المخرج المسرحي ايمان الصيرفي : * حكايات عم الصيرفى *

profile
إيمان الصيرفي مخرج وممثل مسرحي
  • clock 28 مايو 2021, 1:35:39 ص
  • eye 810
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

_ مقدمه لابد منها _ 

هى حلقة خاصة وإستثنائيه وطويلة  بمناسبة عيد ميلاد إبن عمرى وسندى فى الدنيا حبيبى الفنان الموهوب المبدع ( لؤى الصيرفى )

_ كان شهر رمضان يودعنا ونحن ننتظر حادثا سعيدا يتوج الحب الذى جمعنى وحبيبة قلبى سناء وكانت نصيحة الأطباء وذوى الخبرة بضرورة ممارسة المشى والحركة لتسهيل عملية الوضع ، فكنا نفطر على عجل وننطلق إلى الشارع قبل أن تزدحم الطرق متجهين إلى كوبرى راغب ثم ننحرف يمينا بمحاذة ترعة المحمودية تجاه كوبرى كرموز وأحيانا حتى كوبرى التاريخ بالقبارى ، أو العكس حتى محرم بك ثم العوده ركوبا أو مشيا حسب قدرتها ، وكان الجو قد أصبح لطيفا إذ أننا كنا فى النصف الثانى من فصل الربيع حيث تملاء الجو روائح الفل والياسمين والرياحين وكانت تنتابها بعض الألام التى تشبه المغص فنعيش لحظات من ترقب ساعة الوضع ثم تختفى الألآم وهكذا مرت الأيام ونحن نمارس نفس البرنامج ما عدا أن التمشية أصبحت أقصر وأثقل إضافة لبدأ الإزدحام بسبب مشتريات العيد من ملابس جديده وخلافه من مستلزمات عيد الفطر ، ومرت علينا ليلة القدر ٢٧ رمضان والتى كنا نتمناها ليلة تشريف مولودنا للدنيا ودعونا الله أن ييسر لها كل عسير وأن تكون ولادتها سهلة وطبيعيه بإذن الله ، وليلة الرؤية ٢٩ رمضان كانت الفتوى بأن غدا الخميس هو المتمم لشهر رمضان ، ومرت الليلة عادية سهرنا فيها كثيرا وعندما أستيقظت ظهرا سألتها : إنتى كويسه ؟ نمتى كويس يعنى ؟ فردت : الحمد والشكر لله .. نمت كويس جدا ، قلت : الظاهر 


إنه حا يشرف بعد العيد ، قالت : الظاهر كده ، وضحكنا وقلت لها : أنا بافكر أنزل أحلق شعرى ودقنى علشان العيد .. قالت : روح وماتنساش تجيب لى معاك حاجه حلوه وإنت راجع .. بدلت ملابسى وقبلتها وإتجهت إلى محطة الرمل حيث أن الصالون الذى أتعامل معه بالأسكندرية فى شارع سعد زغلول أمام تريانون ، وبعد أن إنتهيت من الحلاقة عدت أدراجى مشيا بشارع النبى دانيال حتى محطة مصر واستقليت من هناك مشروع غيط العنب وكان ذلك بعد العصر بقليل وصلت لمنزل والد زوجتى وعندما دخلت وجدت حمايا فى قمة القلق وحماتى تمسك مسبحتها تذكر الله وتدعوا لإبنتها فى صمت ملائكى .. أومال سناء فين ؟ فرد أبوها : بعد إنت مانزلت بشويه جالها مغص شديد ونزلت منها ميه فخدتها صاحبتها ( شوق ) وراحت بيها مستشفى الجمهوريه وحجزوها وبرغم قلقى وإنشغالى الشديد بحالة زوجتى ورغبتى أن أطمئن عليها ، أخذت أهدئ من روعه وأصطحبته للمستشفى التى لا تبعد عن البيت إلا خطوات قليله فى محاولة يائسه للدخول وجدنا أمام باب المستشفى صديقتها شوق التى كانت تعمل فنية معمل بالمستشفى الجامعى ( الأميرى ) وإبنة أم جمعه الكبرى ( أم جيهان ) وبعدها أتت الدكتوره سهير بعد أن إتصلت بها شوق .. وسهير صديقة مشتركه لى ولسناء وكانت تعمل طبيبة أسنان بنفس المستشفى ، المهم أنها دخلت بإعتبارها من الأطقم الطبيه للمستشفى على أن تقوم بطمئنتنا ، وعادت سهير بعد قليل وطلبت أن نعود بعد الإفطار فمازال أمامها وقت وأنها ستظل بجوارها حتى تقوم بالسلامة ان شاء الله وإنصرفنا وقد إطمئنت قلوبنا قليلا وبينما نحن فى طريقنا إلى البيت إنطلق أذآن المغرب فإستأذنتهم أن أقوم بالإتصال بأمى فى سيدى بشر على أن ألحق بهم خلال دقائق وبعد الإتصال بإحدى الجارات لإخبار أمى بأن سناء تلد الأن ، صعدت لتناول أخر إفطار فى رمضان الذى وافق الخميس ٢٧ مايو ١٩٨٧ .. أفطرت على كوب من التمر والحليب وأشعلت سيجارتى الأولى هذا اليوم وكانوا قد جهزوا الشاى وطبق من مخبوزات العيد كعك وبسكويت وخلافه .. تناولت كعكه مع الشاى وإنتابتنى مشاعر متضاربة ومختلطه من القلق والفرح وكيف سأتعامل مع القادم المنتظر ، كل هذا وأنا تقريبا شبه مفلس ولم أفق إلا على جرس الباب يرن وسهير تدخل فبادرتها هاه طمنينا .. قالت : طيب أخد نفسى من السلم وشربونى ميه لإنى حا أموت من العطش ، إتجهت إلى الكنبه وألقت نفسها عليها وشربت ، ثم نظرت لى وأنا فى غاية القلق فابتسمت وأخيرا نطقت : ألف مبروووووك .. سناء جابت لكم ولد زى القمر ساعة أذان المغرب فانطلقت زغروده من صديقتها شوق وتلتها أخرى من أم جيهان وجرس الباب يرن ، فتحت شوق الباب وهى تطلق زغرودة فى وجه شقيقتى الصغرى نشوى التى وصلت لتوها من سيدى بشر ، وردت نشوى عليها بزغرودة أخرى وإنطلقت الزغاريد من الجارات ، وإستأذنتهم لتبديل ملابسى وفوجئت بدموعى تنهمر وأنا أردد : الحمد والشكر لله ، إرتديت قميصا نظيفا مكويا على نفس البنطلون الذى كنت أرتديه ووضعت قدمى فى حذائى بينما حمايا وصديقاتها قد أستعدوا للنزول وكانت نشوى قد أحضرت معها غيارا جديدا للمولود ( لفه وكافوله وقماط وفستان أبيض وبرنيطه وكوفرته ليلف بها ) كانت أمى قد صنعته بيديها .. ذهبنا جميعا للمستشفى وفى الطريق إقتربت شقيقتى منى ودست فى يدى مبلغا من المال لم أتبينه فى البدايه أرسلته والدتى معها " لكم أحبك يا أمى _ سعاد هانم الصيرفى _ ) يبدو أن المبلغ كبير وبالفعل كان كذلك ٢٥ جنيه عبارة عن ١٠ جنيه فكه أنصاف وأرباع و١٠ جنيه ورقه واحده و٥ جنيه ورقه أخرى ، وهذا المبلغ يساوى الأن أكثر من ٢٠ ضعفا ، وعند باب المستشفى لم يسمحوا إلا بدخول شخص واحد ، وإستغلت سهير أنها من طبيبات المستشفى ودخلت وأصطحبت معها نشوى التى تحمل ملابس المولود وكذا غيار نظيف وروب لسناء ولأننا كنا قد إتفقنا على أن خروج سناء والمولود سيكون إلى بيتنا حيث شقتنا فى الدور الأرضى مرتفع وشقة والدها فى الدور الرابع إضافة لأن والدتها فى أمس الحاجه لمن يرعاها ويخدمها لمرضها فحركتها لاتتجاوز حدود الشقه والنزول للضرورة فقط كزيارة طبيب أو لأداء واجب عائلى لا يمكن الإعتذار عنه فكان من الضرورى أن يدخل حمايا للإطمئنان على إبنته وحفيده الأول ،

وإنتهت الزيارة وخرجوا تسبقهم ضحكاتهم وبسمة الجد تملأ وجهه فساعد ذلك فى طمئنتى وتهدئة مشاعرى المختلطه .. أوصلتهم حتى باب البيت على أن أبيت فى سيدى بشر وأعود فى الصباح بمشيئة الله ، أمضيت ليلتى مع أمى التى كانت قد جهزت طبقا كبيرا من الرنجه والبطارخ والبطاطس المحمره وهو طقس شعبى مصرى بعد تخمة رمضان من المحمر والمشمر والخشاف والتحلية بالكنافه والقطايف ... إلخ ... ولأننى تقريبا لم أتناول شيئا يذكر فأكلت بشهية مفتوحه حتى إمتلأت ، وبعد ألسيجاره وكوب الشاى وأحاديث أمى الشيقه التى لا أشبع منها ولا أمل من سماعها كما سمعتها من قبل مرات ومرات ، أخذت حماما دافئا أنعشنى بعد أن تخلصت من أثار الحلاقه ، ظللنا ساهرين أنا وأمى حتى صلاة الفجر وأيقظت أمى شقيقتى نشوى التى كانت قد راحت فى ثبات عميق منذ وصولنا وبعد أن إستيقظت نشوى قامت بتجهيز أطباق الكعك المرشوش بالسكر البودره والبسكويت والغرييبه والبيتى فور والقرص المحشوه بالملبن والعجوه وشوب حليب لكل واحد منا ، وبعدها قمت للتوضئ لأداء صلاة العيد وخرجت على أن تستعد نشوى فى هذه الأثناء لتصحبنى إلى بيت والد سناء ، كان العيد فرحة فعلا وقولا وفى طريقى إلى المسجد تمر من حولى صفوف المكبرين المهللين فرحا بقدوم العيد وبينهم أطفالهم صبيان وبنات تشكل ألوان ملابسهم الزاهية الجديده لوحة مدهشة وكأن الدنيا تحتفل معى بقدوم مولودى الأول ، كانت أجمل صلاة عيد بالنسبة لى ، كانت من أروع وأحلى لحظات عمرى .. الحمد والشكر لله العلى القدير العظيم وبرغم أننى لم أرى إبنى حتى لحظتها إلا أننى كنت أشعر بحالة من السلام الداخلى وأنا فى إنتظار لحظة اللقاء بولدى .. المهم أننى عدت بعد أداء الصلاه جهزت أمى كوب من الشاى لى وبجواره أطباق الترمس والحلبة المنبته والفول المقيلى وهى أطباق تصنع فى البيوت فى عيد الفطر وعيد شم النسيم أثناء ذلك كانت نشوى تضع لمساتها الأخيره على ملابسها وأنطلقنا فى طريقنا إلى محطة مصر ومنها إلى شارع راغب ، صعدنا إلى شقة حمايا وبعد أن قامت نشوى بإعطائهم علبة الكعك والبسكويت والغرييبه وغيرها من مخبوزات العيد التى أرسلتها والدتى ليتذوقوا ما صنعت يديها تحركنا ومعنا حمايا إلى المستشفى حيث كتب الدكاتره خروج لسناء والمولود وبعد إنهاء اجراءات ذهبنا للغرفة لاصطحاب سناء والمولود وبعد أن قبلتها حملته وأنا أرى ملامحه لأول مره .. إنه جميل .. إنه لؤى إبن عمرى وولى عهدى وإمتدادى فى الحياه وسندى فى الدنيا ، حمله جده بعد أن أذن فى أذنيه بالتكبير والتهليل والشهادة بينما إستندت سناء على ذراعى وحملت نشوى الحقائب وأصرت سناء على تقديم الشكر لطاقم الأطباء والممرضات واستقبلونا بترحاب شديد مهنئين لنا بقدوم مولودنا وكانت شكواهم أن سناء لم تمهلهم حتى يفطرون فقد فجأتها ألام المخاض عند إنطلاق مدفع الإفطار وكان تعليقهم يعنى ما كنتيش قادره يا مدام تأخرى نفسك نص ساعه حتى علشان نفطر ونولدك براحتنا .. أوقفت تاكسى من أمام المستشفى جلست سناء على الجانب الأيمن من المقعد الخلفى وبجوارها نشوى وحمايا على الجانب الأيسر وجلست أنا فى المقعد الأمامى وإنا أحمل حبيبى وفلذة كبدى لؤى الذى كنت أطالع وجهه وأتفحص ملامحه وإنحرف التاكسى يسارا إلى شارع راغب فطالعتنا الشمس التى توسطت كبد السماء وسقط ضوءها على وجهه فإختلجت جفونه وطرفت عيناه فأغمضها ثم فتحها ثانية وكأنه ينظر فى عينى فرفعت يدى أمام وجهه الصبوح لأحجب ضوء الشمس عن عينيه ومن لحظتها إخترق شعاع الحب قلبى ولمس أوتار شغاف مشاعرى فكان ذلك سر الرابط الأبدى بينى وبينه .

* ف يوم جديد .. كان يوم سعيد .. ده عيد ميلادك أحلى عيد * 

كل سنه وانت طيب يا حبيبى .. عيد ميلاد سعيد وعمر مديد وعقبال سنين كتير وإنت بصحه وسعاده وستر وهنا وتألق يا لؤلؤ

ملحوظه : 

الصور المرفقه من ألبومى الخاص وتتميز بأنها تسرد حكاية لؤى فى صور منذ ميلاده وعيد ميلاده الأول وعيد ميلاده الرابع وحتى صار طفلى الجميل أبا بعد أن رزقنى الله بأول أحفادى ( تاج لؤى الصيرفى

موضوعات قد تهمك:

أحمد سراح يكتب : رضوى وطن ينتصر


قصيدة أحمد الرديني : شهد


سليم صفي الدين يكتب: أيُّ لونٍ هي؟! "قصة قصيرة"


التعليقات (0)