- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
تحقيق صحافي إسرائيلي: الوزير سموتريتش مستوطن غيبي و”أزعر” يسعى إلى دولة شريعة يهودية
تحقيق صحافي إسرائيلي: الوزير سموتريتش مستوطن غيبي و”أزعر” يسعى إلى دولة شريعة يهودية
- 24 أغسطس 2023, 9:25:59 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الناصرة- “القدس العربي”:
تتبّعَ تحقيقٌ صحافي عبري مطوّل رئيس حزب “الصهيونية الدينية”، وزير المالية، والوزير الإضافي في وزارة الأمن باتسلئيل سموتريتش، معتقداته وخططه الاجتماعية والسياسية، وفيه يظهر كسياسي غيبي وظلامي يحمل أفكاراً كيدية.
في هذا التحقيق، الذي نشره الموقع الاستقصائي “هشومريم”، وترجمه الصحفي هشام نفاع لصالح مركز “مدار”، جاء أن سموتريتش، وبعد ثلاثة أسابيع على إقرار قانون تقليص حجة المعقولية (تقليص صلاحية المحكمة العليا)، أطلق حملة جديدة بعنوان “حوار الأشقاء”، قال فيها إن حزبه “يخرج في حملة لتقريب القلوب” بواسطة حلقات حوار في المجتمع الإسرائيلي، لأنه “آن الأوان لرأب الصدوع”.
طبقاً للتحقيق، الذي نورد هنا أجزاء منه، فإن سموتريتش سياسي “موهوب”، يخطط خطواته بمهارة وحنكة، ومن الصعب التقدير إلى أين يتجه بـ “حوار الأشقاء” هذا، ومع ذلك، فإن التحليل الشامل لعقيدته الأيديولوجية، من خلال مقالاته، منشوراته، ومقابلاته، منذ انتخابه لأول مرة للكنيست، يبيّن أن “عرضه المصافحة” يهدف بشكل أساس إلى نقل “الأشقاء” إليه، وليس إلى التوصل حقاً لاتفاقات معهم، فمواقفه حول شتى القضايا، بدءاً من التعليم، مروراً بالجيش الإسرائيلي، وصولاً إلى مكانة المحكمة العليا بالطبع، حازمة، فظّة، وبعيدة كل البعد عن إبداء الثقة في الحوار أو الاعتدال”.
ويشير التحليل إلى أن بعض مواقفه في منصبه كوزير في الحكومة مختلفة تماماً عن مواقفه قبل سنوات قليلة فقط. على سبيل المثال؛ فإن تصريحه “لا يوجد في الديموقراطية وضعٌ تجتمع فيه مجموعة أغلبية في نادٍ مغلق، وتطرد مجموعة أقلية، وليس هناك سابقة لهذا”، هو تصريح كان سيوقع عليه قادة حملة الاحتجاج الحالية.
“إمكانات هائلة لتغيير شعب إسرائيل من النقيض إلى النقيض”
ويقول التحقيق إنه سيكون مثيراً بدء هذا الاستعراض بالكلمات التي كتبها سموتريتش في مقال لجريدة “مكور ريشون” الاستيطانية، في تشرين الثاني 2015، بعد بضعة أشهر على انتخابه للكنيست العشرين:
سموتريتش وصفَ نتنياهو بـ”كاذب ابن كاذب”، وقال: “إن نتنياهو مشكلة، لكن عليك أن تختار بين مشكلة وأخرى. ففي نهاية المطاف، ستفعل الفيزياء أو البيولوجيا فعلها، وربما تتم إدانته (نتنياهو) في المحكمة”.
“إن موقفي تجاه العلمانية هو موقف شراكة، ولكن ليس قبولاً بها على الإطلاق. إنه موقف قوامه السعي للتغيير، والصبو الدائم للتأثير. من أجل ذلك يجب أن تكون مثابراً متداخلاً، فمن المستحيل التأثير على شيء ما دون أن تكون على تواصل معه”.
وفي منشور كتبه الصيف الماضي على صفحته في فيسبوك، بعد سبع سنوات على ذلك المقال، وصف سموتريتش الخطوات المطلوبة بشأن هذه القضية بطريقة واضحة ومفصلة:
“قد تكون موجة الخبل الهائلة التي تجتاح نظام التعليم الرسمي هي الساعة الذهبية للتعليم الحكومي. وهذا بمساعدة حملة تشرح لأولياء الأمور الإسرائيليين الحقيقة البسيطة: إذا كانوا يريدون أولادهم ضحلين، مشوشين، مغسولي الدماغ بـ “التقدميّة”، عديمي الهوية القومية والشخصية والجندرية، وعديمي القيم، ومنقطعين عن هويتهم وجذورهم اليهودية، فليُرسلوا أولادهم إلى التعليم الرسمي العلماني؛ أما إذا كانوا يريدون منحهم تعليماً يهودياً ذا جذور وقيم، وأولاداً مرتبطين بهويتهم وبشعبهم، سليمين ومستقرين، مع عمود فقري وكبرياء قومي، فليرسلوهم إلى التعليم الرسمي- الديني. سيستغرق الأمر بضع سنوات، وربما جيلاً، لكن تكمن في هذا إمكانات هائلة لتغيير شعب إسرائيل من النقيض إلى النقيض”.
“هذه هي المرة الأخيرة التي تقرّر فيها المحكمة العليا لنا”
ويوضح “هشومريم” أن الجمع بين الأجندة المسيانية (الغيبية الخلاصية) والبلاغات الواضحة والجذابة التي تنتشر بشكل ممتاز عبر الشبكات الاجتماعية، هي إحدى السمات المميزة لسموتريتش: نصوصه حول هذا الموضوع مكتوبة بشكل جيد لجمهور الهدف، ولا تشتمل على التفاهة التي تميز قسماً كبيراً من السياسيين الإسرائيليين، وقد تحوّلت بعض تصريحاته إلى مقولات شائعة، وبشكل خاص، المحادثة التي سُجِّل فيها وصفه لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بـ “كاذب ابن كاذب” لا تُنسى في هذا السياق. وقد أضاف سموتريتش، في المحادثة نفسها: “إن نتنياهو مشكلة، لكن عليك أن تختار بين مشكلة وأخرى. ففي نهاية المطاف، ستفعل الفيزياء أو البيولوجيا فعلها، وربما تتم إدانته (نتنياهو) في المحكمة”.
وحسب هذا التحقيق، تجلّى في موضوع الانقلاب على الحكم أحد الفروق الكبرى بين سموتريتش ونتنياهو، فبينما تجنَّبَ هذا الأخير، قبل الانتخابات الأخيرة، مكاشفة الجمهور بخططه الكاملة لتغيير النظام القضائي، فقد طرح سموتريتش ذلك فوق الطاولة مسبقاً، كان يجب فقط الاستماع إليه. ويدلل “هشومريم” على ذلك بالقول إنه، في آذار 2019، أي قبل نحو شهر من الانتخابات التي أدت إلى فوضى سياسية في إسرائيل وسلسلة من الحكومات الانتقالية، كتب سموتريتش على صفحته في موقع فيسبوك:
“في الدورة المقبلة، بعون الرب، سنمرّر، من بين أمور أخرى، بند التغلّب وبند إلغاء حجة المعقولية. سنعيد القيود المفروضة على حق المثول أمام المحكمة، وسنُخرج المنظمات اليسارية من المحكمة”.
وأضاف بعد ثلاثة أسابيع:
“سجّلوا هذا أمامكم: هذه هي المرة الأخيرة التي تقرّر فيها المحكمة العليا لنا. في المرة القادمة نحن سنقرّر للمحكمة العليا”. ويوضح أن الإدراك بأنه يجب على اليمين أن يسيطر على السلطة القضائية من أجل أن يحكم حقاً، هو عقيدة منهجية مع العديد من التجليات المتنوعة على طول المسار السياسي لسموتريتش.
سموتريتش: “الدولة يجب أن تتوقف، وعندها سيدرك الناس أن الأرض تحترق تحت أرجلهم”.
في مقابلة مع القناة 14 شدّد على أنه “على قضيّة المحكمة العليا يتأزّم الائتلاف، بدون هذا لا يمكن أن نحكم”.
وفي احتفال “يوم القدس”، الذي أقيم في المدرسة الدينية “مركاز هراف”، في ذلك العام، أعلن: “نحن نريد وزارة العدل لأننا نريد “إعادة قضاتنا كمن ذي قبل”، نريد إعادة محكمة التوراة إلى سابق عهدها”.
ويقول التحقيق إن هذه التصريحات أثارت عاصفة، ولكن حتى عندما طُلب من سموتريتش تقديم توضيحات، لم يرتدع: “على الجمهور المتدين أن يتوقف عن الخوف من قول الحقيقة، والترويج لها ببطء وصبر”.
وعلى النهج نفسه، ومع حقيقة أنه لا يخشى السير في الطريق الطويل، فقد عبّر عن طموحه العام، بشأن توسيع صلاحيات المحاكم الدينية، بأن تُدار إسرائيل وفقاً لشريعة التوراة.
العودة لأيام الملكين داود وسليمان
ويتابع التحقيق في عرض أمثلة على هذه التوجهات التوراتية: “في العام 2019، على سبيل المثال، قال سموتريتش، في مقابلة مع الإذاعة الرسمية العبرية: إن إسرائيل بعون الربّ ستعود إلى الاحتكام مثلما كانت في أيام الملك داود والملك سليمان، وفقاً لشريعة التوراة، طبعاً بما يتماشى مع هذه الأيام، هذا ما ينبغي أن يكون، هذه دولة يهودية. لا شيء يحدث على الفور، ولا شيء يتم بالإكراه، كل شيء يتم من خلال الحوار، بطريقة ديموقراطية. وقال سموتريتش أيضاً إن شرائع التوراة أفضل بكثير من دولة الشرائع التي ابتدعها أهارون باراك هنا. شرائع التوراة بشأن الأضرار أكثر عدلاً وصحّة. أعتقد أنه من الممكن، ومن الضروري إعطاء مكانة شرف للمحاكم الدينية وتعزيزها”.
“محكمة العدل العليا تدمّر مبادئ الدولة اليهودية”
ويقول التحقيق أيضاً إنه عموماً، إذا كانت هناك هيئة يتعرّض لها سموتريتش دون توقّف، وفي كل مسألة تقريباً، فهي محكمة العدل العليا، وعندما حكمت محكمة العدل العليا، في نيسان 2020، بأنه لا يمكن للمستشفيات حظر إدخال المأكولات المخمّرة في عيد الفصح، كتب على صفحته في فيسبوك: “تواصل محكمة العدل العليا تدمير مبادئ الدولة اليهودية، وفرض مبادئ تقدمية مخبولة عليها بطريقة غير ديموقراطية وبدون صلاحية… والسؤال هو متى سيستيقظ الشعب؟”.
ومثال آخر على أن أوامر محكمة العدل العليا هي مسألة نسبية في نظر سموتريتش، يمكن العثور عليه في تصريحاته التي أعقبت قرار الحكم بشأن إخلاء بؤرة عمونه الاستيطانية في أوائل العام 2017. بالنسبة له، كان رمي هذا الحكم نحو الخلف: “بعد أن تكون الحكومة قد انتهت من إنفاذ قوانين التخطيط والبناء في النقب والشمال والخان الأحمر… هل يمكن أن يكون هذا خطيراً، ويتحول إلى منحدر أملس يؤدي إلى الفوضى؟ بالتأكيد نعم”. يسأل، ويجيب نفسه، مضيفاً: “ولكن هذا أقل خطورة من الاستبداد القضائي والطاعة العمياء”.
ويوضح التحقيق أن سموتريتش يحتفظ بحساب مفتوح طويل قديم مع مؤسسة المستشار القانوني للحكومة، ووفقاً لرؤيته، فإن المستشارين القانونيين والمدعين العامين، بكل ببساطة، لا يفهمون وظيفتهم. فقد أدلى سموتريتش، بحُكم في منشور له على فيسبوك في تشرين الأول 2019 مفاده أنه: “يجب إغلاق مؤسسة المستشار القانوني للحكومة والمدعي العام وإعادة فتحهما من جديد”.
الرفض والمظاهرات: “ننقذ الجيش الإسرائيلي ولا نتجنّد”
ويرى التحقيق أن الرفض في صفوف جنود الاحتياط، وإغلاق الشوارع كجزء من المظاهرات من أجل الديموقراطية، هما حبّتان من البطاطا الساخنة التي تلهب الخطاب العام، خلال الأشهر الثمانية الأخيرة. ويقول إنه من المجدي فحص تعاطي سموتريتش مع الأمر، ولكن قبل ذلك، يجب أن نذكر الدور الذي لعبه خلال مظاهرات اليمين ضد فكّ الارتباط مع غزة، في صيف 2005. في تلك الأيام، تم تصوير سموتريتش مع صديق له حين قال الأخير: “الدولة يجب أن تتوقف، وعندها سيدرك الناس أن الأرض تحترق تحت أرجلهم”، فيما أضاف سموتريتش: “هذه عيّنة مما سيحدث شهوراً بعد شهور”.
ويستذكر “هشومريم” أن معظم الإشارات إلى سموتريتش، وإلى فك الارتباط في وسائل الإعلام، تناولت اعتقاله من قبل جهاز الشاباك لمدة ثلاثة أسابيع خلال فترة فك الارتباط. ومؤخراً، انفجر سموتريتش في وجه الصحافي غاي بيلغ في “أخبار 12″، وهدَّدَ برفع دعوى تشهير ضد أي شخص يدّعي أنه تم القبض عليه خلال فترة فك الارتباط مع وقود.
اعتُقل سموتريتش مع أربعة نشطاء يمينيين للاشتباه بأنهم نظموا إغلاق شوارع، وخلال تفتيش منزل أحدهم، تم العثور على خرائط ومواد قابلة للاشتعال وزيوت، كانت معدّة للقيام بأعمال شغب وسدّ شوارع.
ويضيف التحقيق: “صحيح أنه لم يُقبض على سموتريتش وفي يده حاوية وقود، لكن وفقاً لتقرير في جريدة “غلوبس”، في حزيران 2005، تم اعتقاله مع أربعة نشطاء يمينيين للاشتباه بأنهم نظموا إغلاق شوارع، وخلال تفتيش منزل أحدهم، وفقاً للتقرير، تم العثور على خرائط ومواد قابلة للاشتعال وزيوت. وبحسب الاشتباه، كانت جميع المواد معدّة للقيام بأعمال شغب وسدّ شوارع.
وفقاً لنفس التقرير، تم التحقيق أيضاً في الاشتباه بأن سموتريتش وأصدقاءه على صلة بالحادث الذي تم فيه سكب الزيت والمسامير على الطريق السريع رقم 1، وكذلك جرى فحص الاشتباه في تورطهم بتخريب خزائن فرع “بيزك” في وسط البلاد، وسكب الغراء على أقفال مكاتب حكومية، وإغلاق مدارس”.
ويستذكر التحقيق أيضاً أن سموتريتش وأصدقاءه حافظوا على الصمت في أثناء التحقيق، وأُطلق سراحهم في النهاية إلى الإقامة الجبرية، ولم يتم توجيه لوائح اتهام ضدهم.
في تشرين الثاني الماضي، قال محقق الشاباك السابق دفير كاريف لـ “أخبار 12” إنه “من أجل تقديم أدلة تؤدي إلى إدانة، كان من الضروري الكشف عن أشياء، لم يكن الجهاز مستعداً للكشف عنها”. وتابع: “من ناحيتنا، يمكننا أن نقول بارتياح إن الأحداث التي خططوا لها لم تحدث. ولو حدثت لكان هذا سيؤدي إلى فوضى كبيرة في الدولة”.
أما عن آرائه بشأن الرفض العسكري، فقد عرضها سموتريتش بالتفصيل في العام 2017، في مقال كتبه لـ “بشيفع” تحت عنوان “ننقذ الجيش الإسرائيلي، ولا نتجنّد”، دعا إلى الرفض بعد أمر الخدمة المشتركة (لجنود وجنديات معاً) في الجيش الإسرائيلي، والذي يخلق، حسبما قال، “مقياساً مشوهاً وخطيراً للقيم.. يؤدي إلى تراجع قيم مثل الاحتراف والسعي لتحقيق النصر.
سموتريتش دعا، في نفس المقال، إلى الرفض أيضاً، بسبب تغيير لقب مستشارة رئيس الأركان لشؤون المرأة، إلى “مستشارة رئيس الأركان لشؤون الجندر”. وكتب سموتريتش: “لست بحاجة إلى أكثر من قراءة التصور الذي كتبتْه مستشارة رئيس الأركان لشؤون الجندر.. وجهة نظر نسوية متطرفة تنص على أنه لا يوجد أي فرق بين الرجال والنساء. لكي تكتمل الصدمة وتدرك أن شيئاً سيئاً للغاية يحدث للجيش الإسرائيلي”.