- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
سميح خلف يكتب: جدلية اقامة السلطة قبل او بعد التحرير (وقائع وتحليل)
سميح خلف يكتب: جدلية اقامة السلطة قبل او بعد التحرير (وقائع وتحليل)
- 4 مارس 2023, 7:36:14 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
جدلية فرضها البرنامج السياسي الفلسطيني منذ ان طرحت الجبهة الديمقراطية الحل المرحلي عام 1974 و من ثم النقاط العشر و تبناه المجلس الوطني وعملت عليه قيادة حركة فتح ، هناك بعد الخروج من الساحة الاردنية و بشكل مبكر طرح علينا الاتصال بالقوة التقدمية والشيوعية و الاشتراكية في المجتمع الاسرائيلي وازدادت حدة الهجوم على ثوابت الثورة الفلسطينية بعد عملية الفردان و استشهاد القادة الثلاث في 10 ابريل 1973 ، وجدت قيادة حركة فتح بعد ذلك قرار المجلس الوطني في عام 1976 طريقاواسعا لمد خيوط مع فئات كادرية و نخبوية في المجتمع الاسرائيلي ، لا اعتقد ان كل قيادة حركة فتح كانت متفقة على هذا السلوك و لكن من يمتلك المال و المخلاه كان له القرار علنا ام سرا و لدينا شواهد كثيرة على ذلك غير ملفقين او كاذبين ولكن ايضا من جانب الذكر والاستذكار حافظت حركة فتح على بنيتها الداخلية برغم ان هناك صراعات كبيرة في داخلها انجبت ايلول الاسود و فصائل وانشقاقات اخرى ، ولكن ماهو جدير بالذكر وبعد قرار التجييش في عام 1972 الذي طرحه ابو الزعيم ووافق عليه الرئيس عرفات ابتعدت التشكيلات الاطارية للقوات عن مكونات و اساسيات وثوابت العاصفة و ان قلنا تخلت يعني ان حركة فتح مضت الى الامام في التخلي عن نظامها الداخلي وادبياتها ايضا و بشكل مختصر جدا الحروب و الاجتياحات الاسرائيلية والعمليات في شمال فلسطين كانت مجرد عمليات تحريكية لسقف سياسي محدد وليست مواجهات بغرض حرب شعبية او كفاح مسلح بغرض التحرير اي عمليات تكتيكية فقط و استغلت عمليات القطاع الغربي الذي يقوده ابو جهاد فقط من قبل القيادة السياسية للمساومة السياسية والتجاوب مع الاطروحات السياسية الدولية والاقليمية ، فمنذ البدايات و منذ العام 74 ناضلت قيادات منظمة التحرير على الاعتراف بها و بقيادتها وتمثيلها للشعب الفلسطيني لتخوض مفاوضات سياسية ضمن برنامج سياسي الذي عبر عنه احد قادة فتح "نريد قطعة من الارض نحكمها لنتخلص من عذابات المطارات" بهذه السطحية كان افق القيادة السياسية وبهذه السذاجة ايضا التي تعطي مبررا للتنازل عن فلسطين و ان كان المعروض حاكورة او دكانة ليحكموها او يحكمو جزء من الشعب الفلسطيني وهو التخلي عن جذور المشكلة وهي قضية اللاجئين و 450 بلدة و مدينة وقرية احتلت ولحقها مدن وقرى اراضي 67 .
موضوع طويل لا نستطيع سرده في مقال ولكننا نذكر ان هناك من عمل في قيادة فتح على تهميش القوات و تعدادها وتجهيزها لحساب الاجهزة فهناك كان صراع داخلي في فتح وكل منهم كان يريد ان يحدث توازن بينه و بين غيره في القيادة من خلال الاجهزة وقوتها ، فحينما كان الامن الموحد شكلت قوات ال 17 و من ثم شكل الامن المركزي وتوسع البعض في الميليشيا على حساب القواعد المقاتلة .
كما قلت سابقا موضوع طويل وشائك ولكن باختصار شديد ايضا وضعت رؤوس اقلام و لكي نفهم طبيعة الثورة الشعبية التي اقتنعنا بها وانطلقت حركة فتح بها و لحقتها باقي فصائل من اليسار الفلسطيني ذات الايديلوجيا القومية والتي تحولت للشيوعية و منها ما نشاهده اليوم من فصائل هلامية ممثلة في منظمة التحرير نتجت عن احداث انشقاقات في فصائل كبرى فقط لاضعاف الحركة الوطنية ويعبر عن كل فصيل فيها باثنين من امناء السر او رؤساء المكاتب السياسية فيها احدها في دمشق والاخر في رام الله ، و كما وجب ان نذكر ان قيادة حركة فتح بدلا من ان تتعامل مع حركة وطنية لبنانية موحدة عملت على احداث انشقاقات فيها لاضعافها وتفريق موقفها كما حدث في الفصائل الفلسطينية و كما فعلت انظمة عربية حين شكلت فصائل تمثلها في داخل منظمة التحرير او خارجها.
نكتفي بهذا القدر الموجز وندخل في الموضوع ، حركة التحرر الوطني التي اعتمدت الثورة الشعبية و الكفاح المسلح و كما هو في علم الثورات التي نجحت في تحقيق اهدافها تمر في ثلاثة مراحل :
1- مرحلة العصابات والعمليات المتنقلة .
2- مرحلة التطهير المؤقت لمواقع العدو .
3- عملية تحرير جزء من الارض و اقامة جيش شعبي لحمايتها وتتفرغ القوات للثورة لتحرير اجزاء اخرى من الارض ، اي يقوم الجيش الشعبي وادارة ثورية بادارة الجزء المحرر.
لاحظة : قضية فلسطين بما ان هناك استعمار استيطاني اقصائي لسكان الارض الحقيقيين ، فكرة المفاوضات بأي شكل من الاشكال مع هذا الاحتلال العنصري الاحلالي لا يمكن ان تتم الا من خلال تنازل و تنازل مؤلم يفقدك الارض والسلطة و الدولة التي نريدها و هذا ما حدث فعلا ، وليس هناك في قاموس الثورات ان تخلت ثورة عن جزء من اراضيها فما بالكم ان قادة تلك الثورة تنازلوا عن 78% من اراضي فلسطين التاريخية و هذا ما ينفي فكرة الثورة وتطبيقاتها بعد سنوات قليلة من انطلاقتها .
السلطة ام التحرير اولا : -
من الملاحظ من خلال المقدمة السابقة ان قيادة منظمة التحرير و قيادة حركة فتح التي امتلكت القرار و سخرت اليسار الفلسطيني لحماية قراراتها هي نقطة ادانة ليس للقيادة اليمينية في حركة فتح بل لليسار الفلسطيني ايضا ، من الملاحظ ان تلك القيادة قفزت عن مستوجبات وضروريات و قوانين الثورة والحرب الشعبية التي ينادون باحتيال شديد الان على ممارسة احد طقوسها و هي المقاومة الشعبية و التي يطرح الرئيس الفلسطيني السلمية .
قفزت عن تلك الضروريات والمستوجبات بالحل المرحلي و النقاط العشر و تنازلت عن ميثاق منظمة التحرير و عن ادبيات فتح ايضا فلم تعد تلك الادبيات في قاموس اعداد الكادر الفتحاوي بل لقنت بمستوجبات الالتزام و الانضباط لقرارات القيادة حتى التقديس في حين ان المقدس هي فلسطين و الاليات التي ستحررها وليس للافراد مهما كانت صلاحياتهم و نفوذهم .
كيف يمكن ان تقام سلطة لثورة تخلت عن سلاحها و تعيش بأجهزتها الامنية والادارية تحت واقع الاحتلال ، ليس هناك منطق ثوري او وطني او عقلاني يمكن ان يعتقد بصحة خيار انشاء سلطة في ظل الاحتلال ، فالثورات تبني دولتها و سلطتها على ارض محررة ذات سيادة واذا كان هناك مستوجبات للتفاوض لا تنطبق كما قلت على الحالة الفلسطينية لان اي تفاوض يعني التنازل ومن هنا ياتي مقدار الجريمة الذي طرحت فيها منظمة التحرير خيار دولة على اراضي 1967 من خلال التفاوض ، وكما سموه القرارات الدولية ذات الصلة بالصراع ، في حين ان كوشنير وغرينبلات اعلنا اكثر من مرة ( يجب على الفلسطينيين ان لا ينتظروا حل من خلال الامم المتحدة ) وهنا يثبت هذا الموقف مقدار الرعونة السياسية وبشكل مبكر التي سلكتها منظمة التحرير اقصد قيادتها ، فلا دولة في ظل الاحتلال ولا سلطة في ظل الاحتلال بل خرجت منظمة التحرير عن السياق الوطني والعقلاني في طرحها مبكرا امكانية سلطة في ظل الاحتلال حتى ولو كانت لفترة انتقالية التي لم تلتزم بها اسرائيل ، هذا السلوك الذي فتح باب جهنم بمتغيرات اقليمية للتطبيع مع اسرائيل في تجاوز لبرنامج عقيم تنازلي اول من استخف به العرب وان عملوا على دعمه بحجة مبادرة عربية وخلافه فقط ليكون سلوك تلك القيادة هو المبرر للتجاوب مع متغيرات دولية واقليمية دعت اليها توازنات القوى في المنطقة بين ايران وتركيا واسرائيل في غياب فضاء عربي فاعل بعد احداث الربيع العربي عام 2011 .
وبالتالي الخيار الوحيد الان بتفعيل الثورة الشعبية من خلال مقاومة شعبية فاعلة لا تقودها تلك القيادة بعد فقدان رصيدها الشعبي والوطني تعيد النهر الى مجراه على المستوى الداخلي والاقليمي وقد يكون خيار الدولة الواحدة هو الخيار الانسب للخروج من كل الاطروحسات السابقة كحل الدولتين وصفقة القرن والضم والسلام مقابل الارض والان السلام مقابل السلام ..والله المستعان .