- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
استبعدت محاسبتهم قريبا.. فايننشال تايمز: من وراء سرقة القرن في العراق؟
استبعدت محاسبتهم قريبا.. فايننشال تايمز: من وراء سرقة القرن في العراق؟
- 19 نوفمبر 2022, 4:18:24 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قالت صحيفة "فايننشال تايمز"، إن رئيس الحكومة العراقي الجديد "محمد شياع السوداني" الذي تعهد بمحاربة الفساد، يدعي بأنه مستقل، إلا أنه مدعوم من ميليشيات تورطت في فضيحة "سرقة القرن"، وهو ما يرجح عدم إمكانية محاسبة هؤلاء في القريب العاجل.
وسلط تقرير الصحيفة البريطانية، الضوء على فضيحة "سرقة القرن" التي تفجرت مؤخرا في العراق، حيث تم نهب 2.5 مليار دولار من أموال الضرائب على مدى أكثر من عام، بـ"تواطؤ من النظام" القائم فيما رأى محللون أن "الفساد في العراق هو النظام السياسي".
وذكرت الصحيفة البريطانية، أن البلد تعرض العام الماضي لسرقة غريبة حيث حملت شاحنات بأموال ضريبية، تم سحبها من بنك الرافدين المملوك للدولة، فيما أطلق عليها "سرقة القرن" في العراق.
وأشارت إلى أنه تم تهريب 2.5 مليار دولار من مصلحة الضرائب في البلاد بين سبتمبر/أيلول 2021 وأغسطس/آب 2022، وفقا لوزارة المالية التي قالت إنه تم تحويل المبلغ إلى حسابات 5 شركات مختلفة باستخدام عشرات الشيكات، ثم سحبت من الحسابات في الحال.
وطلبت وزارة المالية من هيئة النزاهة التحقيق في ما يصفه البعض بأكبر عملية اختلاس في تاريخ العراق.
ولفتت الصحيفة إلى أن السرقة هي "فضيحة فساد واسعة النطاق، تعكر أروقة السلطة في العراق، منذ انتشار أخبارها" الشهر الماضي.
وانتشرت أخبار الفضيحة قبل أيام من أداء حكومة رئيس الوزراء الجديد "السوداني" اليمين الدستورية.
وفي الصدد، قال "السوداني"، إن إدارته ستعطي الأولوية لمحاربة الفساد، الذي "انتشر بوقاحة عبر مفاصل الدولة ومؤسساتها".
لقد بدأ في تطهير علني لمساعدي رئيس الوزراء السابق "مصطفى الكاظمي"، لكن "السوداني" الذي يبدو ظاهريا مستقلا ومدعوما من قبل بعض الفصائل التي يُزعم تورطها في الفضيحة، قد يواجه صعوبة في محاسبة كبار أعضاء المؤسسة السياسية العراقية، حسب الصحيفة.
يقول الزميل في سينتشاري فاونديشين والمقيم في بغداد "سجاد جياد" إن "الخلل والمسؤولية تذهب إلى القمة.. والكثير من اللاعبين رفيعي المستوى، بمن فيهم الوزراء والوزراء السابقون وموظفو الخدمة المدنية ورجال الأعمال ذوو العلاقات الجيدة متورطون. لذا فهذه قضية سياسية - سنرى إلى أي مدى يمكن أن يذهب السوداني".
وحسب الصحيفة، يتفشى الفساد في العراق حيث أدى إلى تآكل مؤسسات الدولة، وقد أقرته الطبقة السياسية التي حكمت البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق صدام حسين في عام 2003.
ورسخ النظام العرقي، الطائفي الذي يهدف إلى تعزيز تقاسم السلطة، نظاما للمساومة بين الفصائل المتنافسة على المناصب الحكومية العليا ومصادر المحسوبية داخل الوزارات، وفقا للصحيفة.
وهذا المخطط الاحتيالي الأخير امتد إلى عمق الفصائل السياسية الشيعية القوية والمتنافرة في العراق، والتي اتحد معظمها هذا الصيف في اختيار "السوداني" رئيسا للوزراء.
وتهيمن على الحكومة الجديدة كتل مرتبطة بإيران، تُعرف بإطار التنسيق، والميليشيات التابعة لها، والتي قاتلت موالين لرجل الدين الشيعي المنافس مقتدى الصدر هذا الصيف، حيث تصارع الجانبان للسيطرة على تشكيل الحكومة.
قال 5 أشخاص على دراية بالتحقيق لـ"فايننشال تايمز"، إن الفضيحة الأخيرة تلقي بظلال من الشك على الجانبين.
وظهر حجم الاحتيال، الذي يتمحور حول مصلحة الضرائب والبنك المركزي ووزارة المالية، عندما كشفت وزارة المالية عن نتيجة تحقيق داخلي.
وجد التحقيق أنه في الفترة من سبتمبر/أيلول 2021 إلى أغسطس/آب 2022، تم إصدار حوالي 250 شيكا لـ5 شركات، ومن ثم سحبت الأموال المودعة في حساب ضمان مخصص لتغطية الالتزامات السنوية في الحسابات التي تسيطر عليها مصلحة الضرائب في بنك الرافدين المملوك للدولة.
وبعد الكشف عن الاختلاس، قال وزير المالية السابق "علي علاوي" إنه أبلغ مكتب "الكاظمي "بمخطط الاحتيال في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وأمر بوقف المدفوعات من الحسابات دون موافقته، لكن المدفوعات استمرت".
وقال مستشار كبير سابق لـ"الكاظمي" إن مكتب رئيس الوزراء لم ير "مراسلات رسمية" من "علاوي" بشأن الاحتيال.
وزعمت الشركات أنها تعمل نيابة عن شركات أكبر، بما في ذلك العديد من شركات النفط العالمية، وفقا للوزارة.
وقال 4 أشخاص مطلعين على مجريات التحقيق، إن ثلاث شركات تأسست في الشهر السابق لبدء المخطط.
في المجموع، قالت الوزارة إنه تم سحب 3.7 تريليونات دينار عراقي (2.5 مليار دولار) من حسابات الرافدين، أو حوالي 2.81% من ميزانية البلاد لعام 2021.
ومن ثم، تم استخدام بعض الأموال النقدية لشراء العملة الأمريكية من خلال "مزاد الدولار" اليومي، وهي عملية يقدم فيها البنك المركزي الدولار إلى بنك تجاري مقابل دينار عراقي.
وقال 3 أشخاص على دراية بالقطاع المصرفي العراقي، إن البنك المركزي والرافدين يجب أن يكونا على علم بالخطة، لأن الزيادة الطفيفة في الدولارات التي تم شراؤها في المزاد كانت أعلى من المعتاد والمبالغ المسحوبة كانت كبيرة جدا، وفقا للصحيفة.
وأضافت المصادر، أن "الحجم الهائل من الأموال التي يتم نقلها يوميا في بغداد كان سيتطلب شاحنات مصفحة"، مما يشير إلى تورط الأجهزة الأمنية الحكومية.
وأوضح أحد مصادر الصناعة المصرفية: "هذا شيء شائن حتى بالمعايير العراقية. ببساطة لا توجد طريقة لم يلاحظ أحد سحب مثل هذه المبالغ الكبيرة".
وفي السياق، أصدر القضاء حظر سفر ضد 9 مشتبه بهم، من بينهم 5 موظفين مدنيين كبار في مصلحة الضرائب ووزارة المالية ومديري الشركات.
واحتجز أحدهم، ويدعى "نور زهير جاسم"، على مدرج المطار أثناء محاولته مغادرة بغداد على متن طائرة خاصة.
وقال 6 أشخاص مطلعين على التحقيق، إن "جاسم" هو المشتبه به الرئيسي، وأن القضاء يحقق في علاقته بمساعدي "الكاظمي" والصدريين وقادة إطار التنسيق، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق "نوري المالكي"، والرجل القوي شبه العسكري "هادي العامري".
وتم استدعاء واحد على الأقل من مستشاري "الكاظمي" للاستجواب من قبل القضاء، حسب الصحيفة.
كما يتساءل المحققون عن الدور الذي لعبه كبار المسؤولين في البنك المركزي ووزارة المالية.
وامتنع "علاوي" عن التعليق، فيما لم يرد مديرو وزارة المالية والمكاتب الإعلامية للبنك المركزي على طلب التوضيح.
ومن جانبه، نفى مستشار "الكاظمي" الكبير السابق أي تورط لرئيس الوزراء السابق ومساعديه المقربين ووزراء النفط والمالية السابقين في مخطط الفساد.
ولم يرد الجناح السياسي للتيار الصدري على طلب للتوضيح، كما امتنع الأمين العام لإطار التنسيق عن التعليق.
وفي السياق، رأى محللون أن التحقيق بدأ يستخدم لتصفية حسابات.
يقول "ريناد منصور" مدير مبادرة العراق في تشاتام هاوس: "ينجح الفاسدون والأقوياء باستخدام سلطتهم لاستهداف من هم أضعف: غالبا ما تكون آليات مكافحة الفساد هي الأداة السياسية المستخدمة في استهدافهم".
وقال محللون إنه في نظام يسوده الفساد والمصالح الخاصة، من المرجح أن يتعطل التحقيق.
فيما يوضح "جياد": "ليس من غير الواقعي أن نتوقع أن بعض المسؤولين في البنوك سيعاقبون، وبعد ذلك ستختفي القضية بهدوء. يبدو لي خطة اللعبة الواضحة من قبل النخبة السياسية، الذين سيعودون إلى طرقهم القديمة".
وختمت الصحيفة البريطانية تقريرها بالقول، إن وجود الكثير من الفصائل السياسية المتنافسة في العراق يُزعم تورطها يُظهر استعدادهم لمواصلة التواطؤ لتحقيق مكاسب مالية.