
علاوة على ذلك، تتردد البنوك الغربية في البدء بسرعة في تقديم الخدمات المالية لإيران بسبب خطر العقوبات المستقبلية، لا سيما بالنظر إلى أن الحرس الثوري وبعض الكيانات الإيرانية الأخرى من المحتمل أن تتواصل العقوبات بحقها بغض النظر عن نتائج المفاوضات النووية.
عيوب الاقتصاد الهيكلية
علاوة على ذلك، فإن الاتفاقية النووية الجديدة لن تعالج سوء الإدارة والتحديات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الإيراني، والتي تخلق بيئة تشغيل صعبة للغاية بالنسبة للمستثمرين الأجانب.
وينطوي الاقتصاد الإيراني على مشاكل هيكلية كبيرة، بما في ذلك الفساد الواسع والبنية التحتية التي عفا عليها الزمن والشركات التي ترسخت بدافع سياسي وتسعى إلى حماية مصالحها.
وتزيد هذه المشاكل من تنفيرالمستثمرين الغربيين من العودة إلى البلاد بعد الاتفاقية النووية المحتملة، كما أنها ستثني المستثمرين في الصين وغيرها من الدول غير الغربية (الذين لديهم استعداد لتحمل المخاطر بشكل أكبر من نظرائهم الغربيين) عن السعي لفرص جديدة في إيران.
وإذا لم توفر إزالة العقوبات فوائد اقتصادية واسعة لإيران، فيمكن أن تؤدي إلى نتائج سياسية عكسية بالنسبة لقادة إيران حيث ينسف ذلك سرديتهم التي تركز على أن العقوبات الغربية (وليس سياسات طهران الفاشلة إلى حد كبير) هي السبب الرئيسي لأزمات البلاد الاقتصادية.
عرقلة المفاوضات
بغض النظر عن الآثار الاقتصادية للاتفاقية الجديدة المحتملة، لا يزال لدى قادة إيران أسباب متعددة لعرقلة المفاوضات. وقد يرى قادة إيران أن سياسة العقوبات لم تفلح في تهديد قبضتهم على السلطة وبالتالي ليس هناك سبب للقلق في المستقبل المنظور.
ونجت طهران من 4 سنوات من العقوبات الأمريكية القاسية مع تداعيات سياسية محدودة، وقد أثبتت أجهزة الأمن الإيرانية أنها قادرة على السيطرة على الاحتجاجات الواسعة ذات الدوافع الاقتصادية.
ورغم معدلات التضخم المرتفعة وضعف العملة المحلية، فإن الاقتصاد الإيراني لم ينهر، فيما يعزى جزئياً لأن إيران تمكنت من بيع بعض النفط إلى بلدان مثل الصين، التي ترغب في الالتفاف على العقوبات جزئيًا.
ويبدو أن إيران مقتنعة أن الولايات المتحدة ليس لديها مصلحة في المزيد من المغامرات العسكرية في الشرق الأوسط. وفي حين أن التقدم النووي الإيراني يزيد من خطر العمليات الأمريكية والإسرائيلية ضد إيران، فإن أي ضربات ضد البنية التحتية الإيرانية ستساعد فقط في تعزيز الخطاب القومي ضد الغرب في إيران.
ومن المحتمل أيضا أن طهران ترى الديناميات العالمية المتغيرة - بما في ذلك الصعود الاقتصادي والسياسي للصين - كدليل على أن النظام العالمي الذي يقوده الغرب يتراجع وأن الاقتصاد الإيراني والقيادة السياسية الإيرانية يمكن أن تبقى إلى أجل غير مسمى طالما أن الصين وروسيا وغيرهما من البلدان غير الغربية لا يزالون على استعداد للقيام بالأعمال التجارية مع إيران.
وأخيرًا، اكتسب السياسيون المتشددون والمحافظون في إيران (الذين عارضوا دائمًا الاتفاقية النووية) نفوذًا سياسيًا على مدى السنوات الـ5 الماضية التي شهدت أقسى عقوبات تعرضت لها إيران.