- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
تسييس الإغاثة.. لماذا رفض المغرب مساعدات فرنسا والجزائر عقب الزلزال؟
تسييس الإغاثة.. لماذا رفض المغرب مساعدات فرنسا والجزائر عقب الزلزال؟
- 13 سبتمبر 2023, 12:53:05 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب وسوى قرى بأكملها بالأرض، لم تتحول أنظار العالم فقط إلى الدمار الذي حل بالبلد العربي الشمال أفريقي، ولكن أيضًا إلى إدارة الرباط للأزمة التي كان لها نكهة سياسية واضحة، حيث رفضت حكومة البلاد مساعدات دولية من عدة جهات، لاعتبارات سياسية، فيما سمحت بها من 4 دول فقط، هي: الإمارات وقطر وإسبانيا وبريطانيا.
موقع "المونيتور" ألقى الضوء على "تسييس المساعدات" الذي حكم استجابة المغرب لتفاعل المجتمع الدولي عقب كارثة الزلزال، معتبرا أن ما فعله المغرب في هذا الملف، لا سيما مع فرنسا، ينبئ بتزايد رفض دول الجنوب العالمي لأسلوب المساعدات الفوقية التي تقدمها القوى الاستعمارية السابقة، أما بالنسبة لرفض مساعدات الجزائر، فالأمر يعني أن الخلافات بين البلدين الجارين أكبر من أن يتم جسرها ولو حتى عبر الطريق الإنساني.
أزمة مع فرنسا
وأشار التقرير إلى ما وصفه برد فعل استعلائي من قبل الإعلام الفرنسي إزاء زلزال المغرب، حيث سارعت وسائل إعلام في باريس إلى اتهام السلطات المغربية بعدم الكفاءة وإلقاء اللوم عليها في "قتل شعبها بصمت"، وهو ما أثار الحنق في مواقع التواصل الاجتماعي المغربية.
ومع مرور الساعات والمغرب لم يستجب بعد لعرض باريس للمساعدة في إدارة الكارثة الطبيعية، تعالت الأصوات التي تتهم المغرب بـ "رفض التدخلات الإنسانية على حساب سكانه المنكوبين".
وفي مقابلة مع محطة الأخبار الفرنسية "BFM TV"، ردت الصحفية المغربية سميرة سيتايل بقوة ضد وجهة النظر التي عبر عنها المشاركون، واتهمتهم بـ "التحريض على التمرد بين الشعب المغربي ونشر ادعاءات كاذبة".
بدورها، أصدرت الداخلية المغربية بيانا شكرت خلاله المجتمع الدولي، وشرحت الأساس المنطقي وراء اختيارها قبول فرق الإنقاذ من أربع دول فقط.
4 دول فقط
وذكرت الوزارة أن فتح أراضيها أمام جميع طلبات تقديم العروض "سيؤدي إلى نتائج عكسية وفوضوية"، وأنها "تواصل تقييم الاحتياجات والاستجابة وفقًا لذلك بما يتوافق مع المعايير الدولية".
لكن في الوقت نفسه، تشير الحقائق إلى خلاف ذلك، وتدلل على احتكاكات أعمق بين البلدين.
وتشير تقارير محلية إلى أن العاهل المغربي رفض تلقي اتصال تعزية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ولعل الأخير توقع في تقديم المساعدة رداً مماثلاً للحشود اللبنانية التي رحبت به وبالمساعدات الفرنسية خلال زيارته لبيروت عام 2020 بعد الانفجار القاتل هناك.
إذا كان الأمر كذلك، فيبدو أنه نسي أن شمال أفريقيا لوحت منذ فترة طويلة بالوداع لقصة الحب الخاضعة "للمركز مقابل المحيط" للأم فرنسا (ماما فرانسا).
ويرى التقرير أنه من خلال عدم قبول المساعدات الفرنسية، يبدو أن القادة المغاربة ينظرون إلى بلادهم على أنها ترفض التضحية بنفسها بعد الزلزال أو تقديم نفسها كمناشدة للأعمال الخيرية الخارجية.
وفي مقابلة أجريت مؤخراً، أوضحت سيلفي برونيل، الرئيسة السابقة لمنظمة العمل ضد الجوع، وجهة النظر هذه. وأوضحت أن المغرب يفضل تصنيف نفسه على أنه مستقل وقادر على تعبئة الموارد لمعالجة مصاعبه، وهو ما يفسر سبب سماحه فقط للجهات الفاعلة الدولية التي يعتقد أنها تفهم هذه الشروط وتحترمها.
تجاهل الجزائر
وفي خطوة استثنائية، عرضت الحكومة الجزائرية -أشرس خصم إقليمي للمغرب منذ قطع العلاقات الدبلوماسية في أغسطس 2021- فتح مجالها الجوي أمام المساعدات الإنسانية والإجلاء الطبي وتقديم المساعدة الإنسانية "إذا طلب المغرب ذلك"، وهو عرض آخر تجاهلته الرباط، لكن التجاهل أيضا هو ما فعلته الجزائر إزاء العرض المغربي للمساعدة في مكافحة حرائق الغابات الكارثية عام 2021.
ويقول التقرير إنه بالنظر إلى التاريخ التراكمي للاستفزازات والحوادث المتبادلة - بما في ذلك إطلاق النار في 1 سبتمبر/أيلول على يد خفر السواحل الجزائريين على السياح الذين كانوا يزورون المغرب بعد أن ضلوا طريقهم إلى المياه الجزائرية - فمن غير المرجح أن يؤدي أي تضامن مؤقت بعد وقوع كارثة طبيعية إلى مصالحة أكثر جوهرية.
الحاجة كبيرة للمساعدة
وألقت "المونيتور" الضوء على احتياج المغرب إلى دعم مالي ولوجستي كبير لإعادة بناء الصروح المدمرة في مراكش وجبال الأطلس الكبير، حيث تسبب الزلزال في تدمير البنية التحتية المدنية الحيوية، بما في ذلك الطرق والمدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء.
وستحتاج الأسواق الناشئة الغنية ثقافيًا والمعتمدة على السياحة أيضًا إلى تدخلات عاجلة لإعادة تأهيل المواقع التراثية المتضررة وحمايتها.
وتشير التقييمات الأولية إلى أن مسجد الكتبية في مراكش، وهو مبنى يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر بناه الخليفة الموحدي عبد المؤمن، قد تصدع أثناء الزلزال.
وكذلك الحال بالنسبة للقلعة القديمة والعديد من المباني التاريخية في مراكش. كما تضرر جامع تنمال الكبير، مهد الحركة الموحدية وضريح زعيمها المهدي بن تومرت.
وتشمل المواقع التراثية الهامة الأخرى التي تأثرت بالمأساة ضريح مولاي إبراهيم الصوفي الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر وقلعة أغادير أوفيلا في أغادير.
وفي 9 سبتمبر/أيلول الجاري، تعهدت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، أودري أزولاي، بمساعدة السلطات المحلية في تقييم الأضرار وإعادة بناء المواقع ذات الأهمية الثقافية والتعليمية.
وستكون هناك حاجة إلى تمويل كبير وخبرة في إنقاذ التراث بعد الأزمة من أصدقاء وحلفاء المغرب الدوليين لمعالجة الأضرار الجسيمة على الأرض.
وقدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أن البلاد قد تخسر 8% من ناتجها المحلي الإجمالي هذا العام بسبب الزلزال الذي أدى إلى تفاقم الانكماش الاقتصادي المستمر في البلاد.
وفي حين أن هناك حاجة ماسة إلى المساعدات الدولية لمساعدة الرباط على التخفيف من الصعوبات الإنسانية والاقتصادية التي تلوح في الأفق، فإن المملكة مصرة على وضع بعض القواعد الأساسية مع الشركاء الأجانب وعدم قبول أي مساعدة من شأنها، كما يرى المغرب، أن تأتي على حساب كرامتها الوطنية.