- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
المستشار/ أسامة سعد يكتب: الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا
المستشار/ أسامة سعد يكتب: الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا
- 27 أبريل 2022, 8:29:07 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أنتجت السينما المصرية فيلماً درامياً عام 1967م يجسد صورة الدكتاتور الظالم في شخصية عمدة إحدى القرى المصرية الذي لم يكن ينجب، فيرغب بالزواج بخادمته كي ينجب منها، وفي إطار سعيه لذلك يجبر زوجها الذي يعمل لديه على تطليقها بمساعدة شيخ القرية الذي يحلل ويحرم له وفق أهوائه، وحينما يعترض المأذون على الزواج لعدم إنقضاء فترة العدة يقول عمدة القرية العبارة التي مضت مثلاً لتزوير الحقائق واستخدام السلطة لفرض الرغبات المحرمة "الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا" أي أننا نستخدم سلطتنا لتغيير ما نشاء حتى لو كان بالتدليس والتزوير.
بالأمس أصدر أبو مازن مرسوماً "رئاسياً" على إعتبار أنه ما زل يعتبر نفسه رئيساً للشعب الفلسطيني رغم مضى ثلاثة عشر عاماً على إنتهاء ولايته دون أن تجدد بأي انتخابات، المرسوم الذي أصدره قرر فيه إلحاق الأمانة العامة للمجلس التشريعي برئاسة المجلس الوطني الفلسطيني ووضع مكوناتها ومرافقها وموظفيها تحت المسؤولية المباشرة لرئيس المجلس الوطني، وقد علل أبو مازن قراره هذا كما يفهم من نص المادة الأولى من المرسوم علله بتَعَطّلْ الانتخابات التشريعية، حيث أن صدر هذه المادة أشار إلى أن هذا الإجراء مستمر إلى حين انتخاب مجلس تشريعي، أبو مازن حينما يصدر هذا المرسوم فهو يمارس عملياً عبارة العمدة الشهيرة "الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا" وهو يعلم هذا جيدا،ً ولكنه يتصرف كما كان وما يزال بعقلية التفرد التي تملكت الرجل حتى أصبح التصرف في أهم القضايا الوطنية لديه مجرد بضع كلمات يخطها قلمه فيقرر مصير هذه القضية أو تلك.
الحالة العبثية التي يُدير بها أبو مازن المشهد الفلسطيني لا يمكن أن تؤسس قواعد ثابتة يُبني عليها فلسطينياً وستنهار كل هذه الإجراء بمجرد غياب من إتخذها، ولا يمكن لبعض كلمات وردت في مرسوم لرئيس منتهي الولاية منذ ثلاثة عشر عاماً أن تفرض واقعاً مرفوضاً على الشعب الفلسطيني الذي يتميز بصلابة الإرادة وقوة التحدي.
أبو مازن حينما يحيل الأمانة العامة للمجلس التشريعي لمسؤولية رئيس المجلس الوطني يظن أنه بفعله هذا يطمس ما بقى من أثار شهادة على جريمة حل المجلس التشريعي، الذي سخر لإخراجه بثوب قانوني "محكمة دستورية" غير شرعية في وجودها وتكوينها فقد شكلها على عينه ووفقا لمصلحته، وياليته نفذ حكم "محكمته" كاملاً بل لقد اجتزأ من الحكم ما يناسبه وهو حل المجلس – الذي لا يجوز حله وفقاً للمادة (113) من القانون الأساسي – وعطل الجزء المكمل للحكم وهو إجراء الإنتخابات خلال ستة أشهر-، علماً أن حكم محكمة أبو مازن صدر في ديسمبر 2018م ومنذ ذلك التاريخ يرفض ويعطل أبو مازن إجراء الانتخابات التشريعية وكان آخر إجراءاته في هذا السياق إصداره قرار بوقف الانتخابات التشريعية المتوافق عليها وطنياً قبل يوم واحد من بدء الدعاية الانتخابية رغم كل المحاولات الوطنية لإقناعه بإجرائها.
الغريب في مرسوم أبي مازن هذا هو تعليله إلحاق الأمانة للمجلس التشريعي برئيس المجلس الوطني هو عدم إجراء الانتخابات -المعطلة بقرار منه- ومن يقرأ المرسوم من غير الفلسطينيين يظن للوهلة الأولى أن المجلس الوطني هو مجلس منتخب ولذلك أُلحقت أمانة المجلس التشريعي "المتعذر" إجراء الانتخابات فيه إلى المجلس الوطني الذي تجري الانتخابات فيه بشكل منظم، علماً أن المجلس الوطني لم تجر فيه أي انتخابات منذ تشكيلة في العام 1968م ولا يعرف كم عدد أعضائه، والأكثر غرابة أن أبا مازن استند في مرسومه للنظام الأساسي لمنظمة التحرير والقانون الأساسي المعدل لسنة 2003م، رغم أن النظام الأساسي لمنظمة لتحرير ينص في المادتين الخامسة والثامنة منه على أن ينتخب أعضاء المجلس الوطني عن طريق الإقتراع المباشر من قبل الشعب الفلسطيني وأن تكون مدة المجلس ثلاث سنوات، أما القانون الأساسي الفلسطيني فينص في المادة 47/3 منه على أن مدة المجلس التشريعي أربع سنوات من تاريخ إنتخابه وتجري الانتخابات مرة كل أربع سنوات بصورة دورية.
أبو مازن حينما يستند في ديباجة مرسومة لهذين القانونين فإنه يُكَذب نفسه ويناقض ذاته ولكنه كما أسلفنا يتقمص شخصية العمدة ويردد في عقله الباطن الورق ورقنا الدفاتر دفاترنا، ولذلك تراه يتلاعب بالقوانين والأنظمة فيضرب بها عرض الحائط حينما يشاء ويجتزأ بعض نصوصها ليبرر أفعاله وقتما يشاء ويتكئ على "محكمة دستورية" شكلها على عينه لتفتي له بما يشاء.
الحالة العبثية التي يُدير بها أبو مازن المشهد الفلسطيني لا يمكن أن تؤسس قواعد ثابتة يُبني عليها فلسطينياً وستنهار كل هذه الإجراء بمجرد غياب من إتخذها، ولا يمكن لبعض كلمات وردت في مرسوم لرئيس منتهي الولاية منذ ثلاثة عشر عاماً أن تفرض واقعاً مرفوضاً على الشعب الفلسطيني الذي يتميز بصلابة الإرادة وقوة التحدي.
وبقي أن نذكر أبا مازن أن نهاية "العمدة إياه" كانت مأساوية ولم تفلح محاولاته كلها في تزوير الأوراق والمستندات الرسمية في تغيير حقيقة أن تبقى الزوجة على ذمة زوجها وفق الشرع والقانون.