- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
حسام الغمري يكتب : الحلم المصري .. متى يتحرك الشارع ( 1 )
حسام الغمري يكتب : الحلم المصري .. متى يتحرك الشارع ( 1 )
- 13 يونيو 2021, 7:37:14 م
- 2503
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
رغم سنوات التجريف والتخريب يشعر المواطن المصري في أعماقه ، أنه يحمل هوية دولة عظيمة الأهمية ، ليس فقط لكون أول أمبراطورية مدنية في التاريخ نبتت فوق تراب بلاده ، ومازالت آثارها تبهر العالم وتتحداه أن يكشف بعض أسرارها ، ولكن لأن عاصمته القاهرة كانت حتى عهود قريبة ، مركز الثقل السياسي والتجاري والعسكري في العالم القديم ، تنطلق منها الجيوش الظاهرة لإخضاع المعتدين ، ورد كيد الجائرين ، تحفظ للحضارة الإنسانية رونقها ضد الهمجية والوحشية والبربرية ، لا سيما في عهد الدولتين الأيوبية والمملوكية .
كما يدرك المواطن المصري أن الأطماع الإستعمارية سعت لتحجيم الدور القيادي لبلاده الذي تحقق لها بسبب عبقرية المكان وتفرد الإنسان ، بحيل مختلفة ، تارة بالإحتلال المباشر ، وتارة أخرى بدعم الدكتاتوريات الفاشية ، التي دعمت مخططات الإستعمار بفصل أجزاء حساسة واستراتيجية من أراضي مصر التاريخية ، فضلا عن تقليص نفوذها ، وبتر قوتها الناعمة التي لطالما امتلكت اليد العليا في صياغة فضائها المجاور .
كما يعلم المصريون جميعهم ، أن الأجداد لطالما ناضلوا من أجل حكم دستوري رشيد ، يتلمس جوهر فكرة الشورى ، وينطلق مع آفاق النظم الديمقراطية الحديثة ، وما كاد المصريون ينجحون في تحقيق ذلك الحلم كما حدث في أعوام 1879 م و 1882 م و1923 م و 2012 م ، حتى تتدخل القوى الإستعمارية سواء بالإحتلال المباشر أو بدعم انقلابات عسكرية يكون أول أهدافها وأد الحلم الدستوري ، إنتهاءً بمؤسسات ديكورية لا عمل لها سوى التسبيح بحمد الفرعون .
كما يعلم المصريون أن ثورة يناير كانت إحدى المحاولات الشعبية المتكررة ، لنفض غبار المستعمر وفكرته التي سكنت القصور ، وتحكمت في النيل العظيم ، وحكمت على سيناء بالهجر والنكران ، وفرضت على الشعب سلطان القهر والقمع والفقر ، يئن وهو يتابع بلاده في حالة تراجع مستمر في كل مناحي الحياة ، من تعليم وصحة وبحث علمي ، وصناعة و زراعة وتكنولوجيا وثقافة ، ويقين المصريين أن تلك الجولة الثورية لا شك سيعقبها جولة أخرى ، درست أوجه القصور السابقة ، ومنها عدم وجود حلما مصريا شاملا يستطيع إعادة رسم وتشكيل وجه الحياة في ربوع مصر المحروسة بما يتناسب مع طموحات المصريين وتضحياتهم .
ولقد تكررت الدعوات التي توجه المصريين إلى النزول للشارع لاستعادة ثورة يناير في الأعوام القليلة الماضية ، و اختلفت الاسماء ولكن النتيجة واحدة ، من انتفاضة الشباب المسلم لثورة الغلابة وثورة الجلابية وانتهاء بثورة النيل ، بعضها أو كلها صناعة أمنية لتخفيف الضغط على النظام بنفس فكرة إناء البخار ، ولكن الثابت أن الشعب رفض كل هذه الدعوات وأحجم عن النزول ، لأنه بوعيه أدرك عدم جدوى المخاطره بأمنه الشخصي في ظل عدم وجود رؤية لما هو بعد الثورة ، البعض أعلنها صراحة قائلا : وماذا بعد النزول ، هل نكرر مأساة يناير ونقدم التضحيات ونفاجأ بأن هناك كالعادة من يمتطي الثورة ويوجهها حيث يظل وجه الحياة على أرض مصر دون تغيير ، نقدم التضحيات حتى يتلقفنا دكتاتور آخر ، وقد فشلت المعارضة في تقديم مشروع متكامل ، أو حلم يلتف حوله المصريون ، فاذا ما نجحت ثورته الجديدة قاموا بفرضه .
في سلسلة من المقالات المتتالية أقدم جهدي المتواضع لوضع لبنه على طريق الحلم المصري ، في شكل الدولة الجديدة ، ومؤسساتها ، والعلاقات البينية بينها ، والنظام السياسي ، والاقتصاد والإعلام والمصريون في الخارج ، عسى أن تكون اسهاماتي المتواضعه حجرا يحرك الماء الراكد ، ويكون دعوة للعقول المصرية علها تستثار وتضيف وتعدل وتدرس وتنقح ، وتصيغ وتجدد وصولا الى مشروع يثور الشعب لجعله واقعا براقا على أرض مصر التي أكاد أسمعها تستنهض جميع ابنائها لإدراك اللحظة الفاصلة !!