- ℃ 11 تركيا
- 4 نوفمبر 2024
الغارديان: العالم حسب “شي”.. الصين تحاول استعادة مكانتها على المسرح الدولي بعد عزلة 3 سنوات
الغارديان: العالم حسب “شي”.. الصين تحاول استعادة مكانتها على المسرح الدولي بعد عزلة 3 سنوات
- 14 مارس 2023, 10:27:44 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لكبيرة مراسليها في الصين آمي هوكينز، تحدثت فيه عن السياسة الخارجية الصينية بعد 3 أعوام من العزلة بسبب كوفيد-19.
وقالت هوكينز إن العلاقات الجيوسياسية وطريقة إدارتها، مهمة في ظل بدء الرئيس شي جين بينغ ولايته الثالثة، وعلى رأس أجندته تعزيز وضع الصين على المسرح الدولي بعد ثلاثة أعوام من سياسة “صفر كوفيد” حيث تغير الكثير منذ إغلاق الصين حدودها في 2021، فقد عانى اقتصادها من التعثر، وبدأت حليفتها روسيا حربا في أوروبا، وباتت العلاقات مع الولايات المتحدة في أدنى مستوياتها.
منذ تولي الرئيس شي السلطة عام 2012 في الصين، تبنى رؤية قومية ترى في الولايات المتحدة التهديد الأكبر على أمن البلاد، واتهم واشنطن باتباع سياسة احتواء الصين
وقالت الصحيفة إن الرئيس شي يحتاج للتعامل مع واشنطن. ففي خطاب ألقاه في 6 آذار/ مارس، اتهم فيه الولايات المتحدة بتبني سياسة “احتواء” للصين، وهو مصطلح محمّل بالدلالات، ويشير إلى محاولات الولايات المتحدة أثناء الحرب الباردة لاحتواء الشيوعية. وعلى خلاف الاتحاد السوفييتي السابق في تلك الحرب، فالصدام بين القوى العظمى يتعلق بعملاقين اقتصاديين تترابط مصالحهما بطرق مختلفة. فقد وصل حجم التجارة في السلع بينهما في عام 2022 إلى 690 مليار دولار. وحاول الطرفان على جانبي المحيط الهادئ، التحلل من العلاقة، إلا أن الصلات التجارية والتكنولوجية والثقافية وقفت في الطريق.
ومنذ تولي الرئيس شي السلطة عام 2012 في الصين، تبنى رؤية قومية ترى في الولايات المتحدة التهديد الأكبر على أمن البلاد. وعقّد من هذا الموقف، الخلافات بين الصين والولايات المتحدة حول بحر الصين الجنوبي، ودعم واشنطن لتايوان. ووعد جو بايدن بالرد إذا حاولت الصين السيطرة على الجزيرة بالقوة، وهو تحول واضح عن اللغة الحذرة التي تبنتها الإدارات الأمريكية السابقة.
والأولوية الكبرى للصين، هي تقليل الدعم الأمريكي لتايوان، حسبما يقول يان صن، مدير برنامج الصين في مركز “ستيمصن”. ويحاول الرئيس شي موضعة نفسه كزعيم عالمي ينافس القيادة الأمريكية. وفي هذا السياق، أعلنت الصين في الأسبوع الماضي عن صفقة لاستئناف العلاقات السعودية- الإيرانية في انتصار على الهيمنة الأمريكية بالشرق الأوسط.
ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، تخلت بكين عن مشاركة واشنطن، وحصلت بعض التطورات المتواضعة أثناء قمة العشرين في بالي في تشرين الثاني/ نوفمبر، إلا أن الآمال تلاشت مع حادث المنطاد الصيني الذي أسقطته القوات الأمريكية في شباط/ فبراير، ووصفته واشنطن بمنطاد التجسس، لكن بكين أصرّت أنه من أجل تحليل الطقس. واليوم، ضاعفت الصين من خطابها المعادي للولايات المتحدة، حيث حمّلتها مسؤولية كل مشاكلها من بطء التعافي الاقتصادي إلى الخلافات الحدودية. ومع تزايد التشدد في السياسة الأمريكية من الصين، فآمال منع انزلاقها أكثر باتت محدودة.
يحاول الرئيس شي موضعة نفسه كزعيم عالمي ينافس القيادة الأمريكية. حيث أعلنت الصين عن صفقة لاستئناف العلاقات السعودية- الإيرانية في انتصار على الهيمنة الأمريكية بالشرق الأوسط
وفيما يتعلق بروسيا، فقد ظلت ومنذ نهاية الحرب الباردة من أهم شركاء الصين، خاصة بعد نهاية الخلافات الحدودية الطويلة في عام 2005. وتعتبر روسيا مصدرا للطاقة الرخيصة، وتدعم توسع الصين في دول وسط آسيا، وهي كذلك مصدر للسلاح. فنسبة 81% من أسلحة الصين جاءت من روسيا في الفترة ما بين 2017- 2021، بحسب معهد ستوكهولم للسلام.
وأهم من كل هذا، فروسيا هي حليف في مواجهة الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يزور الرئيس الصيني موسكو في الأسبوع المقبل. ويدعو شي جين بينغ وفلاديمير بوتين إلى نظام متعدد الأقطاب في العالم، غير النظام الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. ويتمسكان بالسيادة الوطنية والتي تعني عدم ربط السياسة الداخلية بالشؤون الدولية، وهذا يصدق على كل شيء من حقوق الإنسان إلى إتاحه الإنترنت.
ولكن الموقف الصيني تلوث في السنوات الماضية بما يراه المسؤولون الصينيون سياسة “المخاطرة اللاعقلانية” لروسيا، وكان هذا واضحا في ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، وإثارة الحرب في دونباس، وهي تحركات يقول ألكسندر غابوييف من مركز كارنيغي، إنها أثارت المشاعر القومية الأوكرانية، حيث زادت المشاعر هذه بعد غزو أوكرانيا.
وبالنسبة لبكين، فالحرب هذه لا معنى لها، بعيدا عن كونها أيضا ألّبت حلف الناتو ضد موسكو. ولاحظ البروفيسور، فينج يوجون، المحاضر في دراسات آسيا الوسطى بجامعة فودان، أن وصف العلاقات الصينية- الروسية بأنها “بلا حدود وغير مقيدة وغير محدودة” اختفى من الخطاب الرسمي الصيني. وترى الصين أن روسيا وضعت نفسها في موضع صعب مع الغرب، في وقت تحاول الصين التعافي من آثار الوباء.
أما أوروبا، فتنظر بكين إليها كقارة أقل عداء وانتشارا لـ”فوبيا الصين” من الولايات المتحدة، وهناك إمكانية لبناء علاقات تجارية معها بشكل يساعد على تعافي الاقتصاد الصيني من الضرر الذي أحدثته سياسة “صفر كوفيد”. وفي العام الماضي، زار رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، بكين، وسيزورها هذا العام إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، وكذا رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
بالنسبة للصين، فالحرب الروسية على أوكرانيا لا معنى لها، إضافة إلى كونها ألّبت حلف الناتو ضد موسكو
وتلقت جهود الصين للانفتاح على أوروبا ضربة عندما أعلنت هولندا عن انضمامها للتحكم في تصدير المحركات الآلية للصين بشكل يحرمها من تكنولوجيا الرقائق الإلكترونية الضرورية للكمبيوتر. وتقول الصين إن الولايات المتحدة تقوم بتغذية الحرب في أوكرانيا ومن مصلحة أوروبا القبول بالموقف الروسي. وتقول إن دول أوروبا ذات التاريخ الاستعماري يجب أن تعترف بمطالب روسيا في أوكرانيا، بحسب ما يقول غابوييف، مضيفا أن الصين تفشل في فهم الموقف الأوروبي الذي يعتقد أن مصالح دول القارة وقيمها على المحك.
في آسيا الوسطى، أصبحت الصين بعد انهيار الاتحاد السوفييتي شريكا جديدا للدول المستقلة حديثا، قازاخستان وقيرغيستان وتركمنستان وطاجيكستان وأوزبكستان، ووسيلة لموازنة التأثير الروسي. ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، أصبحت هذه الدول تبحث عن حلول لا تستطيع الصين تقديمها، حسب نيفا ياو، الزميلة غير المقيمة في المجلس الأطلنطي. ذلك أن الصين وقفت مع روسيا، بشكل أثار مخاوف هذه الدول، وأن الحرب لو انتشرت شرقا، فلن تسارع الصين لنجدتها.
وتقول ياو إن الحكومة في قازخستان تحديدا، قلقة من هذا السيناريو. وفوق كل ذلك، هناك أكثر من 200 ألف إيغوري يعيشون في قازخستان إلى جانب الجماعات التركية هناك، وكذلك مجموعات من الإيغور تعيش في أجزاء أخرى من المنطقة. ومعظم هؤلاء على علاقة مع إقليم شنجيانغ الصيني، الذي تُتهم بكين بأنها ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان فيه، وتحتجز أكثر من مليون شخص في معسكرات اعتقال.
وعليه، قدمت الصين نفسها على أنها الضامن الاقتصادي والأمني للمنطقة، من خلال منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم معظم دول وسط آسيا. وكل ما تريده الصين حسب ياو، “هو عدم الاعتراف بحقوق الإنسان في شنجيانغ”.
في تايوان، كان موقف الصين واضحا، وهي أن الجزيرة جزء من البر الرئيسي الصيني. ولكن تايوان انتعشت منذ رفع الأحكام العرفية في عام 1987 وباتت دولة مستقلة وديمقراطية. وزعيمة الجزيرة الحالية من الحزب التقدم الديمقراطي تساي إنغ-وين، تدفع باتجاه الاستقلال، وربما تغير هذا الوضع في انتخابات العام المقبل، حيث يحظى حزب المعارضة “كي أم تي” الداعي لعلاقات قوية مع الصين الأم، بنفس الشعبية كتلك التي يحظى بها حزب الرئيسة تساي، بنسبة 25%.
وهذا يخيف بكين التي تقوم بحملات تضليل وتأثير لصالحها، فيما أكد الرئيس شي أن توحيد الجزيرة هو أولوية وسيكون علامة على إرثه. وهو بالضرورة معادٍ لأية علاقة تعطي الجزيرة شرعية، وحاول إبعاد الحلفاء القلة وعددهم 14 عنها، معظمهم من منطقة الباسيفيك، أمريكا اللاتينية والكاريبي، ولديهم سفارات في العاصمة تايبيه. وتحاول بكين إقناع هذه الدول بتغيير مواقفها مستخدمة وسائل الإغراء والإكراه. ويقول مارك هاريسون من جامعة تاسمينيا، إن اعتراف هذه الدول بتايوان هو “تحد لمعتقدات الحزب الشيوعي الصيني الرئيسية، والقائمة على الوحدة كأمر وجودي”.
في أستراليا اتسمت علاقات البلدين بالتعقيد. فأستراليا هي أكبر شريك تجاري للصين ومهمة لاقتصادها وكذا لتوفير المصادر الضرورية، ولكن تحالف كانبيرا مع الولايات المتحدة أدى لتوتر العلاقات. وتشعر الصين بالإحباط من تزايد النقد الأسترالي لها بشأن بحر الصين الجنوبي، وانتقاد حقوق الإنسان في شنجيانغ وهونغ كونغ والتحرش بتايوان.
ركزت الصين على الدول الأفريقية وأغدقت عليها بالمال والقروض، حيث وصل حجم القروض الصينية إلى نحو 160 مليار دولار
وكانت الحكومة الأسترالية السابقة، متشددة وسمحت للولايات المتحدة بزيادة وجودها العسكري، ومنعت الشركات الصينية من تطوير الجيل الخامس من شبكات الهواتف النقالة في أستراليا، وانضمت لمجموعات مثل “كواد” التي تستهدف الصين. وجاءت الضربة الأخيرة عندما طالبت الحكومة الأسترالية بتحقيق مستقل في منشأ كوفيد-19. وردّت الصين بخطوات انتقامية شملت منع استيراد الخمور والفحم الحجري والشعير والقمح ولحم البقر، من أستراليا، وتقييد عدد الطلاب الصينين، فهناك أكثر من 150 ألف طالب صيني، يجلبون سنويا 12 مليار دولار للاقتصاد الأسترالي. إلا أن حكومة أنتوني ألبانيز في كانبيرا، غيّرت من شكل العلاقات، وأعادت السفير الأسترالي إلى بكين، واستأنفت اللقاءات على مستوى الوزراء.
في منطقة جنوب شرق آسيا، تقع دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية في مركز التنافس الأمريكي- الصيني، وهذا لا ينفي قيام بكين بتطوير علاقات قريبة مع دول المنطقة، ومحاولة حرف اقتصادياتها لصالحها. فالدول القريبة جغرافيا منها، تقيم علاقات أفضل. ودخلت الفلبين في نزاعات أمام المحاكم الدولية مع الصين بشأن بحر الصين الجنوبي، لكن الدول العظمى تحاول جذب إندونيسيا، الاقتصاد الصاعد في المنطقة، إلى جانبها.
وفي أفريقيا، ركزت الصين عندما أعلنت عن مبادرة الحزام والطريق في عام 2013، على القارة السمراء، وأغدقت على دولها بالمال والقروض. ففي الفترة ما بين 2000- 2020، قدم المقرضون الذين تدعمهم الدولة الصينية، قروضا ودعما بـ160 مليار دولار لدول أفريقية، ووصل الإقراض ذروته في عام 2016 بنحو 28.4 مليار دولار.
وتراجعت الأموال في 2020، حيث وصل حجم الإقراض إلى 1.9 مليار دولار، وهذا عائد لوباء كورونا. وكان فشل عدد من مشاريع البنى التحتية سببا في هذا أيضا. واليوم، باتت الصين تركز في أفريقيا على أولوياتها مثل التعدين واستخراج الليثيوم المهم في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.