- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
السعودية.. نموذج تغير الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط
السعودية.. نموذج تغير الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط
- 18 يونيو 2023, 3:26:41 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ربما يكون التحول في السياسة الخارجية السعودية هو أوضح مظهر من مظاهر الاضطرابات التي تشهدها الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، حتى باتت الافتراضات القديمة لم تعد صالحة في تقييم التغييرات في المنطقة.
هكذا يتحدث تقرير لـ"Observer Research Foundation" الهندية، وترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أن الحياة عادت كاملة بالنسبة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي نبذه العالم الغربي بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في إسطنبول، وسط اتهامات لبن سلمان باتخاذ قرار قتله.
ويستشهد التقرير بزيارة بن سلمان إلى فرنسا للمشاركة في قمة ميثاق مالي عالمي جديد، تعقد الأسبوع المقبل، وبقائه في فرنسا لمدة 10 أيام، حيث يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل أن يقود وفد بلاده لحسد دعم لترشيح السعودية لاستضافة معرض "إكسبو 2030" العالمي.
في وقت سابق من هذا الشهر، كان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في الرياض في محاولة لإعادة التواصل مع السعوديين بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن غير الناجحة، منتصف العام الماضي.
وفي غضون ذلك، واصل السعوديون انخراطهم مع روسيا، وإعادة العلاقات مع إيران، قبل أن تستضيف المملكة مؤتمر الأعمال العربي الصيني، حيث تم توقيع صفقات استثمارية بمليارات الدولارات بين الصين والدول العربية.
ووفق التقرير: "لقد واجهت الولايات المتحدة أصعب وقت في التكيف مع الحقائق الجديدة، حيث كان بايدن صاخبًا في إدانته لبن سلمان، مشيرًا خلال حملته الانتخابية لعام 2019 إلى أنه سيعامل الرياض على أنها "منبوذة" إذا تم انتخابه.
ويضيف: "كان بايدن يقف ضد موقف سلفه دونالد ترامب غير المبالي تجاه انتهاكات حقوق الإنسان من قبل النظام السعودي، وبعد فترة وجيزة من انتخابه، خلص تقييم استخباراتي وطني إلى أن بن سلمان وافق على العملية التي أدت إلى مقتل خاشقجي، ما أدى إلى اتخاذ بعض الإجراءات الجادة ضد الرياض، بما في ذلك حظر التأشيرات لحوالي 76 مواطنًا سعوديًا".
ومنذ ذلك الحين، عانت العلاقة بين الرياض وواشنطن من أجل استعادة توازنها على الرغم من زيارة بايدن للسعودية في يوليو/تموز 2022.
وعلى الرغم من أن الزيارة لم تسفر عن الكثير، حيث رفضت الرياض قبول طلب الولايات المتحدة لخفض أسعار النفط، وواصلت شراكتها مع روسيا في "أوبك+"، أصبح من الواضح أن الولايات المتحدة كانت تحاول إعادة صياغة معالم علاقاتها مع أحد أقوى حلفائها في الشرق الأوسط.
وكانت حقيقة أن الصين تبدو وكأنها تكتسب مكانة في الشرق الأوسط عاملاً إضافيًا في عملية إعادة تغيير المعالم هذه.
ولم تضيع بكين وقتا في ملء الفراغ الذي تركه الأمريكيون، وكان الجانب الأبرز في هو التقارب الذي تمكنت بكين من التوسط في أبريل/نيسان بين الخصمين اللدودين وهما السعودية وإيران، ما سمح بإعادة فتح السفارات واستئناف الرحلات الجوية المباشرة واستئناف الاتفاقيات الأمنية والتجارية.
ويتزايد نفوذ الصين في الشرق الأوسط منذ بعض الوقت، حيث تتطلع إلى تعزيز وجودها في المنطقة التي تستورد منها معظم نفطها.
في الوقت نفسه، كانت واشنطن تشير إلى أن اهتمامها بالمنطقة يتضاءل، وكانت رقعة الشطرنج في الشرق الأوسط جاهزة للتجديد، وقد أوضحت بكين أن لديها الإرادة للعب هذه اللعبة.
لكن السعودية ليست مستعدة لوضع كل بيضها في سلة واحدة، فخلال زيارة بلينكن إلى الرياض، أوضح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن السعوديين يفضلون أن تأتي المساعدة لبرنامجهم النووي المدني من الولايات المتحدة، لأنهم يرغبون في بناء برنامجهم "بأفضل تكنولوجيا في العالم".
وهناك قوى أخرى على الخط مستعدة كذلك لمساعدة الرياض.
كما شدد السعوديون على أن التطبيع مع إسرائيل سيكون له "فوائد محدودة" دون "إيجاد طريق للسلام للشعب الفلسطيني".
وكانت الرسالة من الرياض واضحة، على عكس الماضي، فإن السعودية تعيد ضبط علاقاتها مع الولايات المتحدة، بينما تبحث المملكة الغنية بالنفط عن هوية عالمية جديدة مع التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي بدأها محمد بن سلمان.
كان موقف السياسة الخارجية لبن سلمان يتسم بتنويع الشركاء.
ولعل زيارته إلى فرنسا وأوروبا العام الماضي، بداية قبول الغرب لأنه كان يبحث عن مصادر بديلة للطاقة في عالم ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
في الوقت نفسه، استمر بن سلمان في تعاونه مع روسيا في سوق النفط العالمية حتى في الوقت الذي تبرز فيه الصين بسرعة كشريك اقتصادي رئيسي.
ويختتم التقرير بالقول: "مثلها مثل بقية العالم، في عصر السيولة العالمية هذه، تقوم الرياض أيضًا بنحت سياسة خارجية تسمح لها بالإبقاء على خياراتها مفتوحة".