- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
اضطراب النوم في الصغر قد يقود إلى حالات التوحد
اضطراب النوم في الصغر قد يقود إلى حالات التوحد
- 26 أبريل 2021, 2:38:15 م
- 781
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
دراسة أميركية تدقق في العلاقة بين اضطراب النوم في الصغر والتوحد
لا شك أن النوم الكافي يعتبر عاملاً من أهم العوامل التي تلعب دوراً كبيراً في الحفاظ على صحة جسدية ونفسية جيدة بشكل عام. وبالنسبة للأطفال، بشكل خاص، تتعاظم أهمية النوم الكافي غير المتقطع، بشكل كبير، ما يجعله عنصراً مهماً جداً لاكتمال النمو بالنسبة للطفل.
- النوم والتوحد
إضافة إلى الراحة الجسدية اللازمة، فإن فترة النوم هي التي يتم فيها نمو المراكز المسؤولة عن الذاكرة والفهم والعواطف والإحساس في القشرة المخية، ولذلك هناك العديد من الدراسات التي رصدت العلاقة بين قلة النوم، والعديد من الأمراض التي يمكن أن تصيب الأطفال، منها التوحد، خصوصاً وأن 80 في المائة من الأطفال مرضى التوحد يعانون بالفعل من مشكلات في النوم، حيث يكون معدل النوم في العام الأول من العمر فيه مختلفاً، وفي الشهور الأولى من عمر الطفل تقريباً يقضى معظم اليوم نائماً، ويبدأ في النقصان بشكل تدريجي. وأيضاً يتم تغيير معدل الاستيقاظ أثناء النوم مع تقدم الرضيع في العمر.
أحدث هذه الدراسات التي نشرت في مطلع شهر مايو (أيار) من العام الحالي، بإشراف علماء أميركيين من «جامعة واشنطن» بالولايات المتحدة، ونشرت في «المجلة الأميركية للطب النفسي» (American Journal of Psychiatry)، أشارت إلى احتمالية أن تلعب مشكلات النوم في العام الأول من عمر الطفل دوراً ليس فقط في الإصابة بطيف من أطياف التوحد، ولكن أيضاً ربما تؤثر على مسار نمو بيولوجي لأجزاء معينة من المخ، وهي «hippocampus». وقد قام الباحثون بإجراء الدراسة على 432 من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و12 شهراً، ولاحظوا أن معظم الأطفال الذين تم تشخيصهم لاحقاً بالتوحد عانوا جميعاً من اضطراب النوم، وربما يوضح هذا الأمر السبب في تراجع بعض القدرات العقلية لدى مجموعة معينة من الأطفال ضحايا مرض التوحد، حيث إن التوصيلات العصبية والذاكرة الحسية يتم نموها ونضجها الوظيفي لحفظ المعلومات والمهارات، وأيضاً العواطف المختلفة فيما يمكن اعتباره شفرة بيولوجية تشكل طريقة تعامل الإنسان لاحقاً. ويحدث كل ذلك في هذه المنطقة من المخ بشكل أساسي أثناء النوم.
قام الباحثون بالتركيز على الأطفال الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بالتوحد، وتم إجراء مسح عن طريق استخدام أشعة الرنين المغناطيسي (MRI)، لمعرفة الرابط بين تغير معدل النوم والتوحد - والتغير البيولوجي أو العضوي في المخ، ومعرفة إذا كان اضطراب النوم مسبباً لطيف التوحد، أم أنه جزء من المرض. وقد دقق هذا الجانب خصوصاً، لأن العديد من الأطفال المصابين بطيف التوحد لا يتحسن اضطراب النوم لديهم بعد التدخل العلاجي السلوكي، ما يعنى أن السبب ربما يكون عضوياً، وليس مجرد سبب سلوكي، بمعنى أن التغير في المخ يؤدى إلى مرض التوحد الذي يتميز بمشكلات في النوم الطبيعي. ولذلك قام الباحثون بسؤال الآباء عن سلوكيات الأطفال، بشكل عام، وإذا كانت هناك ملاحظات على إدراك الأطفال من عدمه، وأيضاً قاموا بتوجيه بأسئلة خاصة تفصيلية تتعلق بمعدلات نوم هؤلاء الأطفال، ولأي مدى تعتبر معتادة، وأيضاً قاموا بقياس القدرات الإدراكية لهم باستخدام وسائل خاصة معينة مناسبة للعمر، وقاموا بتقييم هذه المجموعة في عمر 6 و12، وأخيراً 24 شهراً.
- فرضية جديدة
في بداية الدراسة، تم تقسيم الأطفال تبعاً لمعدلات خطورة إصابتهم بالتوحد من عدمه. وكانت النسبة الأكبر من هؤلاء الأطفال للاحتمالية العالية للإصابة هم الذين لديهم أخوة مصابون بالمرض، وكانوا حوالي ثلثي أطفال المجموعة على وجه التقريب. وبلغت نسبة احتمالية إصابتهم 20 في المائة، وهي نسبة عالية جداً إذا ما تمت مقارنتها بالنسبة العادية. وكانت هناك عينة من الأطفال بلغ عددها 127 تم تصنيفها على اعتبار أنها معدلات منخفضة لاحتماليات الإصابة، نظراً لعدم وجود عوامل وراثية في هؤلاء الأطفال. وحينما قام الباحثون بعد ذلك بعامين بمتابعة المجموعة نفسها، لمعرفة إذا كان أي من الأطفال أصيب، ومن واقع 300 طفل تم تصنيفهم على أن لديهم معدلات إصابة عالية تم بالفعل تشخيص 71 منهم بالتوحد.
لاحظ الباحثون أن الأطفال الذين أصيبوا بالمرض، ولديهم اضطرابات في النوم، كانت المنطقة المسؤولة عن الإدراك والعواطف في المخ أكبر حجماً من المعتاد، ولم يكن هناك أي تغيرات عضوية أخرى في القشرة المخية. وأفاد الآباء بمعاناة هؤلاء الأطفال من مشكلات في النوم. وعلى الرغم من أن الدراسة لم تجزم بمسؤولية اضطراب النوم عن الإصابة بالتوحد، إلا أنها أوصت بضرورة التفات الآباء إلى مشكلات اضطرابات النوم في الأطفال في أي مرحلة عمرية، وليس بالضرورة في العام الأول فقط.
وأوضح الباحثون أن كلمة اضطراب تشمل عدة معانٍ، مثل عدم النوم الكافي من 8 إلى 10 ساعات، أو البقاء متيقظاً لفترة تزيد عن الساعة في الفراش، أو الاستيقاظ مبكراً جداً من النوم، أو الذهاب للنوم في وقت متأخر، وربما تعنى أيضاً النوم لفترات طويلة أثناء النهار.
وفى النهاية، أشار الباحثون إلى ضرورة إجراء المزيد من التجارب لتأكيد هذه الفرضية العلمية، من عدمها، ولكن أكدوا على أهمية علاج اضطرابات النوم عن طريق أطباء ومراكز متخصصة في «طب النوم» (sleep medicine)، لتجنب آثارها الجانبية على الأطفال. وحذروا من خطورة عدم الاهتمام بالأمر، والتعامل معه بعدم جدية، على اعتبار أنه نوع من الأرق الطبيعي (في الأغلب لا يعاني الأطفال من الأرق، وفي حالة تأخر النوم، فإنه لا يزيد عن ساعة)، خصوصاً في العمر الصغير، حيث يمكن أن يمهد للإصابة بطيف من التوحد.