د.دلال صائب عريقات تكتب: اليونسكو وفلسطين والتراث العالمي

profile
د. دلال صائب عريقات أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي
  • clock 17 سبتمبر 2023, 1:23:43 م
  • eye 267
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

انضمّت دولة فلسطين رسميًا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، "اليونسكو" في ٣١-١٠-٢٠١١. واليونسكو هي أول منظمة تابعة للأمم المتحدة يسعى الفلسطينيون للحصول على عضوية كاملة فيها بعد أن تقدمت فلسطين بطلب الحصول على عضوية كاملة في مجلس الأمن- الأمم المتحدة في ٢٣-٩-٢٠١١.

 

للحصول على العضوية الكاملة في منظمة "اليونسكو"، جرى التصويت في مقر المنظمة في العاصمة الفرنسية باريس، في دورتها السادسة والثلاثين، التي شاركت بها 173 دولة من أصل 194 دولة تتمتع بعضوية هذه المنظمة، وصوت لصالح انضمام فلسطين 107 أعضاء، فيما عارض 14 عضواً، وامتنع عن التصويت 52 عضواً، بينهم الولايات المتحدة وإسرائيل. منذ ذلك الوقت, حققت فلسطين العديد من الانجازات داخل أروقة اليونسكو وسجلت ثلاثة مواقع على قائمة التراث العالمي وجاءت تتابعا كما يلي:

- في بيت لحم -مكان ولادة السيد المسيح: كنيسة المهد ومسار الحجاج في عام 2012،

- في بتير- أرض العنب والزيتون والمشهد الثقافي لجنوب القدس في عام 2014،

- في الخليل- موقع المدينة القديمة عام 2017 .

والان في أيلول 2023 ستحتفي فلسطين بالإنجاز الرابع منذ الانضمام للمنظمة بتسجيل موقع تل السلطان الأثري في أريحا القديمة بعد ان استوفت معايير الاختيار لتسجيل الموقع، ويتم التصويت خلال انعقاد لجنة التراث العالمي في دورتها الـ ٤٥ في الرياض- السعودية.

 

اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972 نصت أن لبعض مواقع العالم "قيمة عالمية استثنائية" ويجب أن تشكل جزءاً من التراث المشترك للبشرية. وانضمت إلى هذه الاتفاقية المعروفة عموماً باسم "اتفاقية التراث العالمي" اكثر من 190 عضوا، شكلت مجتمعا دوليا توحد في إطار مهمة مشتركة تتمثل في تحديد أهم مواقع التراث الطبيعي والثقافي في العالم وصونها. وتشدد الاتفاقية على دور المجتمعات المحلية كأداة فعالة لمعالجة مسائل تغير المناخ، والتوسع العمراني السريع، والسياحة الجماهيرية، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، والكوارث الطبيعية، وغير ذلك من التحديات المعاصرة التي قد تؤذي المواقع الاثرية.

 

انضمت إسرائيل لليونسكو عام 1949 وقامت المنظمة بطردها عام 1974 إثر قيامها بحفريات في منطقة الحرم الشريف، الا انها استعادت عضويتها وحققت مكاسب عدة وقامت بتسجيل 9 مواقع في لائحة التراث منها مقبرة بيت شعاريم الكبيرة وهي مقام مهم لحركة التجدد اليهودي عام 2015، والأماكن البهائية المقدسة في حيفا والجليل عام 2008 والتلال التوراتية في مجيدو وبئر السبع عام 2005 وطريق البخور في صحراء النقب عام 2005 ومدينة تل ابيب البيضاء عام 2003 ومدينة عكا القديمة ومسعدة عام 2001 حتى انسحبت إسرائيل رسميا من المنظمة في ١٧-١٠-٢٠١٨ ودخل انسحابها حيز التنفيذ بداية عام 2019 ، وهذا جاء احتجاجا على ما سمته انحياز اليونسكو للفلسطينيين بعد تبني عدة قرارات تخص القدس والأراضي الفلسطينية. بالرغم من وقف عضويتها رسميا في اليونسكو، الا ان اسرائيل ما زالت متمثلة في لجنة التراث حفاظا على المناطق المسجلة باسمها. أوقفت أمريكا في عهد ترامب عضويتها ودعمها لليونسكو ولكنها عادت مع فوز بايدن والديمقراطيين.

 

لم تنجح فلسطين عام 2011 بالحصول على العضوية الكاملة من مجلس الامن الا انها حصلت من الجمعية العامة عام 2012 بأغلبية التصويت تحت بند الاتحاد من اجل السلام لتصبح "دولة" مراقب غير عضو بقرار 67/19 ، بعد ان كانت منظمة التحرير تتمتع بصفة "كيان" مراقب منذ 1974 كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني, وبناء عليه حصلت فلسطين على امتياز الانضمام للمعاهدات والاتفاقيات والمنظمات الدولية, بحسب قاعدة بيانات الأمم المتحدة، فإن هناك ما يزيد عن 560 معاهدة متعددة الأطراف دوليًا, فلسطين انضمت لحوالي 70 منها. استطاعت دولة فلسطين تحقيق هذه الإنجازات برؤية وبقيادة اللجنة التنفيذية لـ "م.ت.ف" في ذلك الوقت ممثلة بـالدكتور صائب عريقات الذي ترأس اللجنة الوطنية العليا الخاصة بانضمام فلسطين للاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وهو الذي تبنى وقاد استراتيجية التدويل لتثبيت مكانة فلسطين على خارطة الجغرافيا, فكان يستعين بمستشارين قانونيين دوليين مختصين بالتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص داخليا، متمثلة بالوزارة المختصة- في حالة التراث وزارة السياحة- وبالتعاون مع الممثل الرسمي لمنظمة التحرير في كل من هذه المنظمات الدولية، وتابع العمل لضمان تسجيل عضويتها وتمثيلها الكامل وتحقيق المكاسب الدبلوماسية الأممية إيمانا بأهمية تثبيت الحقوق والتوثيق لحفظ مكانة فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في كل أروقة القانون الدولي والقرارات الأممية للتصدي لمحاولات الاحتلال في سلب الهوية والتراث وتحريف الرواية الفلسطينية.

 

ضروري ان تعيد منظمة التحرير تفعيل الجهود بالتنسيق الكامل بين كل الاطراف لتسجيل مواقع اثرية اخرى في فلسطين لضمان حماية التراث الثقافي والطبيعي والمواقع الأثرية الفلسطينية المهددة من عوامل الزمن الطبيعية والبشرية ومن محاولات الاحتلال التدميرية او التهويدية. يجب الا نكتفي بتسجيل هذه المواقع، بل ان نعمل على حمايتها والترويج لها وتحويلها بعناية لمواقع جذب سياحي لتسهم في مسيرة الترويج الأممي الذي يصب في دعم الاقتصاد الفلسطيني وحضور فلسطين الدولي.

 

- دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي, كلية الدراسات العليا, الجامعة العربية الأمريكية.


 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)