- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
الصومال.. بداية أفول "الشباب" بعد 15 عاما من الصعود (تحليل)
الصومال.. بداية أفول "الشباب" بعد 15 عاما من الصعود (تحليل)
- 23 يناير 2023, 10:24:42 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ـ النائب ظاهر أمين جيسو: نجاح الحكومة في تأليب العشائر ضد الإرهابيين غيّر مجرى الحرب
ـ متحدث وزارة الأمن الداخلي: سقوط مدينة "حررطيري" ينذر ببداية أفول نجم الإرهابيين
ـ المحلل عبد القادر حسن: حركة "الشباب" لا تستطيع منع حدوث التصدعات مع كل هذه الهزائم
ـ المحلل محمد أبتدون: خسارة الحركة مدنا ساحلية حرمها من أموال ومن الاتصال بالقاعدة في شبه جزيرة العرب
لم يكن متوقعا حجم الخسائر المتلاحقة التي منيت بها حركة "الشباب" الإرهابية أمام الجيش الصومالي بدعم من العشائر المسلحة مؤخرا، وانسحابها من مناطق ساحلية واستراتيجية وسط البلاد في ظرف أسابيع، خاصة وأن نفوذها تصاعد في السنوات الخمس الماضية، بحسب محللين.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه محللون سياسيون أن انسحاب الحركة من بعض المدن دون مواجهات أمام الجيش ما هي إلا تكتيك استراتيجي لجمع قواها ومواجهة الحملة العسكرية ضدها، يرى آخرون أن تهاوي الحركة أمر واقع بسبب عجزها عن توفير إمداد بشري للقتال أمام استراتيجية الحرب الحكومية ذات الجبهات المتعددة.
انسحاب الحركة من مدينة حررطيري الساحلية (500 كلم شمال العاصمة مقديشو) دون مواجهات، يطرح تساؤلات عديدة بشأن مستقبل الحركة وقدرتها على الصمود في المناطق المتبقية لسيطرتها.
فالرئيس حسن شيخ محمود، أعلن مؤخرا فتح جبهات قتالية جديدة في ولايتي جنوب غرب الصومال وجوبالاند المحليتين، الواقعتين جنوب مقديشو.
ـ تقدم عسكري متواصل
بخطى ثابتة ومحكّمة يواصل الجيش تقدمه نحو المناطق الخاضعة لسيطرة مسلحي "الشباب" الذين لجأوا لخيار الانسحاب من مناطق سيطرتهم بدلا من المواجهة العسكرية نظرا للتفوق العسكري للجيش في ميادين القتال.
عضو اللجنة الأمنية في البرلمان ظاهر أمين جيسو، يقول للأناضول، إن "انتصارات الجيش المتواصلة ليست محض صدفة، وإنما تأتي في إطار استراتيجية عسكرية ذات ثلاثة محاور، وهو ما أدى إلى تقويض نفوذ الإرهابيين في مناطق استراتيجية جنوب ووسط البلاد".
وأشار النائب جيسو، إلى أن "نجاح الحكومة في تأليب العشائر ضد الإرهابيين غيّر مجريات الحرب التقليدية".
وأوضح أن المسلحين "كانوا يتمتعون بحاضنة شعبية يتسترون فيها، كما تمد لهم معلومات أمنية على حساب الجيش، وهو ما كان في السابق يشكل عقبة أمام استعادة مناطق من قبضة الإرهابيين".
وتابع جيسو: "الأسابيع المقبلة سيتم تحرير المناطق القليلة المتبقية في قبضة الإرهابيين في الأقاليم وسط وجنوب البلاد".
ولفت إلى أن "تمدد الحركة وسط البلاد أمر غير ممكن حاليا، نظرا لمحدودية إمكانياتها بشريا وماديا، فضلا عن أن جغرافية المنطقة غير كثيفة الأشجار".
وخسرت الحركة في غضون يومين ثلاثة مدن استراتيجية بينها حرر طيري التي كانت تسيطر عليها طيلة 15 عاما دون مواجهات، وهو ما أظهر بداية مرحلة الانهيار الداخلي التي تمر بها الحركة حاليا.
ـ "حررطيري".. بداية أفول
اعتبر محللون، أن سقوط حرر طيري بيد الجيش يمثل أهمية كبيرة وإضافة نوعية لدعم معنويات الجيش لمواصلة تقدمه، كما تمثل القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لعناصر الحركة.
وقال متحدث وزارة الأمن الداخلي عبد الكامل شكري، للأناضول، إن "استعادة مدن استراتيجية من قبضة الإرهابيين لم تكن تأتي من دون تضحيات".
ولفت شكري إلى أن "سقوط حرر طيري، له أهميته القصوى في هذه الحرب المستمرة، وتنذر ببداية أفول نجم الإرهابيين، الذين عبثوا بأمن بلادنا لنحو عقدين".
وأضاف: "توالي انهيارات الحركة وخاصة في حرر طيري جاء عكس التوقعات لدى الكثيرين، وذلك بفضل الغارات الجوية التي منعت عناصر الشباب من التنقل من موقع لآخر، إلى جانب العشائر المسلحة التي تعرف جغرافية المناطق النائية التي تنطلق منها العمليات الإرهابية".
وحول أهمية المدينة بالنسبة لمسلحي الشباب، قال نائب وزير الإعلام عبد الرحمن يوسف، في تصريح للتلفزيون حكومي، إن "عناصر الشباب كانوا يستخدمون حرر طيري، لأغراض متعددة ، حيث كانت تسهم بشكل كبير في عملياتهم العسكرية".
وأضاف يوسف أن "تحرير المدينة يشكل ضربة قاضية لأحد أهم المنافذ البحرية لعناصر الشباب، ومنها تتلقى الحركة الأسلحة والمتفجرات، وتستقبل الأجانب والمجرمين لتعزيز نفوذها".
وأوضح أن "خسارة المدينة ستشكل بزوغ فجر جديد بالنسبة للشعب الصومالي، وإيذانا بأفول نجم الحركة التي بقيت لسنوات عديدة في هذه المنطقة الاستراتيجية، ما يعني أنه تم حجب أحد أهم منابع الدخل لها".
ـ تصدعات داخل الحركة
يرجح محللون، أن الهزائم المتلاحقة للحركة ستخلق حالة من الانهيار الداخلي في صفوف عناصرها مما يعمق الانقسامات، ويزيد مستوى الشكوك حول وجود تآمر بين القيادات العليا في الحركة.
يقول عبد القادر حسن، المتخصص في الدراسات الأمنية، للأناضول، إن "التراجع العسكري لأي قوة وخسارة مناطق استراتيجية لحساب قوة أخرى، يؤدي حتما إلى اهتزاز ثقة تلك القوات المتراجعة، وهذا حال حركة الشباب، التي تمر بأضعف حالاتها منذ سنوات".
وتوقع "حدوث تصدعات وانشقاقات في صفوف الحركة، وخاصة في القيادات الميدانية في حال واصل الجيش الضغط ولم تبد الحركة أي استراتيجية عسكرية تضمن حماية نفسها من الانشقاقات".
وأوضح الخبير الأمني، أن "الحركة ستحاول قدر الإمكان الحفاظ على صفوفها من الانشقاقات حتى بالقوة، لكن السؤال إلى متى ستستمر؟".
واستدرك أن الحركة "لا تستطيع أن تمنع حدوث التصدعات مع كل هذه الهزائم المتلاحقة والمتواصلة، خاصة في القيادات الوسطى، التي لا تمتلك مصادر اقتصادية محفزة، على عكس القيادات العليا التي تهيمن على كل المصادر الاقتصادية المختلفة للحركة".
من جهته، قال مدير المخابرات الأسبق العقيد عبدالرحمن توريري، في تصريح للتلفزيون الحكومي، إن "الهزائم العسكرية التي مُنيت بها الحركة ستؤدي إلى انقسامات داخلها في الأيام القادمة".
وأضاف توريري أن "ملامح الانشقاقات بدأت حيث استسلم عشرات المقاتلين للقوات الحكومية في الخطوط الأمامية جنوب ووسط البلاد، ثم سيأتي دور القيادات الوسطى والميدانية في حال استمر الضغط وتحرير المناطق القليلة المتبقية".
وفي مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، شهدت حررطيري مواجهات مسلحة بين عناصر من الحركة كانوا يريدون الاستسلام وآخرون يعارضون ذلك ما أدى إلى مقتل 10 منهم.
ـ بدائل محدودة
يقول محمد أبتدون، المحلل السياسي في مركز الصومال للدراسات، للأناضول، إن "للحركة خيارات قليلة جدا ولا تملك فرصا كثيرة للبقاء قوية وذات جذور صلبة، خاصة في المناطق الوسطى".
أبتدون، أشار إلى أن خسارة الحركة مدناً ساحلية حرمها من أموال هامة كانت تدر عليها وتمكنها من الاتصال بالعالم الخارجي، خاصة فرع القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
ويضيف أن "خيارات الشباب هي التخلي عن السيطرة الفعلية واللجوء إلى المدن الجنوبية، سيما ولاية جوبالاند، والتركيز على إمكانية البقاء لسنوات أخرى في غابات الولاية، التي توفر لها أرضية خصبة للبقاء وإعادة ترتيب صفوفها".
واستدرك أبتدون قائلا: "إذا أجرى الجيش عملية تمشيط عسكرية داخل الغابات في الجنوب، فهذا يجبر أفرادها على ترك السلاح والاندماج في المجتمع، في محاولة منهم للاختفاء عن الوجود وإعادة تشكيل التنظيم من جديد".
وأردف: "لكن هذا مرهون بمدى ضعف الاستخبارات الصومالية، وقلة جودة العمليات الأمنية التي تستهدف رأس حربة حركة الشباب".
ويتوقع أبتدون أن "ينتهي مصير حركة الشباب إما للتفاوض مع الحكومة برعاية محلية، أو مواصلة نهجها العسكري".
ويرى أنه "في كلا الحالتين تبدو الحركة هي الخاسرة، وذلك بعد عقد ونصفمن القوة العسكرية والميدانية، لكنها اصطدمت أخيرا بأكبر عملية تواجهها منذ نشأتها، وهو ما يجبرها على التراجع عسكريا وميدانيا في المدى القريب والبعيد".