"إسرائيل هيوم": البحث عن اليوم التالي في غزة يجب أن يتركز بالذات على العقد التالي

profile
  • clock 7 مارس 2024, 3:12:55 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بقلم: عوديد عيلام
المصاف الذي تدخل إليه الحرب في غزة لن يخلق "صورة نصر". وعليه فثمة حاجة إلى تغيير الإطار كله، علينا أن نأخذ بالحسبان إمكانية التقدم غير المتواصل والمتعلق بالواقع في الميدان، وذلك إلى جانب خلق أفق إيجابي للسكان المدنيين.

جذر الخلاف ما يزال قائما. فالقسم الأكبر من الفلسطينيين ما يزالون يتبنون الجهاد ويتطلعون لان تقودهم حماس في الكفاح ضد إسرائيل. على حد فكرهم فإن "العودة" لا يفترض أن تنتهي في تحقيق فكرة الدولتين أو حتى في العيش بانسجام في دولة واحدة، بل بإبادة الدولة اليهودية على سكانها.

بودي أن أطرح فكرة من خارج الصندوق، تستند إلى لعبة الصندوق. كبار السن بيننا لا بد يتذكرونها  "سلالم وحبال". من جهة، الصعود للسلم، بمعونة الإيفاء بشروط محددة جدا، تقرب الفلسطينيين من تحقيق رؤية الدولتين والاستقلال.

بالمقابل، الخروج عن المبادئ المقررة (سلوك غير غريب عن الفلسطينيين، في أقل تقدير) يؤدي إلى الهبوط إلى الأسفل بالسلم والعودة إلى واقع مرغوب فيه أقل من الفلسطينيين انفسهم. أهمية خاصة يوجد للموقف من التعريف الدقيق للشروط وكذا للتأييد الدولي لها، إذ إن الأخير سيكون حيويا لنجاح كل الخطوة. هيا نرى كيف تكون "سلالم وحبال" كفيلة بأن تكون.

المرحلة الأولى: إقامة مخيمات لاجئين مؤقتة قرب البحر. مخيمات من هذا القبيل سبق أن أقيمت في الحرب الأهلية في سورية، في أفغانستان وغيرها. لهذا الغرض ستكون حاجة إلى الانهاء التام لأعمال الأونروا في القطاع والقاء المسؤولية على منظمات دولة تختص بمناطق الكارثة.

إلى جانب ذلك تقام أجهزة دولية للعناية بالسكان، تسيطر إسرائيل ومصر على معابر رفح، ويبقي الجيش الإسرائيلي على حرية العمل في غزة ويحتفظ بحزام أمني واسع في أراضيها. اضطراب، جريمة ومقاومة تؤدي إلى "النزول بالحبل" وتؤجل إعمار قطاع غزة.

المرحلة الثانية: بداية الأعمال. حذار علينا ان ندخل الى نموذج "اخلاء – بناء"، وبالتالي فان هذه المرحلة لا تبدأ الا بعد مرور ثلاث سنوات. وهي تنفذ بالتدريج من محافل دولية باشراف إسرائيلي. السلطة الفلسطينية، في صيغة جديدة، تشارك في المسيرة، لكن ستفحص في كل خطوة وخطوة. كجزء من هذا يتم تصميم جهاز تعليم جديد في القطاع، والمناهج التعليمية تكتبها لجنة تربوية دولية وينفذ إشراف متشدد على نشاط الجهاز.

في هذه المرحلة يقام أيضا صندوق دولي لتمويل اعمار القطاع، وتتيح دول عربية معتدلة للغزيين الوصول والعمل في نطاقها، وإسرائيل تسمح بهجرة طوعية الى أماكن توافق على استيعاب لاجئي القطاع.

اما التحريض، التنظيمات غير القانونية والتطرف الديني فستعاقب بشدة. ويمنع التدخل الإيراني بعمل دولي. في حالة انتفاضة – نزول إلى الأسفل: يتوقف إعمار القطاع وكذا يتوقف خروج الغزيين للعمل في دول المنطقة.

المرحلة الثالثة، إقامة قوة حفظ نظام فلسطينية باشراف إسرائيلي ومصري. إسرائيل تبقي على حرية عمل امني في القطاع. اذا لم تقم القوة الفلسطينية بدورها، تحل وتستبدل بقوة عربية بمشاركة إسرائيل.

المرحلة الرابعة: منطقة التجارة الحرة – غزة. في هذه المرحلة، التي لن تبدأ الا بعد سبع سنوات من بداية خطة الإعمار، يبنى ميناء في القطاع وممر بري يرتب إلى الضفة. مع خروج المشاريع الى حيز التنفيذ بتوجيه وتمويل دوليين، مثل شبكة سكك حديدية تربط القطاع بمصر والأردن، يعترف بغزة كمنطقة تجارة حرة.

في هذه المرحلة توحد رفح المصرية والفلسطينية. هنا أيضا كل تنظيم (مقاوم)، تحريض وتقويض للاتفاقات تؤدي الى وقف المسيرة.

المرحلة الخامسة: مع مرور عشر سنوات وفي حالة ان يسمح الواقع بذلك – إقامة كيان مستقل ومجرد من السلاح في غزة. هذه، بدورها تصبح جزء من الدولة الفلسطينية. هنا أيضا الحبل واضح – عدم الالتزام بالاتفاقات يؤدي الى وقف مسيرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

البحث في اليوم التالي في غزة يجب أن يتركز بالذات على العقد التالي والتصدي لصدمات الماضي لدى الطرفين من خلال بناء تدريجي وحذر للثقة. هكذا فقط نتمكن من التحرك نحو حل أحد النزاعات الأطول في الزمن الحديث.

المصادر

إسرائيل هيوم
 

التعليقات (0)