- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
العراق: آفاق الحلول تتضاءل مع تعقّد الأزمة السياسيّة
العراق: آفاق الحلول تتضاءل مع تعقّد الأزمة السياسيّة
- 14 يونيو 2022, 3:52:20 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نفّذ زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، تهديده بتقديم نواب كتلته البالغ عددهم 73 نائبا، استقالاتهم من البرلمان العراقي، بعد ثمانية أشهر من مراوحة العملية السياسية مكانها، في خطوة قد تزيد الوضع السياسي "إرباكا"، ويتوقّع محللون أن تشعل الشارع من جديد.
وقال رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني، عبد الكريم الدغمي في عمان، اليوم الإثنين، إن "عضوية أي نائب من أعضاء مجلس النواب تنتهي بشكل مباشر عند تقديم الاستقالة". لكن بعض المحللين السياسيين يشيرون إلى أن الأمر يتطلّب تصويتا برلمانيا.
ويشرح رئيس مركز التفكير السياسي والمحلل السياسي العراقي، إحسان الشمري أنه "إذا ما مضينا مع قانون النظام الداخلي (لمجلس النواب) من عام 2007 مادة رقم 19 بالتالي فإنّ الاستقالات بحاجة لتصويت" في البرلمان. ويبقى التأثير السياسي لهذه الخطوة هو الأساس.
الصدر يدرك أن "إيران لن تسمح له بتغيير قواعد اللعبة السياسية"
ويملك الصدر كتلة وازنة في البرلمان، وبالتالي فإنّ استقالتها "ستولّد قناعة لدى أغلب القوى السياسية بأن هذا البرلمان لن يستمر"، كما يرى الشمري.
وبعد ثمانية أشهر من الانتخابات التشريعية المبكرة ومبادرات سياسية لا تحصى، لم تتقدّم العملية السياسية في العراق. ويتوقّف ذلك على التوافق بين الأطراف الشيعية المهيمنة على العملية السياسية منذ العام 2003.
من جهة، دفع الصدر إلى تشكيل حكومة "أغلبية" مع تحالُف "إنقاذ وطن" الذي يضمّ سنّة وأكرادًا. أما خصومه في الإطار التنسيقي الموالي لإيران، فيريدون حكومة توافقية تضمّ جميع القوى الشيعية كما جرت عليه العادة.
ويشرح الشمري أن واحدا من الأسباب التي دفعت نحو هذه الاستقالة هو "شعور الصدر بأن هناك محاولة لكسره سياسيا"، و"إدراكه أن إيران لن تسمح له بتغيير قواعد اللعبة السياسية".
"حكومة مماثلة ستسقط سريعا"
ويرى الشمري أن "تشكيل حكومة" بمن تبّقى في البرلمان في حال المضي بالاستقالة، "أمر صعب".
وقد تتيح استقالة نواب الصدر إذا ما تمّ المضيّ بها، واستبدالهم وفق القانون، بمن حصلوا على ثاني أعلى عدد أصوات في الدائرة نفسها، للإطار التنسيقي بتشكيل حكومة.
لكن "حكومة مماثلة لن ترى النور وستسقط سريعا"، وفق الشمري، في بلد غالبا ما تحسم فيه الأزمات السياسية في الكواليس وليس تحت قبّة البرلمان، ما قد يضع العملية السياسية في نقطة "اللاعودة" ويفضي إلى حلّ البرلمان الذي يتطلب تصويتا من البرلمان نفسه.
ومنذ الغزو الأميركيّ للعراق في العام 2003، تحوّل مقتدى الصدر إلى طرف سياسي أساسي في العراق. وكان مناهضا بشدّة للغزو الأميركي، لكنه يقيم اليوم علاقات معقّدة مع إيران الجارة الكبرى المقربة من الإطار التنسيقي، والتي يندد الكثير من العراقيين بتزايد نفوذها في البلاد.
ويضيف الشمري أنه "حتى الإطار التنسيقي الموالي لإيران الذي قد يشعر أنه حقق انتصارا على مقتدى الصدر، غالبية الأطراف فيه تدرك جيدا بأنّ هذه (الاستقالات) نهاية للعملية السياسية".
ويعني ذلك بالنسبة للشمري أن "الحكومة الحالية سوف تستمر، لحين حسم الخلاف"، أو إقناع الصدر بالعودة عن قراره.
"اندلاع تظاهرات جديدة؟ أمر وارد دائما"
ويرى بدوره المحلل السياسي العراقي، حمزة حداد، أن "الوقت سيكون حاسما في معرفة ما إذا كان الصدر جديا في هذه الخطوة، أم أنها تكتيك جديد لوضع الملامة على الأطراف السياسية الأخرى وشراء الوقت".
وكان الصدر على سبيل المثال قد أعلن قبيل انتخابات تشرين الأول/ أكتوبر 2021 عن مقاطعته لها، قبل أن يعاود من جديد الانضمام إلى العملية السياسية.
وشُكلت الحكومة الحالية التي يرأسها مصطفى الكاظمي في العام 2020، بعد مفاوضات طويلة وتظاهرات شعبية غير مسبوقة، احتجاجا على الأوضاع المعيشية والاقتصادية، لكن في صلبها، كانت اعتراضا على النظام السياسي برمّته.
ويرجّح حدّاد "اندلاع تظاهرات جديدة هذا الصيف، فهذا أمر وارد دائما مع ارتفاع درجات الحرارة وضعف الخدمات، كما الكهرباء والمياه في الجنوب"، فضلا عن التنديد بعدم تقدّم العملية السياسية.
واستباقا لهذا الاحتجاج الشعبي الذي قد يشعل الشارع مجددا، كما حصل في العام 2019، انسحب الصدر من العملية السياسية "لينأى بنفسه" عن الملامة، كما يرى الشمري.
ويتوقّع الشمري حصول حراك شعبي "يشترك فيه ناشطو تشرين لإعادة التظاهرات إلى الشارع العراقي على اعتبار أن البرلمان الحالي لم يتمكن من أن يستكمل استحقاقاته الدستورية". ولذلك وجد الصدر "بأن الاستقالة هي خير ما يمكن أن يبيض صفحته من أخطاء الطبقة السياسية الحالية".
وبالنسبة لحداد، "يبدو أن مقتدى الصدر يريد صرف اللوم عن تأخر تشكيل حكومة، عبر هذه الخطوة، ليدّعي بأنّه ليس هو من يعرقل العملية السياسية كونه من ذهب بعيدا في التخلي عن السلطة كليا".
وكما حصل في العام 2019، قد ينضمّ الصدر إلى هذه التظاهرات مع قوى مدنية، لكن بالصدر أو بدونه "التظاهرات حاضرة"، كما يرى الشمري، نتيجة "أسباب عميقة تستهدف أسس النظام السياسي، التي لا بدّ أن تتغير".