الراحل محمود السعدني ..المفكرة في جيبي

profile
  • clock 10 أغسطس 2022, 5:05:30 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في زيارة عمنا محمود السعدني للعقيد القذافي في المستشفى العام بطرابلس، قام الزعيم الليبي بإعطائه مفكره شخصيه عثرت عليها لجان الجرد في مكتبة الملك السنوسي، والتي كان يدون فيها مذكراته اليومية يوم بيوم.... وأكد له أن هذه المذكرات تحمل بين طياتها الكثير من المثيرات المضحكه، مطالبا إياه أن يستوحي منها قصصاً تشبه حكايات الشيخ لعبوط.

ويقول عمنا السعدني في كتابه الولد الشقي في المنفي

"وعندما تصفحت مفكرة الملك السنوسي، ضحكت ولكنه كان علي رأي المتنبي ضحك كالبكاء...
اي عيشة غلب كان يعيشها الملك السنوسي في ليبيا؟!وعندما تسمع كلمة ملك قد يشرد ذهنك إلي حياة الملوك المترفه التي كان يعيشها ملوك أسرة محمد علي في مصر، وقد يذهب خيالك بعيدا بذاكرتك الي ليالي بغداد ايام خلفاء بني العباس.

ولكن الحقيقة، من خلال هذه المذكرات كان السنوسي يعيش عيشة موظف حكومي درجة تالته في القاهره... ولم يكن عيبه هو الاسراف والترف ولكن عيبه هو الضعف الشديد كحاكم...

فلم يكن يحكم ابعد من حجرته في القصر، كانت بني غازي في يد الانجليز وكانت طرابلس في قبضة الأمريكان وكانت فزان في براثن الفرنسيين..
وكان القصر الملكي في قبضة زوجته وكانت حجرته المكان الوحيد الذي يستطيع أن يأمر فيه وأن يحكم في مساحتها علي هواه..
في احدي الصفحات طلب إلي ناظر الخاصه إحضار ثلاث رؤوس ضأن لإحياء ليالي العيد، ثلاث رؤوس ضأن ثمنها في تلك الأيام عشرون دينار لا تزيد..

الأغرب من هذا، أن المفكره هديه للملك من الشمرلي..وهو صاحب مكتبه في شارع محمد علي بالقاهره..ويطبع كل عام مفكرات رخيصه يطرحها في الأسواق لعامة الشعب...
وكانت تحمل في صفحتها الأولي عناوين المحطات الرئيسية لترام الجيزه والمدبح والسكاكيني والعباسية وارقام تليفونات إسعاف ومطافيء ونجدة القاهره..

والأغرب من ذلك أنه كتب في أول صفحه بتاريخ اول يناير ١٩٦٩ (اللهم نجنا من كل شر وجنبنا غدر الزمان..آمين) وبعد ثمانية أشهر من هذا التاريخ وفي يوم الفاتح من سبتمبر ١٩٦٩ لم تشفع له دعواته وقضي الزمان علي الملك السنوسي أن يبقي خارج أرضه حيا وميتا، وقد دفن السنوسي في البقيع  .. و المفكره لا تزال في جيبي"

الكاتب الراحل محمود السعدني - كتاب الولد الشقي في المنفي

التعليقات (0)