- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
تعديل هيئة الانتخابات التونسية.. أزمة دستورية وجدل حول الديمقراطية
تعديل هيئة الانتخابات التونسية.. أزمة دستورية وجدل حول الديمقراطية
- 26 أبريل 2022, 12:37:42 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
فتح قرار تعديل قانون هيئة الانتخابات في تونس وتركيبتها، وفق مرسوم أصدره الرئيس "قيس سعيد"، الباب أمام موجة جديدة من الجدل السياسي في البلاد.
والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، هيئة دستورية أشرفت على الانتخابات منذ أكتوبر/تشرين الأول 2011، وتتكون من 9 أعضاء "مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة"، ينتخبهم البرلمان بأغلبية الثلثين، ويباشرون مهامهم لفترة واحدة مدتها 6 سنوات، ويجدد ثلث أعضائها كل سنتين.
وبحسب المرسوم الرئاسي المنشور في الجريدة الرسمية، والصادر الجمعة، فإن مجلس الهيئة "يتركب من 7 أعضاء يتم تعيينهم بأمر رئاسي".
ويختار رئيس الجمهورية وفق المرسوم، 3 أعضاء من الهيئة بطريقة مباشرة من الهيئة السابقة، و3 آخرين من 9 قضاة مقترحين من مجالس القضاة المؤقتة (العدلية والإدارية والمالية)، وعضوا آخرا من 3 مهندسين يقترحهم المركز الوطني للإعلامية (حكومي).
كما ينص على اختيار "رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من قبل رئيس الجمهورية، ويرفع له كل مقترح إعفاء عضو من الهيئة ليختار إعفاءهم من عدمه".
ويأتي المرسوم في ظل أزمة سياسية حادة تشهدها تونس منذ 25 يوليو/تموز 2021، إثر إعلان "سعيد" الإجراءات الاستثنائية، ومنها حل البرلمان وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وحل المجلس الأعلى للقضاء.
- ضرب لمفهوم الاستقلالية
وأعرب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات "نبيل بفون"، عن استغرابه من صدور هذا المرسوم، وطعن في قانونيته قائلا: "المرسوم لا يمكنه أن يغير القانون الأساسي".
وأضاف، في تصريحات لإذاعة "موزاييك" (خاصة)، أنه "يمكن القول إن الهيئة أصبحت هيئة رئيس الجمهورية بامتياز، وكل الأعضاء السبعة معيّنين من طرفه مما يضرب مفهوم الاستقلالية بصفة جوهرية".
وكانت قوى سياسية عديدة بينها حركة "النهضة" و"حزب العمال" (يسار) رفضت مرسوم تعديل هيئة الانتخابات، معتبرة أنه يأتي في سياق "تكريس الحكم الفردي".
في المقابل، قال حزب "التحالف من أجل تونس" (غير ممثل في البرلمان الذي جرى حله) في بيان له السبت، إن المرسوم الرئاسي "إنجاز في مسار التصحيح لتصحيح قانون هذه الهيئة وتغيير تركيبتها"، معتبرا أن هيئة الانتخابات "لم تكن أبدا مستقلّة ولا محايدة".
- تعديل لا يستقيم قانونا
من ناحية قانونية، تعتبر أستاذة القانون الدستوري "منى كريم"، أنه "لا يمكن تبرير تغيير القانون المنظم للهيئة العليا للانتخابات بمرسوم، إذا سلمنا أن دستور 2014 ما زال ساري المفعول".
وتقول: "لا يمكن تغيير قانون أساسي في فترة استثنائية وبمقتضى مرسوم، وهذا لا يستقيم لا من الناحية القانونية ولا من الناحية الدستورية".
وتضيف "كريم": "اليوم يتصرف رئيس الجمهورية بمقتضى الأمر 117 الذي يسمح له باتخاذ المراسيم في كل المجالات دون استثناء".
وفي 22 سبتمبر/أيلول الماضي، أصدر "سعيد"، المرسوم الرئاسي رقم 117 الذي قرر بموجبه إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.
وترى "كريم"، أن "هذه المراسيم لا يمكن أن تقبل الطعن بالإلغاء، لذا أصبحت كل أعمال سعيد محصنة ضد أي طعن".
وتشير إلى أن "سعيد أصبح بإمكانه أن يلغي ما يريد من المؤسسات بمقتضى مراسيم دون أن يتعرض بأي وجه من الوجوه للطعن".
وتتابع الخبيرة القانونية: "اليوم خرجنا من دائرة القانون، وأصبحنا في منطق الأمر الواقع، وأصبحنا في وضعية عدم استقرار وأمان قانونيين، لأنه بصفة أحادية الجانب من طرف رئيس الجمهورية".
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال الرئيس إن "أزمة بلاده تكمن في دستور 2014، والذي لم يعد صالحا ولا مشروعيه له في تونس"، وسط ترجيحات من خبراء بأن "سعيد" قد يذهب إلى تعليق العمل بهذا الدستور.
- انتهاك حرمة الدستور
من جهته، يقول المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة "رياض الشعيبي"، إن "الخطوة التي اتخذها سعيد بحل الهيئة العليا للانتخابات وتغيير تركيبتها وقانونها بمرسوم هو إمعان في انتهاك حرمة الدستور والتعدي على الديمقراطية".
ويؤكد أنه "من غير المعقول استبدال هيئة مستقلة منتخبة و تحظى بالإجماع".
كما يعتبر "الشعيبي"، أن "هذا التمشي خطير وإمعان في ضرب الديمقراطية التونسية وخطوة تضاف إلى إجراءات سابقة، منها حل البرلمان وتغيير هيئة المجلس الأعلى للقضاء، في إطار سعي الرئيس والسلطة التنفيذية للإمساك بكل السلطات بيد واحدة واحتكارها لنفسه".
ويشير إلى أن "أغلب الأحزاب السياسية رفضت هذا المرسوم واعتبرت أن هذه الخطوة تكرس التفرد بالسلطة والذهاب في مسار لا يسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بمعايير دولية ولا توفر فرصة مناسبة لتنظيم انتخابات في المستقبل".
ويشدد القيادي في حركة "النهضة"، على أن "ما قام به سعيد خاصة في ما يتعلق بالمادة الانتخابية عكس ما نص عليه الدستور".
ومرارًا يقول "سعيد"، الذي بدأ عام 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، إن إجراءاته عبارة عن "تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة من خطر داهم".
- ترحيب بحل الهيئة
من جانبها، وصفت "حركة تونس إلى الأمام"، في بيان، هيئة الانتخابات بأنها "غير مستقلة وتشكلت على قاعدة محاصصات حزبية".
واعتبرت حل الهيئة "خطوة هامة في اتجاه توفير مناخ انتخابي شفاف ولكنها تظل منقوصة ما لم تقترن بإجراءات صارمة تتعلق بالإعلام وبسبر الآراء والمال الفاسد، وما لم تسبق الانتخابات محاسبة الضالعين في الفساد".
فيما رحب "زهير حمدي"، أمين عام "التيار الشعبي" عبر "فيسبوك"، بحل هيئة الانتخابات، متهما رئيسها (نبيل بفون) بأنه "أحد أذرع حركة النهضة".
أما القيادي في حركة الشعب "عبدالرزاق عويدات"، فقد برر في تصريحات صحفية، حل الهيئة بـ"الحالة الاستثنائية التي تعيشها البلاد حاليا، وبالتالي لا وجود لطريقة أخرى لتعديل القانون الأساسي للهيئة إلا عبر الرئيس".
المصدر | الأناضول