حمدي عبدالعزيز يكتب : سينما مرهقة

profile
حمدي عبد العزيز سياسي مصري
  • clock 22 يونيو 2021, 2:55:38 ص
  • eye 1073
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

المخرج النمساوي مايكل هنيكي ، والمخرج الأمريكي جيم جراموش كلاهما يقدم سينما بلغته الخاصة 

وإن كان يمكن الحديث عن مجمل أعمالهما السينمائية علي أعتبار أنهما يقدمان سينما مغايرة تماماً لسينما هوليود  .. 

ليس فقط من حيث الإنتاج وإنما من حيث الجوانب الفنية والموضوعية  .. لدرجة أننا نستطيع أن نعتبرها سينما نقيض هوليود ..

هانيكي في أفلامه ينزع عن المجتمع الأوربي جلده ويكشف عوراته وتشوهاته 

ويقدم الأمريكي جيم جراموش نقداً مريراً للإستعمار الأوربي وفي أعمال أخري يعري مظاهر التهميش الإجتماعي والتمييز العنصري في المجتمع الأمريكي  ..

مايجمع المخرجين العظيمين هانيكي وجراموش أنهما يقدمان سينما تخلو تماماً من عناصر التسلية ولاتعبأ بأي حسابات تجارية .. 

بالقطع هناك مخرجون في انحاء العالم يقدمون سينما مستقلة عن هوليود ، ولكن تجارب كل من هانيكي وجراموش تظل متفردة وتقف بتجرؤ علي أبعد مسافة من هوليود وعلي نقيضها تماماً  .. بل  كبديل مقترح بجدية وحدة وعدائية شديدة في مواجهتها ..

هانيكي وجراموش يقدمان سينما لاتجعل المشاهد يسترخي أمامها ، أو يجلس مستريحاً ليتابع قصة درامية مشوقة .

المشاهد لسينما هانيكي أو جراموش يتحمل وحده مسئولية قراءة الفيلم بدرجة قد تحوله من مشاهد إلي شريك في إعادة ترتيب أفكار الفيلم عبر تدفق المشاهد السينمائية التي لايمكن أن يكون لها أي سياق توقعي 

هما لايقدمان للمشاهد حلولاً أو تفسيراً للعالم بقدر مايدخلانه في عملية تدرب علي طرح الأسئلة ، وعلي ارتداء بصيرة حادة حذرة ومنتبهة لكل لقطة سينمائية ، ولكل جملة أو إيماءة من أحد أبطال أفلامهما (هم لايقدمان أبطالاً بقدر مايقدمان عناصر وكائنات وأمكنة وأزمنة تتفاعل)   ..

وبالرغم من ذلك كل منهما له لغته السينمائية الخاصة والمختلفة عن أحدهما الآخر  .. 

جراموش يبدو في أفلامه حزيناً وساخراً ، وحاداً ،  لدرجة تفجير الكوميديا من قلب الأوجاع ، ولكنه شديد العداء للتفاهة ، لدرجة أن أفلامه هي محاولة بلاهوادة إعادة لترتيب وبناء الواقع علي أسس أكثر جديةً وعمقاً ممايحتمله السطح المهترئ لهذا العالم ..

بينما هانيكي يمتلك لغة سينمائية تشبه السياط الملهبة للضمير ، والمعذبة للوجدان في منتهي الحدة الكاشفة ، وفي منتهي القسوة والصدمة أيضاً  ..

التعليقات (0)