- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
الدكتور حسن مرهج يكتب: عودة تلاها انقطاع.. حقائق الموقف السعودي من سورية.
الدكتور حسن مرهج يكتب: عودة تلاها انقطاع.. حقائق الموقف السعودي من سورية.
- 14 أغسطس 2023, 5:57:26 ص
- 2575
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بعد سنوات الحرب التي شُنت على سوريا، يمكن القول بأن جُملة الانتصارات السياسية التي حُققت سورياً، كثيرة ولا تُعد، لكن الأهم في سياق تلك الانتصارات، جاء عبر حالة الإنفتاح العربي والخليجي على دمشق، الأمر الذي يؤكد بشكل أو بآخر، صوابية القرار السوري، وتمسكه بمفهوم العروبة والقومية، لكن رغم ذلك، فإن حالة الانفتاح لم تكن بالمستوى المطلوب سورياً، بمعنى أن مسار الانفتاح لم يكن على مستوى توقعات دمشق.
السعودية وما تُمثله من ثقل عربي وإسلامي، تُعد بلا ريب بوابة سورية إلى الخليج، لكن الدولة السورية لم تكن لترضى في أحلك سنوات الحرب والحصار عليها، بفرض أي سياسات تتناقض مع القرار السيادي في سورية، وفضلاً عن ذلك، فأنه جراء القرار السوري المستقل، شُنت حرباً ظالمة على سورية والسوريين، وبعد تلك السنوات والانتصارات، لن ترضى دمشق بأي تنازلات تتعارض مع جملة المفاهيم السيادية التي تتبناها الدولة السورية.
وربطاً بما سبق، فإن معادلة خطوة بخطوة التي وُضعت في مسار إعادة العلاقات مع دمشق، تتناقض مع القرار السوري، وهذا ما يمكن استشرافه من خلال تصريحات المسؤولين السوريين، لجهة عدم ربط أي تقدم سياسي في العلاقات مع دمشق، بشروط ومطالب لا يُمكن للقيادة السورية تقديمها أو التنازل سياسياً لإرضاء أحد.
من هنا كانت واضحة تلمحيات الرئيس السوري، بشار الأسد، في حوار تلفزيوني مع قناة سكاي نيوز، إذ ألمح الأسد في معرض حديثة عن حالة الانفتاح على دمشق، أنه لا يمكن للقيادة السورية أن تتنازل عن حقوق الشعب السوري، كما أن العلاقات العربية العربية، لم تشهد أي تطورات جراء ارتهان القرار العربي، وجراء الإملاءات الأمريكية والغربية.
في جانب أخر، فأنه وبعد أن عادت دمشق إلى شُغل مقعدها في الجامعة العربية، ورغم تفاعل دمشق مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية، إلا أن ذلك برأي بعض الدول الخليجية وعلى رأسهم السعودية لم يكن كافياً، وهذا الأمر ترجمه الأسد في لقاءه الأخير حين قال، أن العلاقات العربية_العربية هي شكلية لأنها لم تشكل مؤسسات فعالة، هي فقط تحاول تحديد المشكلة دون النظر إلى الحلول، وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى أن الجامعة العربية لم تتحول لمؤسسة وبالتالي هي شكلية.
ما ذكره الأسد، يُفسر بشكل مباشر واقع العلاقات السورية العربية الخليجية، وهذا يؤكد بشكل مباشر، مدى هشاشة تلك العلاقات، لا سيما أنها لا تُبنى على الاحترام المتبادل، بل على فرض الإملاءات، وهذا ما لا تقبله الدولة السورية قيادة وشعباً، وعليه فإن الرئيس الأسد كان واضحاً في توصيف ما سبق حين قال، بدأ الآن الوعي ضد المخاطر من عدم العلاقات العربية الجيدة، الذي من المحتمل أن يتصاعد في الفترة القادمة ويشكل نواة الوحدة العربية وذلك بإيجاد الحلول وليس البحث والتشخيص.
كل ذلك، يُفسر جلياً حالة البرود السوري السعودي، لا سيما أن الأراء التي تصدر من بغض الكُتاب السعوديين، تضع اللوم على دمشق، في استمرارها بالتعاون الوثيق والإستراتيجي مع ايران، كما أن هؤلاء الكُتاب يقولون أن على دمشق تقديم تنازلات سياسية، بغية إرضاء السعودية. ولعل أهم ما قاله الأسد في لقاءه مع سكاي نيوز عربية، حصلت الحرب لأننا لم نخضع للمطالب التي حاولوا فرضها علينا، وكنا نعلم أنها ستكون حرباً طويلة وليست أزمة عابرة.
وبالتالي يبدو واضحاً، أن الدول العربية والخليجية ورغم مشهد الانفتاح على دمشق، لكنها لا تزال تعمل وفق ما يطلبه الغرب، ونتيجة لذلك، تستمر الدول الغربية وواشنطن في نهج التجويع والحصار، لحرمان الشعب السوريّ من ثرواته ورزقه ومنع أيّ أحد من مساعدته ودعمه، في ظل مواصلة حصار جائر يفرضه الأمريكي وحلفاؤه وأدواته في المنطقة ضد هذا البلد، لتحقيق مشاريعهم الهدامة في المنطقة، وخاصة أن الغدر الأمريكي والغربي في شعوب المنطقة ليس جديداً، في ظل قيامهم بتجويع وزيادة مأساة الشعب السوري الذي يعيش أسوأ ظروف في تاريخه.
* الدكتور حسن مرهج خبير الشؤون السورية والشرق أوسطية ومدير شبكة فينيقيا للأبحاث والدراسات الإستراتيجية