- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: الاعتقال الإداري جريمة ضد الإنسانية
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: الاعتقال الإداري جريمة ضد الإنسانية
- 14 أغسطس 2023, 8:42:29 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لم يكن الاعتقال الإداري حديث عهد في التاريخ الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي ، بل نشأ هذا النوع من الاعتقال إبان الانتداب البريطاني لفلسطين ، ومارسه الاحتلال الإسرائيلي ضد المناضلين الفلسطينيين الذين لم يثبت بحقهم أي مخالفات معينة، وأنتقل مع انتهاء الانتداب البريطاني لأرض فلسطين إلى الاحتلال الإسرائيلي بعد ذلك ، والأمر كله لا يحتاج إلا لجرة قلم من ضابط المخابرات الإسرائيلي يقول فيها : "أن الشخص المعتقل يشكل خطراً على أمن المنطقة " والتي تعتبر كافيه لتغييب الإنسان الفلسطيني خلف القضبان لفترات زمنية تصل لسنوات عديدة، وتستخدم السلطات الإسرائيلية هذا النوع من الاعتقال بشكل موسع لا كإجراء احترازي وإنما كعقوبة وزيادة في معاناة الإنسان الفلسطيني وأفراد عائلته.
خبراء حقوقيون تابعون للأمم المتحدة قالوا أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم الاعتقال الإداري كوسيلة للسيطرة السياسية منذ بداية احتلال الأرض الفلسطينية في عام1967. وأشاروا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل استخدام الاعتقال الإداري لسجن أكثر من 500 فلسطيني في انتهاك للقانون الدولي – بينهم ستة أطفال – دون توجيه اتهامات، وبدون محاكمات ودون إدانات، وجميعها تستند إلى معلومات سرية لا يمكن للمعتقلين الوصول إليها." وأضافوا أن الاحتجاز التعسفي للأطفال "أمر مقيت بشكل خاص" لأنه ينتهك المعايير الدنيا المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل.
إن الممارسات الإسرائيلية للاعتقال الإداري تدفع بالأسرى إلى اتخاذ إجراءات يائسة، وحتى المخاطرة بحياتهم، للفت الانتباه إلى محنتهم ومعاناتهم.
فلاعتقال الإداري لا يتناسق بموجب الأوامر العسكرية الإسرائيلية مع القوانين والمعايير الدولية ذات العلاقة.
ومن خلال نضالهم ضد هذه السياسة يواصل المعتقلون الإداريون مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال بدرجاتها المختلفة لليوم الـ 140على التوالي، وذلك في إطار خطة لمواجهة جريمة الاعتقال الإداري.
و يبلغ عدد المعتقلين الإداريين حاليا قرابة 500 معتقل كما صدر 8700 أمر اعتقال إداري إسرائيلي بحق فلسطينيين منذ 2015.
وقد نفّذ الأسرى الإداريين منذ أواخر 2011 وحتى نهاية 2021 أكثر من 400 إضراب فردي عن الطعام، إضافة إلى آخر جماعي خاضه المعتقلون عام 2014، واستمر 62 يوما .
إن الاحتلال الإسرائيلي يلجأ من خلال الاعتقال الإداري لاعتقال المدنيين الفلسطينيين من دون تهمة محددة ومن دون محاكمة، مما يحرم الأسير ومحاميه من معرفة أسباب الاعتقال، ويؤدي غالبا إلى تجديد أمر الاعتقال الإداري بحقه مرات متتالية.
استخدمت سلطات الاحتلال هذه السياسة بشكل متصاعد منذ السنوات الأولى لاحتلالها الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967.
وسُجلت إلى حدود عام 2014 أكثر من 50 ألف حالة اعتقال إداري من بين أكثر من 805 حالات اعتقال، حسب معطيات وزارة شؤون الأسرى.
وخلال سنوات الانتفاضة الأولى بين عامي 1987 وحتى عام 1994 صدر نحو 19 ألف أمر اعتقال، وكان العدد مشابها تقريبا خلال سنوات الانتفاضة الثانية من عام 2000 إلى عام 2007، حيث اقترب من نحو 18 ألف حالة.
وشهد عام 2022 العديد من التحولات على صعيد واقع عمليات الاعتقال، فقد أصدر الاحتلال 2409 أوامر اعتقال إداري، وبقي منهم نحو 850 رهن الاعتقال الإداري؛ وهو الأعلى منذ أكثر من 10 أعوام.
وينتهج الاحتلال سياسة الاعتقال الإداري للأسرى السابقين، فقد حول العام الماضي 43 مقدسيًا للاعتقال الإداري، علما أن الاحتلال جدد لبعض الأسرى الاعتقال الإداري أكثر من مرة.
وفي عام 2022، خاض 75 أسيرًا عدة معارك للأمعاء الخاوية احتجاجا على عدة إجراءات تعسفية، ومعظمها كانت إضرابات ضد الاعتقال الإداري.
ومن أطولها إضراب الأسير خليل عواودة الذي استمر 172 يوما، وتعمد الاحتلال توجيه تهمة جديدة له للاستمرار في اعتقاله والتنصل من الاتفاق .
ان القانون الدولي الإنساني أجاز اللجوء للاعتقال الإداري لأسباب أمنية قهرية وبشكل استثنائي وفردي ، محذراً من استخدامه سلباً وبشكل جماعي لأن ذلك ربما يصل إلى مستوى “العقاب الجماعي ” ، على أن ينتهي الاعتقال الإداري فور زوال الأسباب)
وقد إستغلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مادتين قانونيتين كمسوغ لفرض الاعتقال الإداري على الاف من ابناء الشعب الفلسطيني. الأولى: المادة (111) من أنظمة الدفاع لحالة الطوارئ التي أقرها الانتداب البريطاني عام 1945 . الثانية: البند 78 من اتفاقية جنيف الرابعة الذي يسمح باعتقال أشخاص ضمن الاعتقال الإداري في حالات شاذة للغاية، كوسيلة أخيرة تهدف إلى منع الخطر الذي لا يمكن إحباطه بوسائل اقل مساً بالحرية التي إعتبرها قانون حقوق الإنسان الدولي "من اللبنات الأساسية في حقوق الإنسان".
ثم تفننت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في إصدار اوامر الاعتقال الإداري بهدف قمع النخب السياسية والاجتماعية من رجالات السياسة والمثقفين والأكاديميين وأعضاء المجلس التشريعي علاوة على النساء والأطفال القاصرين، كما هو في الاوامر العسكرية التالية:
* الأمر العسكري الإسرائيلي رقم ( 378 ) في سنة 1970
* قانون صلاحيات الطوارئ (اعتقالات) في سنة 1979
* الامر رقم (1228) في سنة 1988 من أجل تسهيل عملية الاعتقال الإداري ، والذي أعطى صلاحية إصدار قرار التحويل للاعتقال الإداري لضباط أقل رتبة من قائد المنطقة، مما أدى الى ارتفاع كبير لعدد المعتقلين الإداريين الفلسطينيين
* الامر رقم (1281) في سنة 1989 الذي سمح باطالة فترة الإعتقال الإداري للمرة الواحدة لسنة كاملة ، قابلة للتجديد أيضاً ، وقد تم تحويل المئات من الفلسطينيين للاعتقال الإداري لمدة عام وكثيراً ما جدد أمر اعتقالهم عند انقضاء هذه المدة أو قبيل انتهائها .
يجب ملاحظة ان تلك الأوامر (والاعتقال الإداري نفسه) منافية لأحكام المواد 83-96 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949م والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب.
وإن الاعتقال الإداري يشكل جريمة ضد الإنسانية تتطلب تحرك دولي لتحقيق العدالة للمعتقلين الفلسطينيين .