- ℃ 11 تركيا
- 9 يناير 2025
الداعية خالد سعد يكتب: غزة.. صرخة تحت البرد القارس ونفاق العالم
الداعية خالد سعد يكتب: غزة.. صرخة تحت البرد القارس ونفاق العالم
- 9 يناير 2025, 12:36:55 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في شتاء قارس يلفح وجوه أطفال غزة الذين لا يجدون سقفًا يأويهم، ولا دفئًا يحميهم من البرد، تُعري الأحداث المستمرة الوجه الحقيقي للنظام العالمي الذي يتشدق بالإنسانية وحقوق الإنسان. غزة اليوم تمثل رمزًا للصمود أمام آلة الاحتلال الإسرائيلي الغاشمة، ولكنها أيضًا شاهد على تواطؤ القوى الكبرى وتخاذل العالم العربي والإسلامي.
شتاء غزة: كارثة إنسانية تتفاقم
البرد القارس في غزة ليس مجرد برد الشتاء، بل هو عنوان لمأساة مستمرة يعيشها أكثر من مليون إنسان، خاصة الأطفال والنساء والشيوخ.
أكثر من 1.1 مليون طفل في غزة يعيشون بلا مأوى آمن، تحت الخيام أو في منازل مدمرة.
الأمطار والسيول تزيد من معاناتهم، حيث تغرق الخيام وتتسرب المياه إلى مساكنهم المتهالكة.
نقص الوقود وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة يجعل التدفئة حلمًا بعيد المنال.
قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ﴾ [رواه مسلم]. فأين العون الذي يجب أن يأتي من الأمة الإسلامية لإغاثة إخوانهم في غزة؟
النظام العالمي: ازدواجية المعايير والنفاق الدولي
الغرب الذي يتغنى بحقوق الإنسان يقف صامتًا أمام مأساة غزة، بل يدافع بشراسة عن إسرائيل في كل محفل دولي.
الدفاع المستميت عن إسرائيل:
الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تقدم دعمًا سياسيًا وعسكريًا وماليًا غير محدود لإسرائيل.
أكثر من 3.8 مليار دولار سنويًا تُضخ كدعم عسكري لإسرائيل.
استخدام الفيتو عشرات المرات لإجهاض أي قرار أممي يدين إسرائيل.
ازدواجية حقوق الإنسان:
في حين تُفرض العقوبات على دول وشعوب بحجة انتهاكات حقوق الإنسان، تُغض الطرف عن جرائم إسرائيل التي تقصف المنازل والمدارس والمستشفيات بلا تمييز.
قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: 11-12]. وهذا حال القوى الكبرى التي تدعي السعي لتحقيق السلام وهي التي تدعم آلة الاحتلال والدمار.
التخاذل العربي والإسلامي: جرح في قلب الأمة
منذ عقود، تُترك غزة تواجه مصيرها وحدها أمام الاحتلال، في ظل صمت عربي وإسلامي يكاد يصل إلى حد التواطؤ.
أين الجيوش العربية؟
الأمة التي تملك أكثر من 13 مليون جندي تقف عاجزة عن تحريك لواء واحد لنصرة غزة.
قال النبي ﷺ: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله" [رواه البخاري]. فأين المسلمون من نصرة إخوانهم؟
أين أموال المسلمين؟
بينما تنفق مليارات الدولارات على مشاريع ترفيهية وتسليح لا يُستخدم إلا ضد بعضهم البعض، يعيش أطفال غزة على الفتات.
الضمير العربي الغائب:
رغم الاجتماعات والمؤتمرات، لم يخرج العالم العربي بخطة حقيقية لدعم غزة، لا سياسيًا ولا اقتصاديًا.
أين المواقف الحاسمة التي تقف في وجه الاحتلال؟
الإسلام في الحروب: إنسانية وعدل مقابل إجرام المحتل
الإسلام أرسى قواعد الرحمة حتى في أحلك الظروف، ولم يبرر الظلم أو استهداف المدنيين.
وصايا النبي ﷺ في الحروب:
قال النبي ﷺ: "لا تقتلوا شيخًا فانياً، ولا طفلاً صغيرًا، ولا امرأة، ولا تَعقروا شجرًا إلا لحاجة" [رواه الطبراني].
كان النبي ﷺ يوصي قادة الجيوش: "لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا" [رواه مسلم].
وهذا عمر بن الخطاب عندما دخل القدس، كتب العهدة العمرية التي حفظت حقوق أهلها، وأمر بعدم التعرض للأطفال أو النساء أو دور العبادة.
والمحرر البطل صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين، عامل الأسرى الصليبيين برحمة رغم ما فعلوه بالمسلمين في القدس.
في المقابل: إجرام إسرائيل وحلفائها
قصف المدارس والمستشفيات بشكل متعمد، مثلما حدث في قصف مدرسة الأونروا عام 2014.
استهداف الأطفال بدم بارد، حيث قُتل آلاف الأطفال الفلسطينيين على مدار العقود.
استخدام أسلحة محرّمة دوليًا مثل الفسفور الأبيض، دون محاسبة دولية.
الدفاع عن إسرائيل: الأسباب والمبررات الواهية
الدول الغربية تدافع عن إسرائيل تحت ذرائع واهية:
"إسرائيل تدافع عن نفسها" بينما هي القوة المحتلة.
"حماس إرهابية" بينما غزة تُحاصر وتُقصف بلا رحمة.
لكن السبب الحقيقي هو الدعم السياسي والاقتصادي الذي تقدمه إسرائيل للقوى الغربية.
قال الله تعالى: ﴿لَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ [إبراهيم: 42].
غزة رمز الصمود والأمل
رغم كل ما تعانيه غزة، فإنها ما زالت تقف كالصخرة في وجه الاحتلال.
أبطال المقاومة: يدافعون عن أرضهم بإمكانيات بسيطة أمام جيش مدجج بالسلاح.
الأطفال والنساء: ورغم كل الألم، يصرخون للعالم أنهم لن يستسلموا.
قال الله تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾ [الحج: 40].
ما واجبنا كمسلمين؟
1. الدعم المالي والإعلامي:
تقديم التبرعات لدعم أهل غزة.
نشر الوعي حول معاناته في وسائل الإعلام.
2. الضغط السياسي:
مطالبة الحكومات باتخاذ مواقف حاسمة ضد الاحتلال.
3. الدعاء:
لا نستهين بسلاح الدعاء. قال النبي ﷺ: "الدعاء هو العبادة" [رواه الترمذي].
4. التربية والتوعية:
تربية الجيل القادم على حب فلسطين والاهتمام بقضيتها.
خاتمة
غزة اليوم ليست مجرد قضية فلسطينية، بل هي قضية الأمة الإسلامية بأسرها. إنها امتحان لضمير العالم ولإيمان المسلمين بواجبهم تجاه إخوانهم.
قال الله تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ [محمد: 7]. فلنكن على قدر المسؤولية، ولنُثبت للعالم أن غزة ليست وحدها، وأن الأمة الإسلامية قادرة على العودة إلى دورها الريادي في قيادة العالم نحو العدل والرحمة.