المد الإسلامي الأخضر يغزو قلوب..الحلقة17

profile
عماد الصابر كاتب صحفي وشاعر مصري
  • clock 28 أبريل 2021, 5:35:20 م
  • eye 1005
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

داعيهم هو القرآن

قصة تحول الأديب الفرنسي فانسان مونتييه إلي الداعية الإسلامي المنصور بالله الشافعي

يقول : لم أقتنع بالكثير مما جاء بالكاثوليكية التي كنت عليها لذا اخترت دين الفطرة 

لن يستطيع أحد أن ينال من الإسلام لأن تعاليمه تدعو إلى القوة بعدم ارتكاب المعاصي والذنوب التي تضعف القوة

فيما ينتشر الإلحاد بين المسلمين الحاليين سواء كانوا عربا أو عجما، ربما بسبب شيوخ الإسلام المعتمدين لدي الحكومات الفاسدة، الذين يُخَدِّمون علي الحاكم الظالم، ويقومون بليّ عنق الدين لصالحه، مما كرَّه الكثيرين في الإسلام، فألحدوا أو علي الأقل لم يعد الدين هاما بالنسبة لهم، يسير الإسلام بخطي ثابته بمده الأخضر في قلوب الغرب غير المسلم، فيدخل بنعومته وثباته وحقائقه العلمية والروحية والنفسية، وبإعجازه العلمي الذي يجبرهم علي النظر بعيون واسعة مدققة وبعقل متفتح ليدخلوا إليه واثقي الخطي معلنين إسلامهم بل يتحولون من الدعوه لغيره ومحاولات النيل منه إلي الدفاع عنه والزود عن تعاليمه وكشف ما به من أسرارلمن يريد الإيمان، ليتحقق قول الرسول الكريم : " َقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ) صحيح مسلم ..

ويقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا : " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولايترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر" (مسند الإمام أحمد) ..

......... وكما كانت الحلقة الماضية من داخل إحدي الجامعات الأمريكية، تأتي هذه الحلقة من داخل جامعة باريس حيث كان البروفيسور فانسان مونتييه، يشغل منصب أستاذ اللغة العربية والتاريخ الإسلامي بها، بينما هو الان يشغل منصب رئيس "مؤسسة الدراسات الإسلامية في "داكار" بالسنغال.. وله عدة مؤلفات منها : كتاب "الإرهاب الصهيوني".. "والمسلمون في الاتحاد السوفيتي".. وكتاب "الإسلام في إفريقيا السوداء" ... وكتاب "مفاتيح الفكر العربي".. كما قد قام بترجمة "ابن خلدون" إلى الفرنسية، اختار الإسلام دينا بكل اقتناع ورضا، واتخذ من العرب المسلمين أخوة له في الإسلام، دون أن يتخلى عن جنسيته الفرنسية، إذ كان مؤمنا بأنه لا تناقض بين عقيدته الإسلامية وجنسيته الفرنسية.

....وعن اختياره للإسلام دينا يقول : "لقد اخترت الإسلام دينا ألقى به وجه ربي لأسباب شتى، منها الأسباب الدينية، والأسباب الأخلاقية، والاجتماعية، والثقافية والعاطفية".

....ثم استطرد في تفصيل ما أجمله.. فقال: "لقد اخترت دين الفطرة.. وهو الإسلام، وكنت فيما مضى كاثوليكيا.. وفي الكاثوليكية أمور كثيرة لم أقتنع بها، ولم أفهمها، "مثل كرسي الاعتراف"، والوسيط لدى الإله، فضلا عن اعتمادها على أسرار، وقرابين، وغير ذلك من أمور لم أستطع الإيمان بها.. في حين أن الإسلام برئ من هذا كله، فيكفي المسلم أن يتوجه إلى ربه مباشرة بدون وسيط، وبدون كرسي اعتراف، فيستجيب الله دعاءه،.. لقد كانوا يعلمونني كما يعلمون غيري أن عيسى إله ابن إله، وكانوا يزعمون أن محمدا ليس نبيا، وبالتالي ينكرون الإسلام.. ثم حدث أن وقع بين يدي ـ لأول مرة في حياتي ـ ترجمة لمعاني القرآن الكريم، واستوقفتني معاني كلماته، مثل: (قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد).

....واستوقفه كما يذكر ترجمة قول الله تعالى: (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون).

كما يذكر أيضا أنه قرأ حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، شعر تجاهه بأن الإسلام دين الفطرة بحق، وهو قوله صلي الله عليه وسلم :"كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه، أو يمجسانه".

....ولذلك يقول "فانسان مونتيه" أو "المنصور بالله الشافعي" كما يعتز باسمه الجديد بعد أن أشهر إسلامه: "لقد آمنت برسالة محمد ومصداقيتها، مثلما آمنت تماما بوحدانية الله.. إن محمدا رسول الله حقا.. والقرآن الكريم موحى به من عند الله وليس من إنشاء محمد أو صنعه.. .. ورسالته السماوية السمحاء ليست مقصورة على العرب.. وإنما هي للناس كافة.

....وعما استلفت نظره في الإسلام أيضا يقول: "رأيت في الإسلام تسامحا مدهشا، والأخلاق الرفيعة هدف كل مسلم.. كما رأيت رفضا للرهبنة التي تجافي طبيعة الإنسان البشرية، فالإسلام يحفظ للإنسان إنسانيته، فيمنع عليه الرهبنة، ويدفعه إلى التمتع بالحياة وطيباتها، ما لم تتعارض المتعة مع تعاليم الله تعالى.. ثم أخذ يطأطئ رأسه، ووجهه شرق بابتسامة عريضة تاليا قوله تعالى:(وما جعل عليكم في الدين من حرج).

.... ثم غابت ابتسامته فجأة وهو يتذكر المتحاملين على الإسلام، وما يرمونه به من تهم باطلة لا صحة لها على الإطلاق، فيستعرضها مفندا: أعداء الإسلام يدعون أن المسلمين لا يرضون من غيرهم إلا أن يكونوا مسلمين، فإذا لم يكونوا مسلمين أشهروا عليهم سيف الجهاد ... في حين أنهم لو عقلوا ذلك جيدا لعلموا أن الجهاد الإسلامي مفروض، ولكن من أجل إحقاق الحق وإزهاق الباطل.

.... ثم يواصل المفكر الإسلامي "المنصور بالله الشافعي" تفنيده لادعاءات الحاقدين على الإسلام فيقول: "أنهم يتهمون الإسلام بالقسوة المفرطة، مع أن الإسلام دين السلام، والتسامح، والعفو، والمغفرة.. .. لقد تناسى هؤلاء كل العقوبات النصرانية فيما مضى، والتي أفرطت في القسوة، والتعذيب الذي وصل إلى حد الإحراق، وفصل أجزاء الجسد، فضلا عن كثرة حالات الإعدام، وهو ما لم يشهده الإسلام في تاريخه.

كما أنهم يتهمون الإسلام بظاهرة الرق التي وجدت قبل الإسلام وليس بعده، بل حين انتشر الإسلام وطبقت تعاليمه كان يسعى لإلغاء الرق، بل إن كثيرا من الكفارات للذنوب التي يقدم عليها المرء هو تحرير الرقاب الذي عده الإسلام تقربا وطاعة لله.

ثم يحاولون الإساءة إلى الإسلام من زاوية تعدد الزوجات، ولو عقلوا لوجدوا أنه وأن سمح حقا بذلك فإنه في الوقت ذاته وضع شروطا دقيقة أساسها العدل المطلق، والمعاملة الطيبة، كما نظر إلى النساء التي حالت ظروفهن دون الزواج، أو لمرض الزوجة، أو لأسباب أخرى.

ثم يصمت برهة ليجزم بالقول:"أن الإسلام بعظمته وعمقه، وبنقائه ورقيه، وبتسامحه ودعوته لكرامة الإنسان في كل زمان ومكان ـ لن يستطيع أحد أن ينال منه.. لأن الإسلام في ذاته قوي.. وتعاليمه تدعو إلى القوة بعدم ارتكاب المعاصي والذنوب التي تضعف القوة، مثل الزنى، وشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير، وغير ذلك مما يحرمه الدين الحنيف".

...ويؤكد فنسان مونتييه أن تخلي المرء عن عقيدة دان بها معظم حياته وينتقل إلى عقيدة أخرى، ولا سيما إذا كانت عقيدة دينية، فإن ذلك أمر جلل، وبخاصة إذا كان الإنسان في خريف عمره لقد اخترت بكل فرح واقتناع الإسلام دينا وجعلت العرب والمسلمين أخوة لي في الإسلام.. ولا يعني ذلك انني أتخلى عن جنسيتي الفرنسية إذ لا تناقض بين عقيدتي الإسلامية وجنسيتي الفرنسية..

ففرنسا هي أرضي وأرض أجدادي والبلاد الإسلامية وطني الروحي وهي فؤادي، وعلى جانب آخر يفيد مونتيه مزاعم الحاقدين على الإسلام بقولهم ان الإسلام يؤمن بـ«القدرية» ويعنون بذلك فكرة التوكل ويخلطون بين «التوكل» و«التواكل» ولو عقلوا الآيات والتعاليم لعلموا أن الإسلام دين العمل والسعي وإن التوكل على الله لا يتناقض والسعي الجاد في الحياة، وإذا كانوا يتهمون الإسلام بالتعصب وانهار سيف الجهاد ضد المعارضين.

 ويختم كلامه وقد غمرته سعادة إيمانية وهو يقول:

"لهذا اخترت الإسلام.. من أجل أن أشعر بالراحة في رحابه وظلاله ... نعم، اعتنقت الإسلام لأشعر وأدرك أنني اعتنقت دينا لا يفصل بين البدن والروح، بين النفس والجسد ... يكفيني أن الإسلام دين نقي، يدفع إلى الأخلاق والتحلي بها، وإلى الكرامة الإنسانية والتمسك بها، من أجل ذلك شهدت أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله... وعلى ذلك ألقى ربي".

التعليقات (0)