الإقتصادي رائد سلامه : المقاومة خلقت واقع جديد

profile
  • clock 23 مايو 2021, 9:12:55 ص
  • eye 577
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تعليقًاعلي ما حدث و بعدما وضعت العمليات الدموية أوزارها ، نقدر النهاردة إننا نقول إنه ما كانش ممكن إن إسرائيل تستمر في العمليات دي للأسباب التالية:

1. الإنهاك الإقتصادي المهول من جراء العمليات العكسية للمقاومة. الفلسطينيين إتعودوا علي أسوأ مستويات المعاناة الإقتصادية و ما عادوش يخافوا منها و لا تأثر فيهم من باب "إيش تاخد الريح من البلاط"، لكن الإسرائيليين كانت خسائرهم إستثنائية و نزيف الفلوس (بِنى تحتية و فوقية) كان لابد من إيقافه بالنسبة لهم، و تاريخهم في كل المواجهات بيقول كده: حرب خاطفة قصيرة و موجعة جدا و بمكاسب ضخمة، إنما مواجهات طويلة المدى محدودة المكاسب، فدي ما يقدروش علي تحمل أثرها أبدًا.

2. حالة الرعب النفسي المتأصلة عند المواطن الإسرائيلي و الخوف من فقدان مزيد من الأرواح حتى لو عددها قليل، و دي مسألة أي حكومة إسرائيلية -بغض النظر عن تشكيلتها السياسية- بتحرص علي تلافيها و بتهتم دايما بإن معنويات شعبها تفضل عالية لضمان التماسك الداخلي و لضمان عدم التعرض لأي خسارة معنوية بسبب إن تركيبتهم النفسية هشة نوعًا ما خاصةً عند الشباب غير المتطرفين دينيا و دول عددهم كبير نسبيا. 

3. بداية دخول فصائل مقاومة فلسطينية "معتزلة" أو "شبه معتزلة" على خط المقاومة المسلحة المرة دي و بإستحياء شديد زي الجبهة الشعبية (أبو علي مصطفي) إلي جانب حماس و الجهاد بما يشير إلي إمكان تحقق "حلم" توحد الفصائل الفلسطينية المترهلة أو علي الأقل التنسيق بينها و أظن إن إستمرار العمليات دي كان ممكن يؤدي لكده، و دي مسألة إسرائيل إنتهت منها من زمان و مش من مصلحتها إن يحصل إستعادة لها و لو في حدها الأدنى.

4.     المواجهات علي الأرض المرة دي أفرزت قيادات شبابية جديدة قادرة علي التفاهم بينها و بين بعض -و ربما كمان غفران صراعات الماضي البائس- و بتمتلك أساليب و آليات عمل مختلفة و مؤثرة نوعا ما و بلُغة عصرية و خطاب حديث بتتواصل من خلاله مع العالم كله و مع فلسطينيي المهجر -لو صَح التعبير- و اللي بالمناسبة لعبوا دور عظيم و مبهر في المواجهات الأخيرة و قدروا يوصلوا لمراكز تأثير منحازة تاريخيًا ضدهم (رشيدة حربي طُليب مثالًا)، و ده شيئ إسرائيل منزعجة جدا من تصاعده.

5. بداية عبور "أفراد" من اللبنانيين و الأردنيين للحدود و ده علي الرغم من محدوديته الشديدة إلا إنه بيساهم نفسيا علي في إحياء رمز/فكرة/خاطر قيام الشعوب بحراك ما ضد إسرائيل. المسألة دي مش بس بتزعج إسرائيل لكن كمان بتمثل لها هاجس مُرعب للغاية بكل اللي بتحمله من دلالات و مضامين رمزية علي المدى الطويل.

6. تغير معادلات التوازنات الأقليمية اللي نتانياهو كان بيراهن علي تأثيرها و ثبت فشل رهانه و اللي جايز جدا جدا يتسبب في إلقاءه هو و حكومته بره التاريخ بلا رجعة. 

الخلاصة من وجهة نظري المتواضعة هي إن المقاومة قدرت تخلق واقع جديد دفنت فيه جثة أوسلو اللي ماتت و ريحتها فاحِت من زمان و طبعًا إكرام الميت دَفنُه، و يُمكن للمقاومة علي أرضية الواقع الجديد ده إنها تدخل "مجتمعة" معركة تفاوضية و تحقق من خلالها مكاسب مرحلية جوهرية لو أرادت، و أظن إن هيكون فيه في المنطقة صيغة جديدة مختلفة عن مشروع الشرق الأوسط الكبير بكل ملامحه.....إنتصرت المقاومة و خسرت إسرائيل لكنها لم تنهزم، و الله أعلم.

التعليقات (0)