- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
الدكتور صالح المشني.. 57 عامًا من حب الصيدلة
الدكتور صالح المشني.. 57 عامًا من حب الصيدلة
- 22 يناير 2023, 10:32:28 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
رام الله- خاص بـ"القدس"- قبل 57 عاماً بدأ الدكتور صالح يعقوب صالح المشني من شعفاط في القدس مشواره الطويل مع الصيدلة فتعلمها في إسبانيا، وخاض بعدها غمار العمل في مهنة أحبها، ليكون مميزًا في مهنته، ومن أوائل من عملوا في الصيدلة وإنتاج الأدوية في فلسطين، وخاصة بالضفة الغربية، وهو لا زال على رأسه عمله حاليًا في صيدليته الخاصة وسط مدينة رام الله، يبيع الدواء للمرضى رغم أن عمره قد شارف على الثمانين.
الصيدلاني الخبير
عام 1965 أنهى صالح المشني دراسته في الثانوية العامة "التوجيهي" من المدرسة الرشيدية في القدس، ثم انطلق بعدها بنحو عام وسافر إلى إسبانيا ليتعلم الصيدلة، ويذكر أنه سافر مدة سبعة أيام إلى تركيا بالباخرة بتكلفة 24 دينارًا كبديل عن السفر بالطائرة إلى إسبانيا بتكلفة 56 دينارًا حينها.
ورغم أن الجميع حدثه عن صعوبة الدراسة في إسبانيا إلا أن صالح المشني أصر على تعلم الصيدلة هناك، واجتاز امتحان القبول، واجتاز تعلم اللغة الإسبانية، وبدأ مشواره مع تعلم الصيدلة.
يقول المشني لـ"القدس" دوت كوم: "لقد تقدمت اجتزت كل ما طلب مني وأصبحت طالبًا في كلية الصيدلة، واجتزت 5 سنوات بتفوق، فعلاً كانت الدراسة صعبة، وهي في تلك الفترة كانت من أصعب دول أوروبا في التعليم، حينما درست الصيدلة في إسبانيا رأيت المعجزات، سواء من طبيعة الدراسة أو اللغة الإسبانية، لكنني وفقت في تعليمي".
يضيف المشني، "رغم صعوبتها كانت الدراسة في إسبانيا مميزة من حيث التعليم، فالتدريب عملي لديهم، كان المحاضر يأخذنا كل 20 يومًا إلى الجبال نقطف النباتات الطبية، وندرسها ونحفظها، حتى تمكنا من جمع وحفظ جميع المعلومات المتعلقة بثلاثة آلاف نبتة طبية، وتقدمنا بامتحان فيها".
أما المختبرات، فإن المشني يؤكد أن التدريب فيها كان شاملًا، من صنع الأدوية، وتصنيع الأغذية، وإجراء عمليات جراحية وتعلم الإسعافات، حتى عمليات التوليد للنساء، لقد كانوا يؤمنون بأهمية أن يتعلم الصيدلي الكثير من أمور الطب، لأنهم يفترضون أن الجميع قد يحتاجنا كون إسبانيا قارة وقد نعمل في أماكن بعيدة، عدا أن الصيدلي من الممكن أن يعمل في كثير من المجالات.
بعدها أنهى المشني دراسته في جامعة مدريد بتخصص صناعة الأدوية وتقدم بامتحان نهائي، واجتاز مرحلته الجامعية في الصيدلة، ثم عمل بمصنع للأدوية في إسبانيا، وأصبح مميزًا بمهنته نظريًا وعمليًا.
الأول في فلسطين
في سبعينيات القرن الماضي، عاد الدكتور صالح المشني إلى الضفة الغربية، حينها كتبت صحيفة "القدس" عنه "حين عاد إلى أرض الوطن الصيدلي الصناعي صالح المشني"، ليفاجأ بشركة "بلسم" لصناعة الأدوية، وهي شركة بيعت بعدها وأصبح اسمها حاليًا شركة القدس للمستحضرات الطبية، بأنها قد زارته في منزله، ليعمل معها.
يقول المشني: "كان الصيادلة في ذلك الحين قلائل، وعملت بشركة بلسم، وترقيت وأصبحت مدير إنتاج في الشركة، وعملت فيها 11 عامًان لقد كنت الصيدلي المسؤول الوحيد فيها، وكان لدي خبرة مميزة أكثر من غيري، فبقيت في العمل بشركة بلسم حتى العام 1986، ثم فتحت صيدلية في مدينة رام الله".
لا يزال صالح المشني يحتفظ بدفتر فيه أسماء وتركيبات ومعادلات الأدوية منذ 50 عامًا، لقد أشرف على إنتاج 106 أدوية بشركة بلسم، وتلك الأدوية لا تزال موجودة في الأسواق باسم شركة "القدس" للمستحضرات الطبية بذات التركيبة الدوائية.
كان صالح المشني حصل بعد عودته إلى فلسطين على ترخيص أردني بعدما تقدم لامتحان قبول حصل على الأول فيه من بين 33 طالبًا وطالبة، كما حصل على ترخيص من وزارة الصحة الإسرائيلية كونه يحمل هوية القدس، بعدما اجتاز امتحان المزاولة وكان الأول بين المتقدمين.
يؤمن المشني بأهمية دور الصيدلاني وما يمكن أن يقدمه للمجتمع، فهو يساعد بالأمور البسيطة طبيًا والتي لا تحتاج لتدخل كبير من الأطباء، والمشني يؤمن كذلك بأهمية الطبيب في تشخيص وعلاج المرض، فلكل تخصصه.
المحب لإسبانيا
مغرم صالح المشني بإسبانيا التي يحب أهلها وحبهم للعرب والفلسطينيين، وكذلك يحب الحياة الاجتماعية هناك، والشعب الإسباني كما يؤكد، شعب كريم ومضياف، ولا يوجد لديه عنصرية، كما كانت علاقة الدكاترة المحاضرين بالطلبة العرب مميزة.
يتذكر المشني الظروف التي عاشها الفلسطينيون بعد حرب عام 1967، وموقف إسبانيا بدعم الطلبة الفلسطينييين، ويقول: "لقد تم استدعاؤنا وسؤوالنا عن أوضاعنا وإن كنا قد انقطعنا من المال بسبب الحرب، لقد منحنونا منحة وجبات طعام مرتين في اليوم ولمدة عام، ومصروف لمرتين قيمته 200 دينار أردني، وتم توفير خصم لنا على المواصلات بنصف القيمة، رغم أن دولًا عربية كثيرة لم تفعل لنا ذلك!".
ولحبه لإسبانيا لا زال المشني يضع علم إسبانيا في صيدليته في مدينة رام الله، ولا زال يحتفظ بشهاداته العلمية الإسبانية وصور التخرج، وهو لا ينسى ما قدمته إسبانيا من تعليم ومواقف مشرفة ومساندة للطلبة، لكن هذا الحب لا يمكن له أن يبتعد عن وطنه فلسطين.