تكبير الخط تصغير الخط

عندما تسربت أنباء عن امكانية اقالة المدرب الشاب يوليان ناغلزمان من تدريب بايرن ميونيخ، تردد كثيرون في تصديق الخبر، بل اعتبره البعض أنه مقدمة لبعض الأخبار الزائفة ضمن رزمة أخبار «كذبة أبريل» التي عادت ما تكون صاعقة وغريبة ولا تصدق.
صحيح ان البايرن ليس في أفضل أحواله هذا الموسم، خصوصاً منذ استئناف المنافسات عقب نهاية مونديال قطر 2022، لكن لن يصل الامر الى حد التخلي عن مدرب شاب موهوب قرر النادي البافاري دفع 25 مليون يورو لناديه السابق لايبزيغ في صيف 2021 للتخلي عن خدماته، بل الآن سيتعين عليه دفع نحو 15 مليوناً أخرى لفك الارتباط معه، لكن ما الذي استدعى البايرن الى أخذ هذا القرار المكلف؟
رغم سلاسة سير الاحداث بعد التسريبات، حيث وصل ناغلزمان بعد ظهر يوم الجمعة الماضي مع مستشاريه الى مقر النادي البافاري حيث قضى ساعة ودقيقة واحدة من الوقت، قبل أن يعلن البايرن بعدها عن قراره. ورغم التبريرات الرسمية بتبريرات ديبلوماسية وكلمات شكر عبر المدير الرياضي حسن صالح حميدجيتش والمدير التنفيذي أوليفر كان، الا أن الرجلين تحدثا عن تراجع التطور في الفريق، رغم انه ما زال قريباً من قمة البوندسليغا بفارق نقطة عن المتصدر بوروسيا دورتموند الذي يلتقيه مباشرة عقب فترة التوقف الدولي، وأيضاً نجح ناغلزمان في أخذ الفريق الى دور الثمانية لدوري أبطال اوروبا عقب التخلص من أحد أبرز المرشحين للقب باريس سان جيرمان في الدور السابق وتحقيق انتصارين سهلين على العملاق الكتالوني برشلونة، مع الاحتفاظ على نظافة شباك الفريق في 7 من مبارياته الـ8 في المسابقة، بالاضافة الى عدم تعرضه سوى لثلاث هزائم فقط هذا الموسم، مع جمع ما معدله 2.19 نقطة في كل مباراة منذ تعيينه قبل 19 شهراً بات بها رابع أنجح مدرب في تاريخ البايرن في الدوري الألماني، ومع ذلك رأت ادارة البايرن الجانب السلبي من النتائج حيث حصد 52 نقطة فقط في 25 مباراة ليحتل المركز الثاني متأخرا بفارق نقطة خلف دورتموند، وللمرة الاولى منذ موسم 2011-2012، عندما أفلت آخر مرة لقب الدوري من البايرن لصالح دورتموند، لا يجد البافاري نفسه في الصدارة قبل تسع مراحل من نهاية الموسم، بعدما تنازل عنها لغريمه الذي لم يذق طعم الخسارة منذ مطلع 2023 (9 انتصارات مقابل تعادل)، رغم ان رئيس البايرن هيربرت هاينر أثنى الأسبوع الماضي على ناغلزمان عندما قال لصحيفة «كيكر»: «أجد أن يوليان متقدم فنيا. هو مدرب رائع أظهر أمام باريس سان جيرمان تفوقه التكتيكي والاستراتيجي على أعلى مستوى أوروبي». وبعد 5 أيام من الكلمات الشهيرة للرئيس، أخذت إدارة النادي قرار الاقالة.
هناك أكثر من عامل وسبب تجمع لدى الادارة لتقول كفى، أبرزها العامل التكتيكي الذي تبدى هذا الموسم باصرار ناغلزمان على الابتعاد عن الخطة الناجحة والقائمة بالاعتماد على جناحين سريعين أصبحت علامة تجارية للبايرن منذ حقبة المدرب الهولندي لويس فان خال في 2010، حيث أصر المدرب الشاب على الاعتماد على صنع اللعب والاختراقات من وسط الملعب رغم رحيل هدافه ورأس حربته روبرت ليفاندوسكي بدون تعويضه، فعانى الاجنحة الطبيعيون أمثال غنابري وساني والنجم الجديد ساديو ماني. كما تدهورت العلاقة بين ناغلزمان وقائده مانويل نوير منذ إصابة الحارس المخضرم بكسر في الجزء السفلي من ركبته أبعدته حتى نهاية الموسم، حيث استغل ناغلزمان غياب نوير لطرد مدرب حراس المرمى منذ صيف 2011 توني تابالوفيتش المقرّب جدا من نوير في كانون الثاني/يناير، رغم محاولته ذلك منذ تعيينه مدرباً في صيف 2021، ما قاد الى غضب عارم عند قائد المنتخب الألماني.
وخلال مؤتمره الصحافي التقليدي قبل المباراة في ليفركوزن الأسبوع الماضي، أبدى ناغلزمان انزعاجه من وجود «جاسوس» في فريقه، بعد تسرب خطط المباراة في صحيفة «سبورت بيلد» الأسبوعية، رغم ان هذه الاتهامات وجهت اليه، كون ناغلزمان ترك زوجته وارتبط مؤخراً بمراسلة لهذه الصحيفة، ما أثار انزعاج اللاعبين وتوجسهم من تسرب أخبارهم الخاصة الى العلن، والأنكى أن حتى خلال الفترة السيئة التي يمر بها البايرن من نتائج سلبية عقب المونديال باهداره 12 نقطة في 10 مباريات، الا انه تم استدعاؤه الى الاجتماع العاجل لاقالته من اجازة تزلج خاصة كان يمضيها مع صديقته المراسلة، بدل الاهتمام بشؤون الفريق، عدا عن شكاوى اللاعبين المستمرة من صراخه الدائم خلال المباريات والذي لا يعدو انه تمثيل ولا يخدم اللاعبين في تسيير المباريات بحسب بعضهم.
خليفة ناغلزمان مدرب تشلسي السابق توماس توخيل، ليس غريباُ عن هذه الاجواء وهذه الظروف، بل هو قريب جداً من شخصية سلفه، لكنه أكثر حنكة وخبرة وتجربة، خصوصاً في دوري الأبطال الذي توج به مع «البلوز» قبل موسمين، وهذا كل ما تريده ادارة البايرن.