بكر أبوبكر يكتب: ضبط الانفعالات والميزان ..!

profile
بكر أبوبكر كاتب ومفكر سياسي فلسطيني
  • clock 6 نوفمبر 2021, 11:06:21 ص
  • eye 515
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في الاتصالات وبناء أو تمتين العلاقات بين الناس تجد الكثير من المواقف المتنوعة الأبعاد والتاثيرات، كما تجد الكثير من التعاملات المتوزعة بين الاهتمام الشديد، أوذاك المتزن، أو المتراخي، أوبين حسن الانصات أو سوءه واهماله، وتجد تذبذبات وتردّدات من ردّة الفعل كالموقف الهاديء الى الموقف العنيف. فالانفعالات لا تنفصل عن الموقف (الحدث) خاصة عندما يكون مشحونًا بالعواطف أوالذكريات أوالأفكار المُسبقة، ومن هنا فإن كيفية فهم الحالة والموقف والحدث تقف أمام صاحب الموقف ليتفكر وقد يصل للتحليل السليم، وقد يعميه الانفعال وسوء التواصل أوالغضب.

إن الاهتمام الشديد بالآخر قد يسبب الحنق والانفعالات متى ما كان اهتمامًا زائدًا وهو الاهتمام المرضي (من المرض) سواء ارتبط بالخوف أو الهواجس أو الحب المفرط، وهناك الحدّ الآخر على النقيض حيث نجد اللامبالاة والاهمال والتهميش والإعراض وإدارة الظهر، ما قد يصل للكراهية والقطيعة بينما في جميع الأحوال والمواقف يكون الاهتمام المنضبط أو المتزن هو حقيقة المرغوب لأي شخص أن يصله، كما الحال مع حُسن الانصات وتعلمه بدلًا من القفز بين الأفكار والتشتت أوإغلاق الأذنين.

(وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ. أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ. وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ) [الرحمن:7-9] ومما يقوله آية الله ناصر الشيرازي في تفسيره للآية الكريمة أن “الميزان” كلّ وسيلة تستعمل للقياس، سواء كان قياس الحقّ من الباطل، أو العدل من الظلم والجور، أو قياس القيم وقياس حقوق الإنسان في المراحل الإجتماعية المختلفة.ومشيرًا الى أن أنّ هذه الآيات تتحدّث عن النِعَم الإلهية، فإنّ وجود الميزان سواء في نُظُم العالم أجمع أو المجتمع الإنساني أو الروابط الإجتماعية أو مجال العمل التجاري … فإنّها جميعاً نِعَم من قبل الله سبحانه. وحسب الامام ابن كثير فالميزان هو العدل، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية “وكذلك أنزل الله – سبحانه – الميزان في القلوب؛ لمَّا بينت الرُسُل العدل وما يوزن به عرفت القلوب ذلك؛ فأنزل الله على القلوب من العلم ما تزن به الأمور حتى تعرف التماثل والاختلاف”، ومن هنا يكون الميزان أيضًا هو العقل المفرّق والمحدّد والمقياس والفصل في الأمور.

كيف نحقق الضبط أو نحقق التوازن في اتصالاتنا خاصة حين تجيش العواطف أوتسيطر علينا الانفعالات بحدها الأقصى؟ سؤال يقتضي اللجوء لصيغة الضبط أوالتحكم أو تحقيق الاتزان وهو المطلوب.


ما بين الوصول لحالة الانفجار المعبّرة عن الغضب أو الكراهية أو سوء الفهم أوالاستياء، أو عتمة السلبية، وما بين الحقد القديم أو الدفين أو المرتبط بالفكرة المسبقة، وما بين الانتقام إذا تمكن من الشخصية فتحيد عن ضبطها قد يجعل الانفعالات تصل الى حالة انفجاروصدام.

هناك من يستطيع تحييد عواطفه وتحييد انفعالاته المشحونة وهذه قدرة (وميزان داخلي) تحتاج لقدرة على التخلص من أدران الذات وتحتاج لتدريب متواصل.وأيضا قد تؤدي الانفعالات الايجابية (حُسن التقبل وتقدير الظرف والاستيعاب) الى تحقيق المؤازرة -أي بعكس الانفجار- والمؤازرة المطلوبة –خاصة من المقربين-تتضمن الثناء والحب والإشادة.

حضرت شخصيًا حدثًا ذو صلة مع أحد الاخوة القياديين وهو صلاح خلف (ابوإياد) (1933-1991م) إذ قام أحد المعارضين الشرسين يشتُم بالقيادة بشكل معيب ومقذع، وهمّ به عدد من الموجودين، فمنعهم أبوإياد وطلب منه أن يكمل كلامه، مع مفاجأة الشتّام-الذي ربما توقع أن يُضرب أو خطّط لذلك- ولما أكمل… شكره أبوإياد وبيّن له ما لم يكن يعرف، ثم رأيت الشخص في ختام الندوة يسير مبتسمًا مع القائد الكبير الذي كان يربت على كتفه.

التعليقات (0)