ابتكرها الاستعمار ضد الجيش العثماني.. تاريخ الإسقاطات الجوية من العراق 1915 وحتى غزة 2024 (تقرير)

profile
  • clock 19 مارس 2024, 11:45:21 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

صعدت فكرة الإسقاط الجوي للمساعدات الإنسانية مع الحرب الأإسرائيلية المسعورة  على غزة،  وذلك بسبب حصار خانق تحكمه إسرائيل على قطاع غزة من كافة المعابر والممرات.

بدأت عمليات الإسقاط الجوي على غزة، يوم 2 مارس الماضي وتمثلت في إنزال 38 ألف وجبة طعام، تلتها 36800 وجبة إضافية بعد ثلاثة أيام، و38 ألف وجبة أسقطت بمساعدة الجيش الأردني في 7 مارس.

وتكون عملية الإسقاط الجوي، في معظم الأحيان آخر إجراء تلجأ إليه الدول والمنظمات الدولية، نظرا لتكلفتها العالية التي تزيد سبع مرات على تكلفة النقل البري للمساعدات، كما أن المساعدات لا تصل إلا إلى جزء صغير جدا من السكان خاصة مع الكثافة السكانية الهائلة في غزة.

وبالرجوع إلى تاريخ الإسقاطات الجوية، نجد أنها من وظائف الجيوش ولجأت إليها الأمم المتحدة عام 1973 عندما أسقطت المساعدات الإنسانية على الساحل الغربي في أفريقيا لمكافحة الجفاف التاريخي الكبير الذي دام ست سنوات، وضرب كلا من تشاد ومالي والنيجر وموريتانيا والسنغال، وما يُعرف اليوم ببوركينا فاسو، وحدث إنزال جوي شهير في إثيوبيا– بقيادة البريطانيين– لرد آثار المجاعة المروعة التي شهدتها البلاد سنة 1984.

تحتاج الإنزالات الجوية إلى دقة متناهية، مع دراسة كاملة لوزن المساعدات، وسرعة الرياح للتأكد من وصولها إلى هدفها المطلوب. 

وفي أوقات الحرب، تكون الدقة مطلوبة أكثر لكي لا تقع المساعدات في أيدي الأعداء، وهذا يتطلب التحليق على ارتفاع منخفض، ما يُشكل خطرا على الطائرة والطيار. وقد تختلف الأمتعة التي تُسقَط من الجو، من الطعام والأدوية، إلى الملابس والمستلزمات الصحية، وصولا إلى المعدات، والرسائل السياسية أو العسكرية.

وكان أول استعمال لهذه الوسيلة في الحرب العالمية الأولى على يد البريطانيين. 

 

العراق 1915 

 

أول تجربة إسقاط جوي إنساني لم تكن ناجحة، وقد لجأ إليها الطيران الملكي البريطاني سنة 1915، تزامنا مع انطلاق حملة عسكرية لتحرير بغداد من الجيش العثماني. حوصرت القوات البريطانية في بلدة كوت العمارة على ضفاف نهر دجلة جنوب شرقي العراق، من 7 ديسمبر/كانون الأول 1915 ولغاية استسلام الإنكليز في 29 أبريل1916.  ضُرب الحصار على قرابة ثمانية آلاف جندي من الجيش البريطاني، معظمهم من مستعمرات الهند وأفريقيا، وقد وصل بهم الأمر إلى حد المجاعة، ما استدعى تدخلا جويا لإسقاط كميات من الأرز والعدس والطحين. كانت أول عملية إسقاط للمساعدات الجوية في تاريخ الحروب، ولكنها قوبلت بالرصاص من قبل العثمانيين، وسقطت معظم المساعدات إما في مياه دجلة أو في يد الأتراك، ولم يصل منها إلا 16800 رطل إلى الجنود البريطانيين.   

هولندا 1945

 

في الحرب العالمية الثانية، أصبحت الإسقاطات الجوية أكثر انتشارا على طرفي الصراع الأوروبي، واستعملها النازيون لمساندة قواتهم، ولجأ إليها الحلفاء لمساعدة المقاومة البولندية في حربها ضد الاحتلال النازي. أشهر عملية إسقاط جوية كانت في هولندا المحتلة من قبل الألمان منذ سنة 1940، حيث كانت كل خيرات البلاد ومنتجاتها الزراعية قد سُخرت لصالح الجيش النازي، ما وضع الهولنديين في حالة عوز كبيرة. وعندما دمر الألمان دفاعات المياه في البلاد، حصلت فيضانات كبيرة قضت على المحاصيل الزراعية. 

بورما 1943-1945

 

وفي الحرب العالمية الثانية أيضا، لجأ الإنكليز إلى الإسقاط الجوي لمساعدة قواتهم في دولة بورما الآسيوية، التي كانت اليابان قد احتلتها سنة 1942. الجيش البريطاني كان يعرف البلاد جيدا، فهو موجود فيها منذ عشرينات القرن التاسع عشر، ولكن العمليات الجوية كانت صعبة للغاية، تتضمن تحليقا جويا منخفضا في عتمة الليل، لإسقاط المساعدات فوق الأدغال، والمناطق النائية. تمكنت طائرات الحلفاء من إنقاذ قوة بريطانية كبيرة محاصرة من قبل الجيش الياباني في شهر مارس عام 1944 بتقديم 20 ألف طن من الإمدادات أُسقطت كلها من الجو على الحدود مع الهند. وفي السنوات 1943-1945، أسقط الطيران الملكي البريطاني 615 ألف طن من الإمدادات على بورما. 

البوسنة 1993

تطورت الإسقاطات الجوية في تسعينات القرن العشرين، يوم استعملها الأميركيون والألمان والفرنسيون لمساعدة مسلمي شرق البوسنة. تمكن صرب البوسنة من مصادرة الكثير من المساعدات، ولكن الطيران الأميركي لم يستسلم يومها، وأسقط تسعة ملايين وجبة و144 طنا من المواد الطبية على القرى والبلدات، وعلى مخيمي اللاجئين في سربرينيتسا وغورازدي. وفي حرب يوغسلافيا (1992-1996)، كثرت عمليات الإسقاط الجوي في البوسنة والهرسك من قبل تحالف مكون من 21 دولة، حيث نُفذت أكثر من 12886 عملية جوية فوق سراييفو وحدها، أوصلت 159622 طنا من المساعدات الإنسانية إلى الأهالي. 

أفغانستان2001

وقد لجأت الولايات المتحدة الأميركية مجددا إلى الإسقاط الجوي في أفغانستان، بعد خمسة أيام من انطلاق حربها على طالبان في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2001. أولى العمليات أسقطت 68880 حصة يومية من الطعام والدواء، واستمرت العمليات حتى بعد هزيمة طالبان، وذلك بسبب طبيعة الجبال الوعرة التي يصعب الوصول إليها. شهدت أفغانستان إسقاط 3.5 مليون رطل من الحمولة سنة 2006، وصلت إلى 60.4 مليون طن مع حلول عام 2010.

 

هايتي 2010

في 20 يناير/كانون الثاني 2010، ضرب زلزال مدمر جزيرة هايتي، راح ضحيته ما بين 100-160 ألف شخص. لتجنب الفوضى العارمة في المطار وعلى الطرقات، بدأت الولايات المتحدة إسقاط المساعدات الجوية مجددا، على الرغم من تحذيرات وزير الدفاع في حينها روبرت غيتس، الذي حذر من خطورتها. 

 

جنوب السودان 2014

وعندما ضربت المجاعة جنوب السودان في مارس 2014، أسقطت المنظمات الإنسانية بدعم من برنامج الأمم المتحدة للغذاء المساعدات الإنسانية على البلاد. 

 

سوريا (2016)

أولى الإسقاطات الجوية في سوريا لم تكن مساعدات بل منشورات ملونة صغيرة أسقطتها طائرات فرنسا  على المدن سنة 1941، معلنة انتهاء الانتداب الفرنسي القائم منذ سنة 1920، مع اشتراط بقاء القوات الفرنسية على الأراضي السورية إلى حين انتهاء العمليات القتالية في أوروبا. حملت القصاصات الورقية توقيع الجنرال جورج كاترو، ممثل الجنرال شارل ديغول في سوريا ولبنان. بعدها بسبعة عقود ونيف، أسقطت الأمم المتحدة مساعدات إنسانية على مدينة دير الزور في فبراير/شباط 2016، أوصلت فيها 21  ألف طن من المواد، وكانت هذه العملية هي الأعلى ارتفاعا في تاريخ الإسقاطات الجوية، واستمرت طيلة 18 شهرا.

 

 

كلمات دليلية
التعليقات (0)