إيكونوميست: الشرق الأوسط يبدأ فصلا جديدا بفرص ومخاطر مختلفة.. ما دور الخليج؟

profile
  • clock 9 سبتمبر 2023, 4:45:50 ص
  • eye 376
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

أعتبرت مجلة ذي إيكونوميست البريطانية، أن الشرق الأوسط يشهد حاليا بداية فصل جديد، تلعب الدول الخليجية دور رئيسيا في تحولاته وأيضا في المخاطر المحتملة أن تواجهها المنطقة، ويؤشر هذا التحول بفرص ومخاطر جديدة في الوقت ذاته.

وذكرت المجلة في تحليل مطول  أن منطقة الشرق الأوسط لا تعاني من الركود كما يعتقد البعض، مستشهدة باقتصادات دول الخليج التي تعد الأغنى والأكثر حيوية في العالم بفضل سعر خام برنت الذي ارتفع مرة أخرى إلى أكثر من 90 دولارًا للبرميل هذا الأسبوع.

وأشارت إلى أن الدول الخليجية تنفق نحو 3.5 تريليون دولار من عوائد الطاقة للاستثمار في كل شيء تقريبا ويشمل ذلك نماذج الذكاء الاصطناعي المحلية، ومدن مستقبلية في الصحراء، وملء محافظ صناديق الثروة السيادية العملاقة التي تجوب أسواق رأس المال العالمية بحثًا عن إبرام الصفقات.

وبالتزامن تدفق الأموال على الشرق الأوسط لاسيما الدول الخليجية، تظهر الفوضى التي كانت تضرب المنطقة علامات على التراجع؛ بفضل أكبر موجة من الدبلوماسية منذ عقود.

فقد استأنفت السعودية وإيران علاقاتهما الدبلوماسية، ونتيجة لذلك تقلص عدد قتلي الحرب الأهلية في كل من سوريا واليمن.

في أعقاب اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وبعض الحكومات العربية، تدرس حاليا السعودية الاعتراف بالدولة اليهودية، بعد 75 عاما من إنشائها.

وفي غضون ذلك، يتزايد النفوذ العالمي للمنطقة، حيث توشك أربع دول على الانضمام إلى نادي البريكس الذي يضم قوى عدم الانحياز التي تريد عالماً أقل هيمنة للغرب.

كما يختبر زعماء في الوقت الحالي أفكاراً انتشرت في كثير من أنحاء العالم، بما في ذلك تبني البراغماتية الاستبدادية بدلا من الديمقراطية، والدبلوماسية المتعددة الأقطاب بدلاً من النظام الذي قادته الولايات المتحدة بعد عام 1945.

لكن في المقابل يعد الشرق الأوسط أيضًا مكانًا قد تظهر فيه التهديدات التي ستهدد العالم في ثلاثينيات القرن الحالي في وقت مبكر، بما في ذلك الانتشار النووي، والطقس المتطرف، وحتى المزيد من عدم المساواة بين البشر، مع تخلف الدول الضعيفة عن الركب.

أهمية متزايدة  

وقالت المجلة إنه في حين ترك العديد من رؤساء الولايات المتحدة مناصبهم وهم يتمنون نسيان كل شيء عن الشرق الأوسط، ولكن تلك المنطقة أصبحت بأهمية أكثر من أي وقت مضى سواء كنت رئيسيا لدولة عظمي أو مدير شركة صغيرة.

وذكرت أن المنطقة باعتبارها منتج النفط الأقل تكلفة، تبلغ حصتها من صادرات النفط الخام 46٪ وهذه النسبة أخذة في الزيادة.

 وتبلغ حصة المنطقة من صادرات الغاز الطبيعي المسال، والتي تشهد طلبا كبيرا منذ إغلاق خطوط الأنابيب الروسية إلى أوروبا، 30% وهي أيضا نسبة أخذة في الارتفاع.

بفضل موقعها، يمر عبر منطقة الشرق الأوسط 30% من إجمالي تجارة الحاويات و16% من الشحن الجوي.

ومع أصول تبلغ قيمتها ثلاث تريليونات دولار، تعد صناديق ثروتها السيادية من بين أكبر الصناديق في العالم. وكثيراً ما تمتد حروبها وفوضاها عبر الحدود؛ ويؤثر لاجئوها على السياسة في أماكن بعيدة مثل أوروبا.

تغييرات كبيرة

ووفق المجلة فإن منطقة الشرق شهدت عقدين ماضيين بائسين؛ وانتهت المشاريع الديمقراطية بالفشل وسفك الدماء، في العراق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، وفي عدة دول بعد الربيع العربي عام 2011.

سعى تنظيم الدولة الإسلامية لإقامة الخلافة عبر القتل والدمار، بينما قام الرئيس السوري بشار الأسد بإغراق شعبه بغاز الكلور وغاز الأعصاب.

ولكن الآن، ومع انحسار القتال على جبهات متعددة في الشرق الأوسط وظهور موجة الدبلوماسية، ثمة تغييرات كبيرة تشهدها المنطقة بينها 3 تغييرات رئيسية

أولاً: أصبح يتعين على المنطقة أن تتحمل المزيد من المسؤولية فيما يتعلق بأمنها، بعد أن تبخرت شهية أمريكا للتدخل عسكرياً.  وتزامن ذلك مع ميل المنطقة إلي تعاملات تجارية متعددة الأقطاب.

وبحسب صندوق النقد الدولي أن 26% من صادرات السلع في الشرق الأوسط تذهب إلى الصين والهند، وهو ما يقرب من ضعف المستوى في عام 2000 وحوالي ضعف الحصة الموجهة إلى أمريكا وأوروبا.

وفي الآونة الأخيرة، أدت عملية إعادة التنظيم الجيوسياسي هذه إلى الرغبة في تهدئة الصراعات.

ثانيا: يخلق تحول الطاقوي (الاعتماد على الطاقة المتجددة بدلا الوقود الأحفوري) حاجة ملحة للهروب من النمط المألوف المتمثل في فترات ازدهار النفط وكساده. وبدلاً من ذلك هناك حافز قوي لدى دول الخليج لرفع إنتاج الوقود الأحفوري في العقد المقبل قبل أن يتضاءل الطلب بشكل دائم، وإنفاق العائدات على تنويع الاقتصادات المحلية.

التحول الأخير هو إصابة الرأي العام في الشرق الأوسط بالإجهاد. فالتجارب السياسية، سواء كانت ديمقراطية أو إسلامية، مشوهة؛ وبدلاً من ذلك، يتطلع الناس في جميع أنحاء الشرق الأوسط إلى الفرص الاقتصادية.

وبدلا من كندا والسويد، تظهر استطلاعات الرأي أن الدولة التي تحظي بإعجاب الشباب العربي أكثر من غيرها هي دولة الإمارات حيث تتمتع باستقرار واقتصاد مزدهر في ظل حكم الأسرة الحاكمة بقبضة حديدية.

وفي الوقت نفسه، فإن تراجع التدخل الغربي في الأمن والتجارة يعني أيضاً ضغوطاً أقل على حقوق الإنسان أو الديمقراطية.

ورأت المجلة أن التغييرات الأخرى تتمثل في انخراط النساء في دول الخليج في سوق العمل، وتدفق السياح الإسرائيليون على دبي، ونمو الاقتصاد غير النفطي في جميع أنحاء المنطقة، بمعدل سنوي صحي يبلغ 4%، كما أن الاستثمارات المتعددة الجنسيات عبر الحدود آخذة في الارتفاع.

 من الممكن أن نتخيل كيف قد تؤدي دورة حميدة من الاستقرار والسلام إلى المزيد من الاستثمار والتجارة التي تعمل على رفع مستويات المعيشة وتوسيع نطاق الرخاء، وعكس اتجاه دوامة طويلة الأمد من الفشل في جزء من العالم يسكنه نحو 500 مليون نسمة.

تحديات ومخاطر

وذكرت المجلة أنه من أجل تحقيق هذه التغييرات، سيتعين على الشرق الأوسط التغلب على بعض المشاكل الكبيرة.

وأشارت إلى أن حكام المنطقة (غير المنتخبون) أصبحوا يواجهون نوعا من "المساءلة عن الأداء" لتحسين أحوال شعوبهم، كما تتجه الأنظمة ذات الحكم المطلق نحو الاضمحلال.

وهناك مشاكل أكثر خطورة تلوح في الأفق أكثر من أي وقت مضى، فالآن بعد أن أصبحت إيران على عتبة التحول إلى دولة مسلحة نووياً، أصبح انتشار الأسلحة النووية مصدراً للقلق الشديد.

كما أن تغير المناخ يعني أن أحد أكثر الأماكن حرارة وجفافًا في العالم يواجه طقسًا أكثر تطرفًا. ولا تستطيع سوى بعض البلدان تحمل تكاليف الاستثمارات، مثل المدن المعاد تصميمها ومشاريع تحلية المياه، التي تحتاج إليها لتظل صالحة للسكن.

 

المصادر

المصدر | ذي إيكونوميست

التعليقات (0)