-
℃ 11 تركيا
-
25 فبراير 2025
إسلام الغمري يكتب:التلاعب بالبورصة التركية: تحدٍ جديد وأردوغان قادر على تجاوزه
إسلام الغمري يكتب:التلاعب بالبورصة التركية: تحدٍ جديد وأردوغان قادر على تجاوزه
-
25 فبراير 2025, 1:49:04 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تشهد تركيا تحديًا جديدًا في أسواقها المالية، حيث أعلنت السلطات في إسطنبول عن فتح تحقيق واسع في شبهات تلاعب بالبورصة، بالتعاون مع هيئة أسواق رأس المال. تأتي هذه التطورات في وقت حساس، وسط تحركات حكومية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي، مما يثير تساؤلات حول الأبعاد السياسية والاقتصادية لهذه الأزمة، ومدى تأثيرها على مستقبل الأسواق المالية في البلاد. لكن بالنظر إلى تاريخ الرئيس رجب طيب أردوغان في تجاوز الأزمات الكبرى، يبقى السؤال الأهم: هل ستكون هذه العاصفة مجرد تحدٍ آخر سيتمكن من التغلب عليه؟
أزمة مالية أم هجوم اقتصادي؟
لطالما كانت البورصة التركية حساسة لأي تطورات سياسية أو اقتصادية، لكن التقلبات الأخيرة جاءت بوتيرة غير اعتيادية، مع انتشار أخبار مضللة يُعتقد أنها أثّرت على قرارات المستثمرين. تحقيقات الادعاء العام تركز على ما يُعرف بـ”حملات التضليل الإعلامي”، حيث يُشتبه في أن أطرافًا معينة نشرت معلومات مغلوطة حول أداء بعض الشركات، مما أدى إلى تذبذب حاد في أسعار الأسهم.
ليس من المستبعد أن يكون لهذه التطورات أبعاد أعمق تتجاوز مجرد المضاربات المالية، فقد سبق أن شهدت تركيا محاولات للتلاعب بالاقتصاد كأداة ضغط سياسي، سواء من جهات داخلية معارضة أو قوى خارجية سعت لإضعاف الثقة في الاقتصاد التركي.
البعد السياسي: أردوغان أمام تحدٍ جديد
تاريخيًا، لم تكن الأزمات الاقتصادية في تركيا بعيدة عن التأثيرات السياسية، خصوصًا في ظل قيادة أردوغان التي شهدت محاولات متكررة لإضعاف الاقتصاد كوسيلة للضغط على حكومته.
• داخليًا، تسعى المعارضة التركية لاستغلال أي تذبذب اقتصادي لتقويض صورة الحكومة أمام الشعب، خاصة في ظل الإجراءات الإصلاحية التي تنتهجها الحكومة لخفض التضخم وتعزيز الاستثمارات.
• خارجيًا، سبق أن واجهت تركيا محاولات لضرب استقرارها المالي من خلال هجمات على الليرة والتلاعب في الأسواق، وهو ما وصفه أردوغان في أكثر من مناسبة بـ”الحرب الاقتصادية” التي تستهدف استقلال القرار التركي.
ومع ذلك، أثبت أردوغان مرارًا قدرته على احتواء الأزمات الاقتصادية، كما حدث في أعقاب أزمة الليرة عام 2018، والعقوبات الاقتصادية التي واجهتها تركيا بعد التدخل العسكري في سوريا. كل هذه التحديات لم تمنعه من المضي قدمًا في تعزيز قوة الاقتصاد التركي، وهو ما يضعه اليوم في موقف يؤهله لتجاوز هذه الأزمة الجديدة.
التأثير الاقتصادي: الأسواق في اختبار الثقة
التلاعب بأسواق المال لا يضر فقط بالمستثمرين، بل يمتد تأثيره إلى الاقتصاد التركي ككل، حيث:
• قد يؤدي فقدان الثقة في الأسواق إلى انسحاب المستثمرين الأجانب أو ترددهم في ضخ رؤوس أموال جديدة.
• يمكن أن تتسبب هذه الأزمة في ارتفاع المضاربات العشوائية التي تخلق مناخًا غير مستقر في الأسواق المالية.
• قد يتأثر سعر صرف الليرة التركية نتيجة أي اضطرابات واسعة في البورصة، مما قد يضع ضغوطًا على السياسة النقدية للبنك المركزي.
لكن في المقابل، فإن الحكومة التركية تملك أدوات لمواجهة هذه الأزمة، بدءًا من تعزيز الرقابة المالية، ومرورًا بمحاسبة المتورطين في التلاعب بالأسواق، وصولًا إلى اتخاذ إجراءات قانونية لطمأنة المستثمرين وإعادة الاستقرار إلى السوق.
استجابة الحكومة: استعادة السيطرة
التحقيقات الجارية اليوم ليست مجرد خطوة قانونية، بل هي رسالة قوية بأن الدولة لن تسمح بالتلاعب بالاقتصاد الوطني، وأنها تمتلك القدرة على فرض الشفافية والمحاسبة.
من المتوقع أن تتخذ الحكومة التركية عدة إجراءات رئيسية، منها:
1. تشديد الرقابة على التداولات المالية لمواجهة أي تلاعب مستقبلي.
2. اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد الجهات المتورطة في نشر الأخبار المضللة.
3. تعزيز ثقة المستثمرين من خلال تقديم ضمانات قانونية واستقرار مالي.
هذه الإجراءات، إلى جانب الإرادة السياسية القوية التي يتمتع بها أردوغان، قد تكون كفيلة بتجاوز هذه العاصفة الجديدة، كما نجح في التعامل مع تحديات اقتصادية وسياسية سابقة.
الخلاصة: أزمة لن تعيق المسيرة
التلاعب بالبورصة التركية يشكل تحديًا جديدًا، لكنه ليس الأول من نوعه، وتركيا تحت قيادة أردوغان أثبتت مرارًا أنها قادرة على مواجهة مثل هذه الأزمات. التجربة أثبتت أن الاقتصاد التركي، رغم التحديات، يتمتع بأسس قوية تُمكنه من الصمود، خاصة إذا ما تم التعامل مع الأزمة بحزم وشفافية.
ويبقى السؤال: هل تكون هذه الأزمة فرصة جديدة لتعزيز قوة الأسواق المالية التركية، كما حدث في محطات سابقة؟ الأيام القادمة ستكشف الكثير، لكن المؤكد أن تركيا تمتلك من الأدوات والقيادة ما يجعلها قادرة على تجاوز هذه الأزمة كما فعلت من قبل.








