- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
المعارضة الجزائرية تحذر من الرسائل الأميركية الداعية إلى معاقبة الجزائر
المعارضة الجزائرية تحذر من الرسائل الأميركية الداعية إلى معاقبة الجزائر
- 7 أكتوبر 2022, 11:12:11 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
دعت أحزاب وقوى سياسية معارضة في الجزائر إلى الحذر من تنامي الضغوط ورسائل المشرعين الأميركيين الداعية لمعاقبة الجزائر بسبب صفقات الأسلحة مع موسكو، ووصفتها بمحاولات التدخل في الشؤون الداخلية، في موقف يصفه المراقبون بـ"الوطني"، يؤكد خصوصية المعارضة الجزائرية التي ترفض الاستقواء بالخارج ضد السلطة في الجزائر.
واعتبر حزب العمال اليساري المعارض مطالبة أعضاء في الكونغرس الأميركي بفرض عقوبات ضد الجزائر أنه "يشكل اعتداء على سيادة الجزائر"، متسائلاً: "منذ متى أصبح البرلمانيون الأميركيون مؤهّلين لإملاء العلاقات السياسية والدبلوماسية والمبادلات التجارية وغيرها على الدول الأخرى"، مشيراً إلى أن "الشعب الجزائري هو الوحيد الذي يملك الحق في إصدار الأحكام حول السياسات الداخلية أو الخارجية التي تُطبّقها الدولة الجزائرية".
وأدرج البيان الذي صدر الخميس، ووقعته الأمينة العامة للحزب لويزة حنون، الضغوط الأميركية ضمن محاولة الضغط على الجزائر لتغيير موقفها بشأن الحرب في أوكرانيا، واعتبر أن "مطلب النواب الأميركيين يرمي إلى الجر ببلادنا في مستنقع الحرب في أوكرانيا، في ظل توجه الإدارة الأميركية لفرض انحياز كل البلدان للناتو في حربها ضدّ روسيا".
وكانت حنون تعلّق على رسالة وجهها 27 عضواً في الكونغرس، تتزعمهم ليزا ماكلين، إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، لمطالبته بفرض عقوبات على الجزائر على خلفية صفقات الأسلحة التي وقعتها مع روسيا، باعتبار أنها توفر موارد إضافية لموسكو لخوض الحرب على أوكرانيا، والتعبير عن "القلق بشأن التقارير الأخيرة عن العلاقات المتنامية باستمرار بين الاتحاد الروسي والجمهورية الجزائرية".
واعتبر أعضاء الكونغرس أن هذه الصفقات تجعل الجزائر "ثالث أكبر متلقٍ للأسلحة الروسية في العالم، وصفقة شراء الأسلحة الأخيرة بين الجزائر وروسيا ستُصنف أنها صفقة كبيرة بموجب قانون مكافحة خصوم أميركا. ومع ذلك، لم تضع وزارة الخارجية أي عقوبات متاحة".
ويستند أعضاء الكونغرس في مطالب إدراج الجزائر ضمن مسار عقوبات أميركية إلى تشريع أقره الكونغرس عام 2017، يتعلق "بقانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات"، موجه لفرض عقوبات ضد الأفراد أو الكيانات والدول الذين ينخرطون في صفقات تشمل قطاعات الدفاع أو الاستخبارات الروسية.
وقبل رسالة الأعضاء الـ27 في الكونغرس الأميركي، كان نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي ماركو روبيو قد وجه رسالة مماثلة، وبنفس المبررات، إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن في 14 أغسطس/آب الماضي، اعتبر فيها أن "المشتريات الدفاعية الجارية بين الجزائر وروسيا" تصب في صالح "تدفق الأموال إلى روسيا، ما يؤدي إلى زيادة تمكين آلة الحرب الروسية في أوكرانيا".
"ضغط وابتزاز"
وفي السياق نفسه، حذر السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية (معارضة) يوسف أوشيش من مغبة الاستهانة بمثل هذه المواقف والضغوط الأميركية، وقال في لقاء مع كوادر الحزب بمناسبة الذكرى الـ59 لتأسيس الحزب (عام 1963)، الأربعاء الماضي، إن "الوضع الدولي وما يتفرع عنه من مخاطر متنامية، والتي لها وقعها على بلادنا، على سيادتها وعلى سلامتها الترابية، يفرضان علينا أكثر من أي وقت مضى التحلي بواجب المسؤولية".
ولفت إلى أنه يتعين على السلطة والقوة الوطنية أخذ هذه الضغوط على محمل الجدّ، مشيراً إلى أنه "لا مجال للاستهانة أو الاستخفاف بهذه التهديدات، وكلّ من موقعه، وبالأخص السلطة، مدعوون للتحلي بأقصى درجات الوطنية، المسؤولية ونكران الذات، للتوافق على ردة الفعل الجماعية تجاه هذه التحديات الوجودية".
من جهته، أكد القيادي في حركة مجتمع السلم، أكبر أحزاب المعارضة، نصر الدين حمدادوش، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحركة ترفض الضغوط الأميركية ضد الجزائر، لافتاً إلى أن "الجزائر تعيش حالة من الضغط والابتزاز والاستهداف، نتيجة لحالة الاستقطاب الدولي الحاد على خلفية الصدام المتصاعد بين روسيا والغرب، ولذلك لا يمكن أن تسلِّم أميركا فيمن تعتقد أنهم أقرب إلى روسيا منها، وكانت المناورات العسكرية للجزائر وحجم السلاح الروسي للجزائر أكبر المظاهر المزعجة لأميركا، ولذلك فهي تلعب على وتر العصا والجزرة".
وأشار إلى أن "المسألة لم ترقَ بعد إلى مستوى القرار المؤسسي الأميركي، ولكنه يُدفع في ذلك الاتجاه، ولو من باب توازن علاقات الجزائر بين روسيا والغرب، مع أن المنطق الدولي الحالي يتجه نحو الصدامية والحدية، بالإضافة إلى بعض المواقف المبدئية للجزائر، وخصوصاً الدور المتنامي لها في القضية الفلسطينية".
أمّا رئيس الحركة الديمقراطية الاجتماعية (يساري) فتحي غراس، فيرى، في تقدير موقف بشأن رسائل المشرعين الأميركيين، رداً على سؤال لـ"العربي الجديد"، أن "موقف بعض النواب في الكونغرس لا يترجم موقف الدولة الأميركية لغاية الساعة فيها، ومثل هذه الجعجعة السياسية تمنح شيئاً من المشروعية للنظام السياسي القائم في الجزائر، عن طريق إضفاء صفة الممانعة".
لا استقواء بالخارج
وتبرز مواقف أحزاب المعارضة في الجزائر إزاء الضغوط الأميركية والخارجية على البلاد تأصلاً سياسياً لموقف وطني مضاد لأي تدخل في الشؤون الداخلية، وهو موقف تتخذه قوى المعارضة التي تقع في خصومة سياسية مع السلطة، على الرغم من التضييق السياسي الذي تتعرض له في أنشطتها، لكنها ترفض رغم ذلك الاستقواء بالخارج ضد السلطة، بخلاف المعارضات في باقي الدول، وهو موقف سياسي يفسره المحلل السياسي جمال هديري، لـ"العربي الجديد"، بأنه "جزء من عقيدة تاريخية مشتركة بين كل الجزائريين، سواء كانوا في السلطة أو الموالاة أو المعارضة، وهو نتاج تكوين سياسي ودراسة للمآلات التي انتهت إليها تجارب معارضات في دول أخرى، استقوت بالمواقف والضغوط الأجنبية على السلطة المحلية".
ولفت إلى أن "التركيبة والمرجعيات الفكرية للمكون السياسي في الجزائر تجتمع وتلتقي عند أرضية الثورة الجزائرية، والتي كانت تشدد على استقلال القرار الوطني، وهو سلوك ظل يحافظ عليه العاملون في الحقل السياسي في الجزائر، مهما كانت مواقعهم ومواقفهم من اللحظة السياسية".