- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
سيد حمدي يكتب: “الناس في سجن ما لم يتمازحوا”.. كيف يهزم الإنسان الأحزان؟
سيد حمدي يكتب: “الناس في سجن ما لم يتمازحوا”.. كيف يهزم الإنسان الأحزان؟
- 10 سبتمبر 2023, 4:01:27 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قبل فترة نام أحد أصدقائي مكتئباً وحزيناً، فأصبح نصف وجهه مشلولاً، لولا لطف الله لدامَ هذا الشلل! ومؤخراً حصل الأمر نفسه مع رجل أعرفه، لكن الله لطف به، وتم استدراك الأمر.
لكن كثيراً من غير أصدقائي سمعت عنهم أنهم قضوا ما تبقى من أعمارهم مشلولين نتيجة الجلطات. رأيت سيدة تكاد تموت دون مبالغة على فقدانها قريباً لها، رغم مرور وقت طويل على وفاته.
هكذا الحزن إن تملَّك من القلب، يُفقد صاحبه الحماسة، مهما استجمع قواه، وستذبل روحه شيئاً فشيئاً حد الزوال، ثم تختفي نضارة وجهه كغيمة ضباب، يقضّ مضاجعها أول خيوط شمس الفرح حين يكون القلب جاداً في استقبالها!
تلك القروض المتلاحقة من المواجع، المنهمرة من بنك الهموم، لا سبيل لسدادها إلا الجلوس طويلاً في محراب الإيمان. فما وظيفة الإيمان حين يستقر بقلب العبد إذن إذا لم يعط صاحبه قوة وصبراً وجلداً عند الملمات والخطوب؟
أعلم تماماً أن الناس في ضيق على اختلاف مشاربهم، والجروح عميقة، غير أن إشاعة روح الحزن على الدوام كما يتفنن في ذلك بعض الناس حتى في الأعياد، ربما تولد يأساً، وتضعف عزماً، وتؤخر فرجاً، وتكرب نفساً تشتهي الفرح.
قابِلوا الناس بوجه بَسوم مليء بالرضا، ينثر حوله طمأنينة في النفس، يثبت وقت الاهتزاز، ويقلل التوتر، ولا تقابلوهم بوجه عبوس يعمد أو لا يعمد عند حديثه إلى تعزيز النكد، طريقته المعهودة إشاعة روح الحزن والهم والغم بين الناس، مشمئز على الدوام. وإن كان في مقدوركم أن تسعدوا أحداً فلا تترددوا، فربما لِتبعات ونتائج الحزن جعل الله خير الأعمال وأفضلها سروراً يدخله المرء على قلب مسلم!
وفي السنّة النبوية نجد كثيراً من النصوص التي تحث على التفاؤل مهما كان الواقع كئيباً، فقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا عدوى ولا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ. قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيِّبة"، وفي صلح الحديبية لما جاء سهيل بن عمرو يفاوض عن قريش، استبشر النبي -صلى الله عليه وسلم- باسم سهيل، وقال: لقد سهل لكم من أمركم!
وصدق إمام أهل اللغة الخليل بن أحمد الفراهيدي لما سئل عن كثرة مزاحه رغم فقره المادي فكان جوابه: "الناس في سجن ما لم يتمازحوا!".
يجب أن نتذكر أن الحياة مليئة بالتحديات والصعوبات، ولكنها أيضاً مليئة بلحظات السعادة والفرح. إن تقدير قيمة اللحظات الإيجابية في حياتنا يساعدنا على التغلب على الحزن والضغوط اليومية.
لهذا، دعونا نحاول دائماً أن نكون داعمين لبعضنا البعض ونشعر بالامتنان لكل لحظة سعيدة نعيشها. ولنتذكر دائماً أن الحياة مغامرة مليئة بالارتفاعات والانخفاضات، ونحن بحاجة إلى التعامل معها، ولنبذل جهداً لنجعلها مليئة باللحظات الجميلة والذكريات السعيدة.
فعندما نواجه الحزن، يجب أن نوازن بين السلبية والإيجابية، وأن نتذكر دائماً قوة العقل في تحويل الظروف الصعبة إلى فرص للنمو والتطور.
ولننظر كيف أن الصداقة والدعم الاجتماعي نعمة كبيرة في حياتنا، فعندما نتشارك الأمور الإيجابية مع أصدقائنا ونحكي ونقدم لهم الدعم في الأوقات الصعبة، نعزز الترابط والتراحم بيننا ونشعر بالتواصل والمشاركة في المجتمع.
فندرك أن السعادة تكمن في اللحظات البسيطة، مثل ضحكة صديق أو شمس مشرقة في صباح جميل. فالقدرة على التمتع باللحظات اليومية والابتعاد عن التفكير الزائد والتوتر تساهم في تحسين جودة حياتنا.