- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
جامعات غزة تلجأ إلى القضاء لتحصيل الرسوم الدراسية
جامعات غزة تلجأ إلى القضاء لتحصيل الرسوم الدراسية
- 5 مارس 2023, 10:18:09 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تشكل الرسوم الجامعية معاناة كبيرة وأزمة عالقة لدى شريحة واسعة من الطلبة وذويهم، وتجبر هذه الأزمة الكثيرين من الطلبة على تأجيل الفصول الدراسية لحين تسديد ما عليهم من رسوم مستحقة، فيحرمون بذلك من الالتحاق بالدراسة وانتظام مسيرتهم التعليمية. ونتيجة لتفاقم حدة الأزمة أقدمت جامعات عدة في قطاع غزة على مقاضاة طلابها قانونياً، وإجبارهم على دفع الرسوم المالية المستحقة عليهم، والتي يماطل عدد كبير من الطلاب في تسديدها نتيجة الظروف المالية الصعبة التي يعاني منها أولياء الأمور. وتسبب تأخر تحصيل الجامعات للرسوم، بتراجع الأداء الأكاديمي والإداري، نتيجة عدم انتظام صرف رواتب الموظفين واقتطاع جزء كبير منها، ما دفع إلى توجه بعض أفراد الطواقم التدريسية للعمل في مؤسسات أخرى، إضافة إلى هجرة العديد من الكفاءات إلى خارج القطاع بحثاً عن فرص عمل أفضل.
وتعاني أشهر جامعات غزة منذ سنوات طويلة وأبرزها الجامعة الإسلامية التابعة لحماس وجامعة الأزهر التابعة لحركة فتح، من أوضاع مالية وصفت بالأسوأ على الإطلاق، بسبب تراجع الدعم المقدم لها، وتدني نسب تحصيل الرسوم المالية من عدد كبير من الطلاب، ونتيجة لتصاعد الأزمة داخل الجامعات وتأثر المسيرة التعليمية، اضطرت تلك الجامعات للجوء إلى القضاء لإجبار الطلاب على تسديد الرسوم المالية المتراكمة، في وقت يعيش فيه سكان غزة ظروفاً صعبة، وبالكاد يحصلون على المال الذي لا يكفيهم للأكل والمسكن والمستلزمات الأساسية.
وتعود بدايات الأزمة المالية للجامعات في غزة مع بدء الانقسام الفلسطيني عام 2007 واشتدت وتيرتها خلال السنوات الماضية، إذ أثرت سلباً على سير العملية التعليمية في الجامعات والمعاهد من جهة، وبتخفيض الرواتب للموظفين ومنع الطلبة من الدخول لقاعات الامتحانات أو حجز شهاداتهم من جهة أخرى، الأمر الذي بات يهدد عمل الجامعات وصار بعضها يواجه خطر الإغلاق.
وبدون سابق إنذار، تلقى عدد كبير من طلبة كليات بلاغات قضائية تطالبهم بدفع الرسوم أو التوجه إلى القضاء والسجن، وهذه الخطوة التي وصفت بالصادمة، هي الأولى التي يتم اتخاذها من قبل المؤسسات التعليمية الجامعية، فيما عبر الطلاب وأولياء أمورهم عن سخطهم من تجاوب القضاء مع الجامعات وتخوفهم من إقدام جهات التنفيذ على سجن الطلاب في حال عدم تسديد الرسوم المالية، ما سيزيد من معاناة الأهالي الذين سيجدون أنفسهم مضطرين لتوفير المستحقات.
على صعيد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، تعتبر قضية عدم تسديد الرسوم مشكلة خطيرة تفرعت عنها مشاكل كبيرة انعكست على الأكاديميين والإداريين، بعد أن خفضت رواتبهم إلى النصف، كما أنها تتسبب بمشاكل على أستاذة الجامعات الذين لم يتلقوا رواتب كاملة ما يعني أن المسيرة التعليمية معرضة للخطر.
شاكر العمري لديه إبنان في السنة الثالثة بجامعة الأزهر، يتخوف من إقدام الجامعة على مقاضاتهما والمتراكم عليهما مبلغ يقدر بـ 700 دينار أردني.
يقول لـ«القدس العربي»: تعتبر الخطوة التي اتجهت لها جامعات عدة في غزة باللجوء إلى القضاء لاسترداد المستحقات على الطلاب، صادمة وغير متوقعة وتفقد ثقتنا كأولياء أمور للطلبة بتلك الجامعات، مع معرفة الجامعات المعاناة التي تواجه الطلاب، وعدم إمكانية انتظامهم في تسديد الرسوم نتيجة الحياة الصعبة التي يعيشها سكان القطاع. وأشار إلى أن «الجامعة ومنذ أشهر تعمل ضمن سياسة تضييق الخناق على أبنائي وباقي الطلبة ممن تراكمت عليهم المستحقات، من خلال حرمانهم من العديد من الخدمات الإلكترونية، ومن الدخول لقاعات الامتحانات قبل تسديد نسبة من الرسوم المستحقة، وهذه الإجراءات تؤثر سلباً على أهالي الطلبة، الذين يجبرون وتحت الضغط لتوفير الرسوم».
وفي تعليقه على ذلك، يؤكد مسؤول لجنة الدفاع عن الخريجين الجامعيين سلامة أبو نعمة إن ما تقوم به جامعات قطاع غزة من التوجه إلى القضاء للحصول على المستحقات المتراكمة على الطلبة، أمر غير مقبول ويفقد ثقة المواطنين بالمؤسسات التعليمية الجامعية، خاصة مع عدم مراعاة الجامعات الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها السكان، وتراكم الخريجين بالآلاف سنوياً بدون إيجاد فرص عمل.
وأوضح في حديثه لـ«القدس العربي» أن هذه الخطوة تدفع بالكثير من الطلاب للعزوف عن الالتحاق بالجامعات، خوفاً من ملاحقتهم قضائياً في ظل أن أكثر من نصف الطلبة الذين يلتحقون بالمؤسسات التعليمية الجامعية، يتقاضون رسومهم ومصاريفهم الجامعية من أولياء الأمور، لانعدام فرص العمل أمامهم، وبالتالي تبقى حياة الطلاب مهددة خلال رحلة الدراسة، وخيار العزوف سيطغي على فكرة الالتحاق بمقاعد الدراسة، مطالباً وزارة التعليم العالي، بالبحث عن طرق أخرى لتسديد رسوم الطلاب، من خلال التواصل مع الدول المانحة والمؤسسات الخيرية الدولية العاملة في قطاع غزة، بدلاً من تكريس معاناة الطلاب وذويهم وتهديدهم بالسجن.
وتحاول العديد من المؤسسات الخيرية العاملة في غزة التخفيف من وطأة المعاناة التي تواجه الطلاب وخاصة الخريجين منهم، من خلال اطلاق مشاريع خاصة باستخراج شهادات الخريجين العالقة، حيث شكلت الخطوة طوق نجاة للخريجين الذين تمكنوا من الحصول على شهاداتهم الجامعية بعد تراكم مبالغ مالية كبيرة عليهم.
ويوجد في قطاع غزة قرابة 18 مؤسسة تعليم عالي، منها ثماني جامعات والبقية كليات متوسطة، وينتسب إلى هذه المؤسسات ما يقارب من 85 ألف طالب، وتقدر وزارة التعليم وجود أكثر من 40 مليون دولار كديون متراكمة على أكثر من نصف عدد المنتسبين.