- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
العفو الرئاسي في مصر ..دلالات ورسائل وقوى سياسية تترقب
العفو الرئاسي في مصر ..دلالات ورسائل وقوى سياسية تترقب
- 4 مايو 2022, 7:49:23 م
- 749
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تترقب القوى السياسية في مصر ما سوف يتمخض عن تشكيل لجنة العفو الرئاسي من نتائج ومدى فاعليتها السياسية، للنظر في طلبات المعتقلين لبدء إجراءات الإفراج عنهم بعد تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي مجموعة من الشخصيات السياسية والحقوقية بمتابعة الأمر. ومنذ إطلاق موقع إلكتروني خاص باستمارة ملء طلبات العفو سارعت المنظمات الحقوقية في جمع بيانات معتقلي الرأي والسياسيين، لإرسالها إلى لجنة العفو الرئاسي، في شكل "قوائم"، وإمداد اللجنة بمعلومات عن القضايا المحبوسين على ذمتها وأماكن احتجازهم ومدة حبسهم وظروف احتجازهم. وجاءت تلك الخطوة التى لطالما دعت إليها قوى سياسية وحزبية لتصفية الخلافات السياسية بعد أن أعلن الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تشكلت أواخر العام 2016، مؤكدا أن الوطن يتسع للجميع، وأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية، حسب تعبيره.
وتأتي تلك الخطوة كمحاولة للإفراج عن المحبوسين في قضايا رأي وحرية تعبير، أو أي شخص محبوس بشكل تعسفي، ورفع مظالم السجناء عموماً عن طريق مخاطبة أي جهة معنية بأوضاعهم، وحتى لتشملهم قوائم العفو المفترض إصدارها لاحقاً. جاءت هذه الخطوة في صورة استمارة جمع بيانات، سيتم توجيهها للجنة العفو الرئاسي في مصر من خلال قوائم، لتكون "أداة من أدوات العمل الكثيرة التي تعتمد عليها في أداء رسالتها لنصرة ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان". وأعلنت منظمات حقوقية إنها سوف تراقب مدى التزام اللجنة بالعمل على إطلاق سراح السجناء السياسيين سواء المحكوم عليهم أو المعتقلين احتياطياً على ذمة قضايا والذين يقدر عددهم بالآلاف. كما قالت المنظمات وأضافت في بيان إنها تدرك جيداً عمق محنة المحبوسين السياسيين في مصر وآثارها على صحتهم وحياتهم وعلى أسرهم.
دلالة التوقيت
ومنذ أن أعلن الرئيس السيسي عن تفعل عمل لجنة العفو الرئاسي وكثير من القوى السياسية تتساءل عن دلالة التوقيت ومدى جدية الخطوة، سيما وأن كثيرا منهم رحب بشكل مباشر وغير مباشر بالدعوة كونها الوسيلة الوحيدة لإحداث إنفراجة سياسية في مصر وحل ملف المعتقلين سياسيا، القيادي في جماعة الإخوان يوسف ندا والمفوض الدولي باسمها سابقا لم يعارض إمكانية الحوار مع النظام المصري وصرح بأن باب الإخوان مفتوح لطي صفحة الماضي، وذلك بعد ما وصفه بـ "رد المظالم". على حد قوله. واقترح ندا أن تكون البداية عبر "رد المظالم وإنهاء معاناة المسجونين مـن النساء والرجال، ومعاناة أسرهم" وذلك بتنفيذ ما نصت عليه المادة 241 مـن الدستور الحالي.
وعلى صعيد عام أصدرت غالبية الأحزاب المصرية، بيانات مرحبة بدعوة السيسي إلى الحوار، وعلّق أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور مصطفى السيد على الدعوة بقوله إن توقيت إعلان الدعوة للحوار السياسي له دلالة، خصوصاً أن مصر تواجه أزمة اقتصادية ضاعفت منها الحرب الروسية - الأوكرانية، فضلاً عن المساعي لإبرام اتفاق مع (صندوق النقد الدولي) للحصول على قرض جديد، وهو ما يتوقع أن تترتب عليه آثار على نفقة المعيشة. مضيفا أن هناك حضوراً دائماً للملف الحقوقي في العلاقات بين القاهرة وعواصم غربية، وتابع: في ظل هذه الظروف كان من المفيد حدوث انفراجة تخفف من التوتر مع القوى السياسية التي لا تعارض تماماً نظام الرئيس السيسي، بل إنها تدعو لقدر أكبر من حرية التعبير والتنظيم، وسبقها الإفراج عن عدد من المحبوسين من ذوي الخلفيات السياسية. بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط
بدوره قال الباحث في الإسلام السياسي عمرو عبد المنعم إن لجنة العفو الرئاسي مكونة من 4 شخصيات، ولا يكون اختيار الحالات على أساس الانتماء بل اللجنة تشكلت للجميع ولن تستثني أحد، طالما لم يتورط في أعمال عنف ضد الدولة ولم يصدر ضده أحكام في قضايا إرهاب، وأضاف في تصريحات خاصة لـ"موقع180تحقيقات" كل من شارك في مظاهرات أو رتب لها سيتم الإفراج عنه إضافة إلى معتقلي الرأى السياسي، وسوف تستمر اللجنة في تلقى الطلبات حتى يوم السبت القادم،
وأشار عبد المنعم في تصريحاته أن هناك بعض التزكيات من شخصيات سياسية كبيرة بعيدا عن أى وساطة أو محسوبية، وقال إن توقيت الدعوة جاء حسب رؤية الدولة المصرية أنه من الضروري حل الملف الحقوقي الذي شكّل ضغطا كبيرا على الدولة المصرية في الآونة الأخيرة، كما أن القيادة السياسية استقر في وجدانها أن هناك كثير من المعتقلين كان مغررا بهم من بعض جماعات الإسلام السياسي ولم يشتركوا في أعمال تضر بمصالح الدولة وأمنها القومي.
الإخوان طرف غير مؤثر
الدكتور خيري عمر أستاذ العلوم السياسية بجامعة سكاريا قال إن الأنظمة السياسية بعد مراحل التغيير، تأخذ لنفسها شكل سياسي جديد خاصة بعد إزالة التوتر الناشئ عن صراعات داخلية، وأوضح في تصريحات خاصة لـ"موقع 180 تحقيقات"، إن تفعيل العفو الرئاسي هى مسألة جاءت ضمن إدارة المراحل الطبيعية للنظم السياسية، وأشار إلى أن المصالحة مع الإخوان غير مؤثرة في الاقتصاد المصري من الناحية الكمية، كونهم غير فاعلين حقيقيين فيه وذلك ردا على من يقول إن تلك الخطوة تهدف إلى تخفيف الأزمات الاقتصادية.
وفيما يتعلق بجماعة الإخوان قال عمر إن وضعهم يختلف إلى حد كبير، حيث لا يقتصر الخلاف على تداعيات ما بعد 2013، ولكنه يرتبط بأزمة ممتدة بدأت من نهاية الأربعينات من القرن الماضي، بحيث ظلت العلاقة في أزمات متتابعة ارتبطت بالأيديولوجيا والصراع على السلطة. وأضاف قد ساهمت سرية التنظيم في تكوين علاقة عدائية مع نظم الحكم المتتابعة في هذا السياق وعلى الرغم من إطلاق سراح الاخوان في 1974، مالبثت أن دخلوا في أزمة مع السلطة، فقد تضمن خطاب السادات، سبتمبر 1981، إشارات وردت في مجلة الدعوة تفيد بأن إصلاح الحكم يكون بوصول الإخوان إلى الحكم.
وأوضح عمر في تصريحاته أن انقاسامات الإخوان تصب في تضييق فرصة الحوار أو التهدئة مع النظام، سواء لغياب جهة يمكنها السيطرة عليهم أو تنافسهم في التباعد مع الدولة، واتهام لبعضهم بمحاولة المصالحة مع النظام المصري. وفي ظل هذا الوضع يمكن أن تكون أهمية الحوار في جانبين:1 – زيادة فاعلية الكيانات السياسية وفتح الفرصة لتشكيل جديد منها. 2 – تسوية أوضاع المحبوسين فردياً ، بعيداً عن تنظيماتهم، ضمن أعمال لجان.
الملف الحقوقي
وعلى مدار أكثر من 8 سنوات، ازداد ملف المعتقلين تعقيدا في مصر بعد ارتفاع عدد السجناء والمحبوسين احتياطيا حتى بداية مارس/آذار 2021 إلى نحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي، وفق الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.وتصف "منظمة العفو الدولية" و20 منظمة غير حكومية أخرى، الوضع الحقوقي في مصر بأنه "كارثي"، مشيرة إلى وجود "ناشطين سلميين ومدافعين عن حقوق الإنسان ومحامين وأساتذة جامعات وصحفيين محبوسين لمجرد أنهم مارسوا حقهم في حرية الرأي والاجتماع السلمي والتنظيم".
وفي هذا الصدد قال الكاتب والحقوقي حسين عمار أتمنى أن تكون خطوات العفو الرئاسي جدية وأن تحدث انفراجة حقوقية وتصبح السجون المصرية صفر من حيث النزلاء السياسيين، وأن تضع السلطة حدا لهذا الكم الهائل من الانتهاكات على مدار سنوات ما جعل الوضع الحقوقي في مصر خارج إطار الإنسانية. وأوضح في تصريحات خاصة لـ"موقع 180 تحقيقات" أما عن اللجنة وما أسفرت عنه أعمالها خلال أيام وخروج عدد من المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا سياسية، فإنها خطوة نحو الأمل وتحمل إشارة جديّة بأن هناك بالفعل انفراجة.
وعن توقيت الاجراءات قال عمار لا أستطيع أن أتحدث عن دوافع تلك الخطوة كوني حقوقي ولست متابعا دقيقا للأحداث من الناحية السياسية، ولكن من الممكن أن يكون مسلكا اتخذته السلطة لتحقيق انتصار سياسي كانت في انتظاره من خلال مسلسل الاختيار وعلى ما يبدو أنه لم يتحقق. وقال إن مصر بحاجة حقيقية لإنهاء هذه الحالة غير المنطقية وفتح صفحة جديدة يتجدد معها الأمل ويتمكن فيها كل مواطن بحقوقه المسلوبة ويقوم كل صاحب رسالة بعمله سواء صحفي أو حقوقي أو سياسي.