هل تكون الصفقة بوابة الاستقرار أم بداية الاستسلام؟

بيسان عدوان تكتب: المعادلة الجديدة في غزة..

profile
بيسان عدوان كاتبة فلسطينية
  • clock 11 يوليو 2024, 4:14:27 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01


تشهد الساحة السياسية الفلسطينية تحركات مكثفة ومداولات قد تفضي إلى ترتيب غير مسبوق في إدارة قطاع غزة والضفة الغربية.تتردد أنباء عن تقاسم وظيفي بين حركة حماس ومحمد دحلان في غزة، وبين السلطة الفلسطينية ودحلان في الضفة الغربية، تحت إشراف مصري وإسرائيلي. هذا السيناريو، الذي يذكرنا بتجربة أفغانستان بعد الغزو الأمريكي عام 2001 وتنصيب حامد كرزاي رئيساً انتقالياً

 

 يطرح تساؤلات عديدة حول طبيعة وأبعاد هذا الترتيب المحتمل، وتأثيره على مستقبل القضية الفلسطينية.
 

 في أفغانستان، كان كرزاي شخصية توافقية اختيرت لإعادة بناء النظام السياسي تحت إشراف دولي، لكنه واجه تحديات كبيرة في فرض سلطته وتحقيق الاستقرار. هذا النموذج يعكس ما قد يحدث في غزة إذا ما تم تنفيذ الصفقة المقترحة، حيث يمكن لدحلان أن يلعب دوراً مشابهاً تحت إشراف مصري ودولي، مما يفتح الباب أمام تحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في القطاع، لكنه في الوقت ذاته يثير مخاوف من تراجع دور المقاومة وإضعاف حماس كقوة رئيسية في الصراع مع إسرائيل. 
 

في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن أن يحقق تقاسم السلطة بين حماس ودحلان في غزة، وبين دحلان والسلطة الفلسطينية 

في الضفة الغربية، الاستقرار الإسرائيلي الاميريكي المطلوب ؟ وهل يمكن أن تكون هذه الخطوة بداية لمرحلة جديدة للفلسطينيين 
 


في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن أن يحقق تقاسم السلطة بين حماس ودحلان في غزة، وبين دحلان والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية،  الاستقرار الإسرائيلي الاميريكي المطلوب ؟ وهل يمكن أن تكون هذه الخطوة بداية لمرحلة جديدة للفلسطينيين 
 


تشير التقارير الإعلامية إلى أن معبر رفح سيكون تحت إشراف دحلان، وهو ما قد يسهم في تخفيف الحصار عن غزة وتحسين الأوضاع المعيشية لسكان القطاع. ولكن هذا الترتيب يتطلب تنازلات من حماس، التي ترى نفسها القوة المقاومة الرئيسية ضد الاحتلال الإسرائيلي.


وعلى الجانب الآخر، في الضفة الغربية، يشير البعض إلى أن دحلان قد يكون شريكاً محتملاً للرئيس محمود عباس تحت إشراف
الحاكم العسكري الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، مما يثير تساؤلات حول مستقبل السلطة الفلسطينية والعلاقة مع إسرائيل.
 

من جهة أخرى، تلعب وسائل الإعلام دوراً مهماً في تشكيل الرأي العام حول هذه الصفقة. بينما تروج بعض الصحف الأمريكية مثل واشنطن بوست ووول ستريت جورناللهذه التحركات باعتبارها خطوة نحو الاستقرار، تثير قناة الجزيرة، المعروفة بتغطيتها المؤيدة للمقاومة الفلسطينية، بعض الشكوك حول دوافع وأهداف هذه الصفقة. هذا التحول في التغطية الإعلامية قد يكون محاولة لتجنب أي تصعيد دبلوماسي مع إسرائيل وحلفائها، أو استجابة لضغوط دولية.
 
 الوضع الحالي في غزة والضفة الغربية: التنازلات والصفقات المحتملة.
إن الحديث عن مثل هذه الصفقة يأتي في وقت حرج، حيث تتفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في قطاع غزة نتيجة للحصار المستمر  منذ أكثر من عقد، بالإضافة إلى التوترات العسكرية المتكررة مع إسرائيل. لكن السؤال الأكبر هنا: هل ستقبل حماس، التي تعد نفسها الفصيل المقاوم الرئيسي ضد الاحتلال الإسرائيلي، 

مثل هذا الترتيب؟ وهل سيشكل ذلك استسلاماً أم خطوة نحو استقرار مؤقت؟
 
بداية، من المهم أن نفهم السياق التاريخي والسياسي للعلاقات بين حماس ودحلان. محمد دحلان، الذي شغل منصب رئيس الأمن الوقائي في غزة سابقاً، 

 

لديه تاريخ طويل ومعقد مع حماس. بعد سيطرة حماس على قطاع غزة في عام 2007، نُفي دحلان إلى الإمارات وأصبح معارضاً قوياً لحماس وللسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس. إلا أن الأشهر الأخيرة شهدت تقارباً بين دحلان ومصر ، مما أثار تكهنات حول إمكانية عودته إلى المشهد السياسي في غزة.

التقارير تشير إلى أن دحلان قد يعود إلى غزة كجزء من صفقة أكبر تشمل تسليم معبر رفح له، مما قد يسهل تدفق المساعدات الإنسانية والسلع إلى القطاع. لكن حماس، التي ترى نفسها القوة الوحيدة التي تحافظ على المقاومة ضد إسرائيل، قد تجد صعوبة في قبول هذا الترتيب دون ضمانات قوية.
 
 الموقف الدولي والإعلامي 
الإعلام الغربي، وخاصة الصحف الأمريكية مثل واشنطن بوست ووول ستريت جورنال، يهلل لهذه الصفقة باعتبارها خطوة نحو الاستقرار في المنطقة. هذا الترويج الإعلامي يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه الصفقة ومن المستفيد الأكبر منها. في المقابل، تشير التقارير إلى أن قناة الجزيرة، المعروفة بتغطيتها المؤيدة للمقاومة الفلسطينية، بدأت تميل نحو ترويج هذه الصفقة، مما يثير شكوكاً حول تغير مواقفها وتوجهاتها.

 
من جهة أخرى، يتساءل البعض عما إذا كانت هذه التحركات تهدف إلى تقليل الضغط على قطر، التي تواجه اتهامات من قبل إسرائيل بدعم حماس. 

يبدو أن الجزيرة، بمرورها نحو ترويج هذه الصفقة، تحاول تجنب أي تصعيد دبلوماسي مع إسرائيل وحلفائها.
 


من الناحية الاستراتيجية، هناك آراء متباينة حول هذا الترتيب المحتمل. بعض المحللين، مثل يوني بن مناحيم، يرون أن تقاسم السلطة في غزة يمكن أن يكون خطوة ضرورية

 لتخفيف التوترات وتحسين الأوضاع الإنسانية. بن مناحيم يشير إلى أن دخول دحلان في معادلة السلطةقد يسهم في فتح معبر رفح بشكل دائم، مما سيخفف من الأزمة الاقتصادية

 في غزة ويسهم في تهدئة الأوضاع.
 
على الجانب الآخر، هناك محللون يرون أن هذه الصفقة قد تكون بمثابة استسلام ضمني لحماس. المحلل الفلسطيني، إبراهيم حمامي، يشير إلى أن قبول حماس بمثل هذا الترتيب يعني تنازلاً عن جزء من سلطتها واستقلالها في مقابل بعض الامتيازات الاقتصادية، مما قد يضعف موقفها كقوة مقاومة. حمامي يضيف أن هذه الخطوة قد تكون بداية لتفكك حماس من الداخل، حيث قد يعارضها جناح صقوري داخل الحركة.


 
الضفة الغربية والنموذج المقترح
أما في الضفة الغربية، فإن الوضع قد يكون أكثر تعقيداً. الحديث عن تقاسم وظيفي بين الرئيس محمود عباس ودحلان تحت إشراف الحاكم العسكري الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يثير الكثير من الجدل. سموتريتش، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه الفلسطينيين ، قد يستغل هذا الترتيب لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية وتقويض أي محاولات لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
 
المحلل الإسرائيلي، غاي بيخور، يرى أن مثل هذا الترتيب قد يكون مفيداً لإسرائيل، حيث سيتيح لها التحكم بشكل أكبر في الأوضاع الأمنية والسياسية في الضفة الغربية دون الحاجة إلى التدخل المباشر. بيخور يضيف أن دحلان قد يكون الشريك المثالي لإسرائيل في هذا السيناريو،حيث يتمتع بعلاقات قوية مع بعض الدول العربية والغرب.

 في المحصلة النهائية، فإن الحديث عن تقاسم وظيفي في غزة والضفة الغربية بين حماس ودحلان تحت إشراف مصر وإسرائيل  يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. بينما يرى البعض أن هذه الصفقة قد تسهم في تحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية،  يرى آخرون أنها قد تكون بداية لتفكك القوى الفلسطينية واستسلامها لإملاءات خارجية.
 


لعل هذه الضغوط تمارس في الكواليس على قوى المقاومة الفلسطينية  لكننا نثق في رجالات المقاومة في قطاع غزة والضفة الغربية ، بأنهم لن يقبلوا هذه  التنازلات التي يمكن أن تؤسس إلى سلطة أوسلو "جديدة"، ينتهي بها الحال إلى أقل من رفح، فالمقاومة الفلسطينية  حين قامت بطوفان الأقصى كان هدفها واضحا وصريحا وعبرت عنه في مواضع عديدة وهو  تحرير كل قطاع غزة، وفتح المعابر وعودة النازحين واعمار قطاع غزة كمقدمة لتحرير كل فلسطين .. فدماء الشعب الفلسطيني لا تباع بأي ثمن .
 

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
كلمات دليلية
التعليقات (0)