- ℃ 11 تركيا
- 4 نوفمبر 2024
شريف حلمي يكتب: ماذا بعد فشل المفاوضات
شريف حلمي يكتب: ماذا بعد فشل المفاوضات
- 6 أبريل 2021, 9:29:07 م
- 1081
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
حظر التفاوض في سد النهضة
أصدرت مصر بيانا رسميا أكدت فيه أن مفاوضات كينشاسا لم تحقق تقدم، وأن القاهرة "مستعدة لمعاونة الرئيس الكونغولي في مساعيه الرامية لإيجاد حل لقضية سد النهضة".
وبعيدا عن لغة البيان الدبلوماسية، وميوعة اللهجة، وما تحمله من أوجه التمسك بالتفاوض؛ ربما ترغب مصر في إحراج إثيوبيا وتضعها في موضع الجاني؛ وأشك أن أديس أبابا لن تبالي بأي رد مصري، وأنها الأكثر ترتيبا، وتحكما في الأمور.
على أية حال..
ربما تكون الوساطة داخل البيت الإفريقي انتهت فرصها، وأن إعلان واشنطن، اليوم، عن أملها في استكمال المحادثات، والزيارة المرتقبة من مبعوث الاتحاد الأوروبي، بيكا هافيستو، وزير خارجية فنلندا، إلى إثيوبيا خلال ساعات، يؤشر بمحاولة دولية للإبقاء على الأمور هادئة؛ في محاولة جديدة لدفع هذا التفاوض العقيم إلى الاستمرار.
وما أجده مجدي الآن..
ليس متابعة ما يجري فقط، بل محاولة فهم ما جرى، وما يمكن أن يترتب عليه من نتائج، وذلك يتحقق بالبحث عن المعلومات المتاحة وبعضها (غير رسمية)، ومحاولة استيضاح الصورة، وفهم النتائج الممكنة، وذلك مع ندرة التفاصيل الصادرة من الدولة.
داخل السودان الأمور مرتبكة والأجواء مشحونة؛ هناك أنباء عن طلب سوداني من الأمم المتحدة بسحب قوات حفظ السلام من أراضيها، من جهة أخرى تتحدث وزيرة الخارجية السودانية عن موقف القانون الدولي (أي اللجوء إلى القضاء الدولي)، وكأن تياران داخل النظام السوداني يتجاذبان المواقف بين الشدة واللين.
المواقف الدولية والإقليمية لا تبشر بالخير بالنسبة لمصر على الأقل؛ فالولايات المتحدة لديها علاقات جيدة مع إثيوبيا، والبنك الدولي داعم رئيس للسد، وأوروبا لن تتساهل مع أي زعزعة للأمن في القرن الإفريقي لما في ذلك من تبعات اقتصادية، واجتماعية عليها، وشعورها الدائم بالمسئولية اتجاه مستعمراتها القديمة.
المبعوث الأوربي لإثيوبيا، سوف يقدم تقريرًا حول اتهام أديس أبابا بالتطهير العرقي في إقليم تيغراي بمعاونة أريتريا إلى مجلس الخارجية الأوربي في 22 أبريل، ومناقشته مع 27 وزيراً من الاتحاد الأوروبي.
وهذه الزيارة للوزير الفنلندي تأتي عقب زيارة أخرى أجراها أول أمس، إلى السعودية ثم الإمارات، وما يشاع حولهما من دعم حكومة أبي أحمد في القضاء على تمرد التيغري. وما إذا كانت الزيارة لوضع حد لهذه التدخلام، أو بحث المساهمة في العمليات الإنسانية (دفع تعويضات).
كل هذه الأمور لا أراها بعيدة عن أزمة مياه النيل، ومفاوضات سد النهضة.
وبعد علمك بتصريحات محمد المهيرير، رئيس غرفة تجارة أبو ظبي، خلال المنتدى التجاري الافتراضي الذي عقد في أبو ظبي يوم 31 مارس الماضي، وشارك فيه 100 شركة خاصة في الإمارات ومسؤولين حكوميين، حيث قال إن حجم التجارة غير النفطية بين الإمارات وإثيوبيا في ازدياد، وأنها بلغت عام 2019 رقم 2.252 مليار درهم، وذكر سفير أديس أبابا، سليمان ديفو، أن الإمارات من أهم وجهات السوق الزراعية الإثيوبية، تتأكد من أن هناك دعما قويا تقدمه أبو ظبي لأديس أبابا.
وربما تفسر هذه المواقف إلغاء مؤتمر توقيع السلام بين السودان وإسرائيل منتصف مارس الماضي.
على الجانب الإفريقي...
أكد وزير الري والموارد المائية في جنوب السودان ، ماناوا بيتر جاتكوث ، أمس الاثنين، أن حكومة جنوب السودان سوف تصدق قريباً على اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل ( عنتيبي) بمجرد افتتاح البرلمان. ليصبح عدد من صدق على الاتفاقية 6 دول من أصل 10 بينهم مصر والسودان؛ مما يؤشر إلى نية دول الحوض بقيادة إثيوبيا إلى تقسيم كامل للنيل بينهم، وهو من أهم الأسباب غير المعلنة التي تسعى إثيوبيا إلى تنفيذها بعد التحكم في مياه النهر عقب انتهاء السد.
ويبدوا أن المواقف الإفريقية في أغلبها تدعم موقف إثيوبيا، ليس حبا فيها بقدر تأسيس نمط جديد للتنمية على حوض النيل، توزع من خلاله المياه بالتساوي على الجميع، خصوصا مع تسارع التغير المناخي وازدياد احتمالات ندرة المياه.
ونظرتهم إلى اتفاقيات تقسيم المياه الحالية على أنها اتفاقات (الحقبة الاستعمارية). وهو ما يفسر عزم جنوب السودان التصديق على اتفاقية إعادة تقسيم مياه النيل (عنتيبي) بعد انعقاد البرلمان، مما يعزز موقف إثيوبيا، ويزيد من حصار مصر.
بالإضافة إلى تلاقي مصالح دول القارة مع قوى عالمية وإقليمية، بعد انسلاخ مصر من ثوبها الإفريقي وتوجهها نحو الغرب منذ اتفاقية السلام مع إسرائيل.
وهناك مواقف إفريقية بين بين مثل الكونغو الديمقراطية، مستضيفة التفاوض الحالي؛ فهي تتطلع إلى دعم مصري، وعلاقات متوازنة مع إثيوبيا. إذن أفريقيا لا تدعم الخيار العسكري كحل في أزمة السد الكبير.
وبالنسبة للدول الغربية موقفها واضح من وقت توقيع اتفاق إعلان المبادىء بين مصر والسودان وإثيوبيا في مارس 2015 حيث قال الاتحاد الأوروبي "ندعم التوصل إلى نتيجة عادلة تمكن الجميع من استخدام مياه النيل".
أضف لذلك انتباه أوروبا الأخير لما يجري في إقليم تيغراي، وما يشكله ذلك من تهديد للأمن في القرن الإفريقي، وما تزال مذابح رواندا عالقة في الذاكرة. أي أن الغرب سيشكل عائقا ضد التدخل الإقليمي في إثيوبيا من أي طرف؛ سواء من ناحية مصر والسودان بدعم التيغري، أو دعم خليجي إسرائيلي للحكومة في مواجهة الاحتجاجات.
ولا أميل هنا للتفسيرات القائلة بأن إثيوبيا مقبلة على التفكك، ويجب دعم ذلك كمخرج لأزمة السد؛ هذا شطط فكري لا يقبله المنطق، لأنه ببساطة نزعات الانفصال تستغرق عقودا من الزمن على أمل التحقق، وهذا النزاع في الأصل سياسي ظاهره عرقي، لأن التيغري تطمح إلى تمثيل جيد في الحكومة بعد تهميشها.
وبنظرة متسرعة لصراعات مياه نهر ميكونج بين الصين وجيرانها، أو سد (gip) التركي وتأثيره على مياه الفرات الواصلة إلى العراق وسوريا، وشراء مدينة برشلونة عام 2008 لمياه الشرب من فرنسا، وظهور بورصة للمياه في أستراليا.
وما توصلت إليه الدراسة الصادرة من هيئة المسح الجيولوجي البريطاني، أول أبريل الجاري ، حول معدلات المياه الجوفية في إفريقيا، وترتيب مصر المتأخر فيها؛