د.يحيى القزاز يكتب : تأثير إيران و اوسلو على المقاومة الفلسطينية

profile
د. يحيى القزاز استاذ جامعي.. سياسي مصري
  • clock 18 يونيو 2021, 7:31:00 م
  • eye 3432
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

نشر الكاتب والمفكر  العروبى الكبير الأستاذ محمد عبدالحكم دياب مقالا فى صحيفة القدس العربى اللندنية   في 12 حزيران /يونيو عن المعادلة الصعبة في جمع الفصائل الفلسطينية بداية أتفق مع رؤيته بلا جدال و خاصة ما ختم به مقاله من أن تأجيل اجتماع الفصائل الفلسطينية في القاهرة قد يكون سببه علاقات المشير السيسي بالدوائر الأمريكية والصهيونية

وبرغم اتفاقي الكامل فى رؤاه، إلا أن هواجس بدأت تحوم بين خلايا عقلي فتؤرق ليلي وتقض مضجعي  فقررت أن أبوح بها من باب دردشة أخوية معه عبر البريد الالكترونى. ولامانع من نشرها. وهواجسى له  بعض الحيثيات قد يعضد ما أقول، وهذا البعض لا يعني الحقيقة، وإنما يدعوني للدردشة معه للتوصل للحقيقة، حسب ما نراه وما يتاح لنا من معلومات، وأيضا حسب خبرتنا التاريخية زاد حجمها أو قل

وأبدأ من مقاله وماذكره عن تمسك محمود عباس (أبو مازن) بالمقاومة السلمية وحماس وأنصارها بالمقاومة المسلحة للتحرير وواضح ان الأول حسب شرعية أوسلو التي أفرغت القضية الفلسطينية وجردتها من كل شيء سوى سلطة يجلس على رأسها مستسلم، وها هو محمود عباس يعلن تمسكه بالمقاومة السلمية لشعب مشرد أمام عصابات صهيونية تقتل بآلتها العسكرية كل يوم على الأقل ما لا يقل عن أصابع اليد الواحدة، وتقتطع يوميا بالاستيطان ما لا يقل عن دونم، هذا غير ما يحدث أثناء شن الغارات. وهذه نقطة مهما يبدو من اتفاق المنظمات المقاومة على تحرير فلسطين، فلن تسلم بها قيادات جاءت وتجيء على رأس منظمة التحرير بشرعية أوسلو الاستسلامية. وتلك عقبة أولى إن تم تجاوزها في مناقشات الغرف المغلقة في القاهرة أو غيره، تطل برأسها عند الخروج، فيتمسك كل طرف بشرعيته التي جاءت به.. شرعية أوسلو وشرعية المقاومة المسلحة لحماس وأنصارها. نقطة تبدو سهلة لكن في ظل الخنوع العربي أراها صعبة، وطلقة غدر في ظهر المقاومة المسلحة. وإعطاء الأمان وكشف أوراق المقاومة المسلحة أمام قيادات منظمة التحرير الحالية، هو منحهم رصاصة يطلقونها على ظهورهم. منظمة تتمسك بمقاومة سلمية (اضربني بالنار أقول لك عيب الله يسامحك خلينا حبايب.. منطق العاجزين) ومقاومة تعبير عن نبض الشارع الفلسطيني تتمسك بالمقاومة المسلحة (العين بالعين) في مواجهة العصابات الصهيونية لتحرير كل التراب الفلسطيني، فكيف يلتقي المستسلم مع القابض على جمر تراب وطنه في المعبد؟! هذه استحالة ما لم يتم تحرير منظمة التحرير من أيدي شيوخ وربائب أوسلو وعودتها لعقيدتها الأولى الكفاح المسلح، وأن يكون تحرير فلسطين بالمقاومة المسلحة هو القاسم المشترك لكل الفصائل، ولا شرعية تعلو شرعية الكفاح المسلح

من هنا يمكن القول إن تحرير فلسطين يبدأ بتحرير كل الفصائل من وهم الفوقية والدونية والضعف وأوسلو الانهزامية الاستسلامية، ورفض التطبيع وإنكار المطبعين العرب المتصهينين، ورفض العهر السياسي بإعلاء المقاومة المسلحة الفلسطينية في وجه ترسانة عسكرية كل يوم تقتل وتبيد فلسطينيين وتغتصب أرضا. وجود منطقين متناقضين للمقاومة هو قنبلة مؤجلة. تحرير منظمة التحرير من شرعية أوسلو والتخلي عن بدعة المقاومة السلمية في مواجهة عدو يقتل الأطفال والنساء والشيوخ والعزل والشباب المقاوم. هذا أولا

ثانيا، أخشى أن تختزل فلسطين في قطاع غزة، لما أبلاه القطاع من مقاومة مسلحة ضد الاحتلال الصهيوني أكد فيها انتصار الإرادة وقوة العزيمة وهو ما لا علاقة له بتكافؤ القوى وتكبد الخسائر. وايضا حقق انتصارا عظيما على الصهاينة مآلهم جحورهم كالجرذان ساعة الخطر، والانتصارات لا تعني تحقيق كل ما تريد مرة واحدة، وإنما أن تضع قدمك على الطريق الصحيح في المواجهة وتعرف كيف تصيب هدفا وتوجع عدوك. وبمقارنة القوى نجد أن المقاومة الفلسطينية المسلحة في غزة حققت نصرا عسكريا على العصابات الصهيونية بلا جدال. فالتركيز على غزة من دون نسبها لفلسطين دوما (المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وهي معروفة حماس والجهاد..)، يعلى من شان غزة على حساب فلسطين، وتصير القضية قضية غزة لا فلسطين. وفى ظل الانقسام قد اقول قد يرضى الغريمان بعد صراع وعدم اتفاق بقسمة ضيزى بسلطة فلسطينة هى مخبر للصهاينة على المقاومين وقطاع غزة. 

طرف مقاوم يسجل انتصارا فى غزة، وطرف فى حضن الصهيوامريكية على شرعية اوسلو يبحث عن سلطة يدارى بها عوراته وخيباته

ثالثا، الأمريكيون والصهاينة يختلفان عن العرب بناء على الفارق العلمي والمعرفي، قيادات العدو جاءت بالمعاناة والديمقراطية وتعرف معنى الوطن وتحافظ عليه وهي تعرف أنه احتلال وليس وطنهم، وقيادات عربية جاء بها الاستعمار وما زالت تعترف بفضل الاستعمار عليها وتظل عميلة له، وقيادات أخرى جاءت بمساندة شعب يحقق آماله ويرفع راية العروبة والتحرير يحاربونه حتى يتخلصوا منه. الأمريكيون والصهاينة يخططون قبل الإقدام على الفعل بزمن، يدرسونه جيدا ويعملون على تنفيذه باختراق المحيط العربي من خلال عملائهم والخونة.. والتاريخ مليء بهذا. لذلك موضوع عزل غزة بلا احتلال أرضي مع احتلال فضائي مقصود، وضرب غزة حتى لا تفيق مقصود. مقصود أن تبقى غزة بديلا عن فلسطين مؤقتا، وبعدها استكمال المشروع العنصري الصهيوني

رابعا، تخوف قيادات منظمة أوسلو (منظمة التحرير الفلسطينية سابقا) من استغلال حماس لما حققته من نصر لوضع قدمها وفرض أجندتها. وهو تخوف في محله لكنه غير مشروع للانهزاميين فهم طلقات مؤجلة في ظهر المقاومة المسلحة يجب نزعهم وابعادهم

خامسا، قد تصاب حماس بالغرور، وهذا حق المحروم من الانتصار دوما، لكنه ليس من حق المناضل المقاوم بالسلاح من يحمل روحه على كتفه فداء للوطن. وأرى في قيادة حماس الجديدة واقعية براغماتية لا تخل بثوابتها العقائدية وتعرف هدفها، ولو استطاعت أن توسع مجال رؤيتها ويتسع صدرها بصبر وحنكة وتعمل على تجميع كل الفصائل المؤمنة بالمقاومة المسلحة في جبهة واحدة كـ جبهة التحرير الجزائرية ويتفقون على اسم جديد وليكن على سبيل المثال جبهة تحرير فلسطين يكون التنسيق بين الفصائل والفعل باسم فلسطين لا باسم فصيل معين. وكل فصيل يجد نفسه في قاسم مشترك أدنى لكنه مهم وهو الأساس والحاكم، يساعدهم ويسهل مهمتهم عند التحرير في اختيار طريقهم وديمقراطيتهم

سادسا، وقد يكون معطوفا على خامسا في براغماتية حماس، وللأمانة أراها نقطة رائعة بغض النظر عن التخوفات من التأثيرات الجانبية للعلاج التي قد تحدث أو لا تحدث، وهو التعاون مع إيران والإشادة بدورها وفضلها في دعم المقاومة المسلحة الفلسطينية في قطاع غزة. وفيه خروج عن أيديولوجية جماعة الإخوان بتمييز السنة وشيطنة الشيعة (إيران)

لكل هدف ومصلحة

سابعا، في الحروب لا أحد يدعم أحدا لجمال وجهه وسواد عينيه، فلكل هدف ومصلحة. إيران دعمت المقاومة الفلسطينية المسلحة (وأنا هنا لا أنكر دور حماس وأقدره تماما وهي فعلت ما لم يفعله العرب أجمعين لكنني أريد ان تظل فلسطين دوما هي السيدة المعنونة والمذكورة.. هي الأم لحماس ومثيلاتها من فصائل المقاومة، وأيضا أن تكون المقاومة متاحة لكل فصيل فلسطيني بغض النظر عن دينه وإيديولوجيته، وحماس في هذه الحرب لقنت العدو الصهيوني درسا عظيما وجديدا عنوانه: قف.. كفاك توغلا ففي الأرض شب رجال صدقوا ما عاهدوا الله والشعب عليه ) وإيران لها مصلحة وهدف في دعم حماس للانتصار على إسرائيل، فإسرائيل هي شوكة في ظهر إيران بعد أن صارت صديقة للمطبعين العرب المتصهينين. وتعمل على ضرب إيران وإعاقة تقدمها التكنولوجي ولو ببطء

إيران تريد أن يكون لها موضع في القارة العربية بعد تمزقها، وهذا حقها ماذا تصنع حماس إذا ما عادت الجماعات الطائفية (الإسلام السياسي) من إخوان وسلفيين وعزفوا على نغمة السنة والشيعة، وتحويل التوافق المقاوم ضد الصهيونية إلى صراع ديني؛ سني وشيعي

إلى أي مدى تصمد الحركات السنية في مواجهة من احترفوا دق الأسافين وتفجير كل قاعدة تصلح للبناء؟ وإلى أي مدى تدعم إيران حركة حماس السنية في حالة تصالحها السياسي مع أمريكا وتحقيق مصالحها؟ وفي تصالح أمريكا مع إيران كف الأذى الإسرائيلي عنها، فإسرائيل هي بندقية أمريكا في المنطقة

السياسة تحكمها المصالح ولا علاقة لها بدين ولا منطق فدينها المصلحة ومنطقها تغيير الثياب ليتناسب مع المناسبات

أخيرا وليس آخرا أثبت العلم الحديث أن الحروب ليست بحاجة لمعدات ثقيلة ولا جيوش تغزو، بل تدار بالريموت كنترول ويتم الاستيلاء على الأوطان المقصود احتلالها بأبنائها وكلاء الاستعمار في بلادهم وبين ظهراني بني وطنهم. صار العلم أداة مهمة في الحروب، وأثبتت كورونا أنه بإمكان علماء البيولوجيا تخليق أو تحوير فيروسات تقتل. وصارت التقنيات متاحة، ويمكن لعلماء العرب في الخارج وفلسطين على وجه الخصوص المساعدة في دعم هذا النوع في فلسطين، وهو لا يحتاج لجهد جهيد، معامل وخبرة كما كان المقاومون يصنعون قنابل يدوية بمواد متفجرة بسيطة

وقبل الختام أتعجب كيف لزائدة (سنطة) في الوجه العربي تترك وتنمو ولا يتم اجتثاثها، وكيف لبرغوثة تترك في المرقد فتتكاثر وتطرد صاحب المرقد من مكانه؟! إنه الجهل أولا بما يصنعه البرغوث، والإهمال في تركه وفيه بلاهة وعدم تقدير للأمور، وقصر النظر وعدم إدراك معنى تكاثر البرغوث مستقبلا

هذا هو الفرق بين حكام عرب جهلة جاءت بهم الصدفة، ورثوا أوطانا ليسوا على قدرها ولا على قدر المحافظة على استقلالها ففرطوا فيها واحتموا بعدوهم وباعوا شعوبهم، وورثوا ثروات ليسوا على مستوى الأمانات ليحافظوا عليها وينموها، والأعداء ورثوا حلما باطلا عملوا على تحقيقه بكل قواهم، أهانوا غيرهم وقتلوهم واحتلوهم، واحترموا بني جلدتهم وكرموهم، ولما صاروا حكاما جلادين على غيرهم عملوا على تنمية الديمقراطية بينهم ليحكم أفضلهم الذي يختارونه، وهو بالطبع الأكثر دموية لغيرهم، ليعزز بقاءهم. إنها الديمقراطية في كيان الاحتلال الصهيوني مقابل الديكتاتورية في بلادنا العربية


#المقاومةهيالحل

التعليقات (0)