- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
حسن مدبولي يكتب: الكفاءات المصرية
حسن مدبولي يكتب: الكفاءات المصرية
- 7 يونيو 2021, 2:02:29 م
- 1231
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
-الشركات العامة-
من يحاولون إهالة التراب على شركات قطاع الأعمال، يجعلون مبررهم الأساسى أن تلك الشركات تخسر، فإن كانت الشركات تحقق أرباحا قيل أن تلك الأرباح لم يتم تحقيقها من عائد الإستثمار للنشاط الرئيسى للشركة أو أنها تقل عن المعدلات العالمية ،أو لا تتناسب مع حجم رؤوس الأموال المستثمرة،فإن كان معدل النمو السنوى كبيرا وحقق قفزات عالية متتالية قيل وما هى قيمة مساهمة ذلك النشاط فى الناتج القومى الإجمالى؟ ثم يتم الغمز واللمز فى قدرة الكفاءات التى تقوم على إدارة تلك الشركات،وأن نظرائهم ممن يعملون بالخارج هم الأفضل والأعلى قدرة على القيادة والتطوير،وأن المقارنة مع نتائج الشركات المشابهة فى البلدان المتقدمة يثبت تدنى الآداء فى الداخل ؟
وفى النهاية يكون الدافع الأساسى لكل تلك الترهات هو التخلص من الشركات العامة لإنه هو الحل الأمثل للتطوير،وبإعتبار أن مثل هذا القرار هو حق للملاك، رغم أن أصل الملكية يعود فقط إلى الشعوب التى هى المالك الحقيقى،وان أى تصرف فى تلك الملكية بالبيع أو بالتصفية أو حتى بالمشاركة لا يتم إلا بناءا على تفويض شعبى فى إطار برنامج سياسى إقتصادى شفاف معلن بشجاعة،،
إن قياس الآداء الإدارى والمعدلات الإقتصادية أمر إيجابى طبعا، لكن لكى تكون المقارنات مع الخارج صحيحة وشفافة ومحايدة وحسنة النية لا بد من الأخذ بالإعتبار الوضع المحلى،
والظروف والملابسات والاحداث بل والكوارث التى تعرضت لها المؤسسات الوطنيةالمراد تقييمها والأعباءالتى تحملتها مثل التكلفة الإجتماعية المتمثلة فى إعالة آلاف الأسر التى تعتمد فى حياتها على تلك الشركات،
ولو أخذنا شركة مصر للتأمين كمثال لبعض الشركات العامة المشار إليها،سنجد أن تلك الشركة قد عانت الأمرين وواجه العاملون بها أهوال ومتغيرات لو واجهتها أى شركة أمريكية أو أوروبية لإنهارت على الفور، فالمتاعب بدأت منذ عصر الإنفتاح فى منتصف السبعينيات وما تلاه من السماح فجأة للشركات الخاصة بالإستثمار فى مجال التأمين بدون ضوابط عددية رغم محدودية السوق،
وكذلك مساهمة بعض تلك الشركات الخاصة فى إنهيار الأسعار والقواعد الفنية للإكتتاب،رغم ما تم زعمه من أن دور تلك الشركات سيكون تطويريا
إيجابيا وسيساهم فى خلق تغطيات تأمينية جديدة و سيجذب شرائح جديدة إلى سوق التأمين بمصر؟
لكن إستمرت حقبة تغلغل الشركات الخاصة المصرية والأجنبية ومنافستها للشركات العامة (بكافة الوسائل) مع تشديد الرقابة والقيود على الشركات العامة الملتزمة بطبيعتها، ثم دخلت تلك الشركات الخاصة إلى فروع تامين ليس بها منافسة مثل فرع تأمين السيارات الإجبارى بعد أن بدأ التمهيد لتعديل القوانين المنظمة له، وأصبح نشاطا مربحا بعد أن كانت تلك الشركات تهرب من العمل به وقت أن كانت وحدها شركة مصر للتأمين هى التى تتحمل النسبة العظمى من أعباء ذلك الفرع وتعويضاته الضخمة؟
وفى خضم تلك التطورات وبالتحديد عام 2008 تم إتخاذ قرار قسرى بدمج شركتين للتأمين المباشر وإعادة التأمين فى شركة مصر للتأمين مع نقل كافة العمالة التى كانت تعمل بتلك الشركات إلى مصر للتأمين وكذلك تحميلها بكافة الإلتزامات الناتجة عن عملية الدمج المشار إليها علما بأن أحد المسئولين عن قطاع التأمين فى ذلك الوقت برر ذلك الدمج بإنه كان حلا مصيريا لأن الشركات التى تم دمجها فى شركة مصر للتأمين كانت شركات خاسرة وكادت تتعرض للإفلاس؟
وبعد عملية الدمج تلك وإستيعاب أبعادها السلبية وتخطيها،فوجئت الشركة بقرار آخر عام 2010 يسمى بقرار فصل الأنشطة،وهو قرار بموجبه تم إجراء قسرى آخر تم بموجبه نقل نشاط فرع تأمينات الحياة - والذى كان مربحا- إلى شركة أخرى ،مع تحميل مصر للتأمين بمحفظة التأمينات العامة لشركة التأمين الأهلية التى كانت خاسرة وكارثية،وكذلك سحب ملكية العقارات التى هى جزء لا يتجزأ من ممتلكات وإستثمارات مصر للتأمين ؟
وما كادت مصر للتأمين أن تتعافى حتى وقعت أحداث ثورة 25 يناير وما تلاها من حوادث وسرقات وبعض أحداث الشغب والإضطرابات
التى واجهتها الشركة وإحتوت آثارها،لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد وإذا بأحد البنوك وبلا سابق إنذار وبدون رادع من أى جهة يسارع بالحجز على أرصدة مصر للتأمين بجميع فروع البنوك العاملة وبشكل عدائى معلن ومنشور بكافة وسائل الإعلام عام 2016؟
ثم ما وقع من تعديلات فى فرع تأمين السيارات الإجبارى بالسوق المصرى وتجاهل ريادة مصر للتأمين وإنكار للدور العظيم الذى قامت به لحماية المصريين وقت هروب كافة الشركات الأخرى من وحدات المرور وتحويله لجهات بعينها بعد أن تحول إلى فرع مربح ؟؟
لكن مع كل تلك الأهوال والمؤامرات لم تنهار مصر للتأمين وإستمرت بفضل كفاءة قواعدها التحتية التى إستمدت خبراتها على مر السنين ، وتجاوزت الشركة كافة الأزمات بنحاح وبدون الحاجة إلى إستيراد أية أدوات أو برامج خارجية لا علاقة لها بالواقع المحلى، ورغم ذلك إستمرت غلبة الرؤية التى ترى فى إستبعاد الخبرات والكفاءات فضيلة وعبقرية ؟ إن مصر وطننا كانت دوما هى المصدر الأهم والمنبع الرئيسى الذى يصدر الكفاءات ويعلم الآخرين وينشئ لهم المستقبل من العدم، فمن المستغرب والعجيب أن يحدث العكس ويصبح خريجى الخليج هم الأساتذة والقادة ؟