- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
شمال الضفة الغربية: عملية أم توسيع العملية العسكرية أم السير نحو الانفجار؟
شمال الضفة الغربية: عملية أم توسيع العملية العسكرية أم السير نحو الانفجار؟
- 18 يونيو 2023, 4:20:41 ص
- 548
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
«القدس العربي»: لا تتوقف أخبار العمليات العسكرية والاقتحامات الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية، وبدل أن تحقق «كاسر الأمواج» التي تنتظم تحتها كل تلك الاقتحامات، أهدافها بعد أكثر من عام ونصف على انطلاقها، أصبح يضاف إليها التهديد بعملية عسكرية موسعة أو أكثر تكثيفا، فالاحتلال يبحث عن إجابات جديدة أمام أسئلة الميدان الفلسطيني المشتعل الذي يرفض أن يخمد، ويتجاوز كل سياسات الاخضاع والسيطرة.
وحسب ما نشرته صحيفة «يديعوت أحرنوت» فإن جيش الاحتلال «قريبٌ جدًا من شن عملية عسكرية واسعة النطاق تركز بشكل أساسي على مخيمات اللاجئين وعمق مدن نابلس وجنين».
أما الجديد في العملية المتوقعة والمهدد بها بالمقارنة مع سياسة اقتحامات جيش الاحتلال التي يصفها الاحتلال بـ«الجراحية» هو أن الجيش سيعمل خلالها على نطاق أوسع لـ«جز العشب» والهدف الرئيسي سيكون «استعادة الردع».
وحسب الصحيفة فإن عملية الاحتلال المتوقعة ستركز إلى جانب النشاط اليومي الأبرز الذي يقوم به الاحتلال في عموم الضفة الغربية وهو اعتقال النشطاء، ستركز على جمع الأسلحة والعبوات الناسفة، وكذلك الصواريخ، بعدما كشف «الشاباك» مؤخرًا عن تصنيع صواريخ في شمال الضفة الغربية، مبينا أن جيش الاحتلال يريد كبح جماح هذه الظاهرة في بدايتها، حسب الصحيفة.
وفي معرض تناول الصحيفة للخطط الجديدة فقد اعتبرت أن مثل هذه العملية ستكون لها عواقب واسعة في التعاون مع السلطة الفلسطينية، ففي الوقت الحالي يرغب جيش الاحتلال في أن يرى انخراطا أكبر للسلطة الفلسطينية في الاعتقالات وإحباط العمليات، خاصة في نابلس، إلا أن مثل هذه العملية قد تؤدي لتوتر أمني، وربما وقف التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية خلال أيام العملية.
ويبدو كما تشير «يديعوت» أن قادة المستوطنين يواصلون التحريض على تنفيذ عدوان موسع شمال الضفة الغربية، حيث جاء في تصريحات يوسي داغان، رئيس مستوطنات شمال الضفة الغربية: «هذه الحكومة يجب أن تعود إلى رشدها وتوقف الإرهاب الآن. لن نستسلم ولن نقف مكتوفي الأيدي عندما يقتل المستوطنون، وقد باتو أهدافا للإرهاب المتواصل».
وكان جهاز «الشاباك» وجيش الاحتلال قد أقرا، في وقت سابق، أن الاقتحامات والاعتداءات التي تم تنفيذها في شمال الضفة الغربية لم تحقق النتائج المرجوة منها، ويجب تكثيفها.
وقالت الإذاعة الإسرائيلية في هذا السياق، إن «الشاباك» وجيش الاحتلال توصلا إلى تفاهم أنه بالرغم من العمليات الهجومية في شمال الضفة الغربية، خاصة جنين، خلال الفترة الماضية، إلا أن الإنذارات حول نية خلايا فلسطينية تنفيذ عمليات ما زالت في تزايد مستمر.
وخلال الأسبوع الماضي، التقى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن وزير جيش الاحتلال يوآف جالانت، وقال إنه قلق من تدهور الوضع الأمني في الضفة الغربية.
اللقاء الذي جمع الإثنين في سفارة الولايات المتحدة في بروكسل بحث تدهور الوضع الأمني، وحسب ما نشر أكد الوزير الأمريكي أنه يجب زيادة التعاون الأمني بين كيان العدو والسلطة الفلسطينية، واقترح أن يتم ذلك من خلال المنسق الأمني الأمريكي، لوقف التصعيد وتقليل التوترات.
وبالعودة للعملية العسكرية فقد ذكرت القناة 12 العبرية على لسان مراسلها العسكري نير دفوري أن التفكير الأمني يتمثل في حشد عدة ألوية تعمل لعدة أيام في كل من نابلس وجنين وطولكرم وهي مناطق الشمال في الضفة الغربية بالإضافة لمناطق أخرى.
وحسب القناة فإن ما يؤجل القرار بتوسيع العملية هو تساؤل المستوى الأمني والسياسي حول إمكانية دخول غزة ممثلة بفصائل المقاومة الفلسطينية للرد على هكذا عملية.
وقالت القناة إن الجميع «ينتظر الضوء الأخضر».
وحسب الباحث زياد ابحيص فإن اضطرار جيش الاحتلال لعملية كبيرة في نابلس يعني أن عمليات التسلل والاغتيال ومحاولات الضغط من خلال السلطة لم تنجح مجتمعة في تصفية عرين الأسود وحالة المقاومة؛ وأنه بحاجة إلى تكرار مصغر لاجتياح 2002 بعد مرور 21 عاماً.
وتابع أن معضلة الاحتلال مع هذه العمليات أنها أولاً تقوض مشروعية السلطة حين يدخل المحتل بنفسه لإنجاز المهمة الموكلة لها بعد أن تعجز عنها؛ وأنها تحول قواته المقتحمة إلى أهداف محتملة رغم الاختلال الفادح في ميزان القوى؛ علاوة على ما تفتحه من أبواب التصعيد والعزلة الدولية.
وختم قائلا إنه في جغرافيا محاصرة وميزان قوى مختل لا توجد معركة سهلة؛ لكن توجد معارك تفتح آفاق الممكن وتراكم نحو المستقبل وتوقد خيال التحرر؛ ولعل هذه مكانة معركة نابلس اليوم.
نحو الانفجار الحتمي
هنا يطالب المحلل السياسي والخبير في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور بعدم الخلط بين عملية عسكرية وتوسيع العملية العسكرية أو تكثيفها، وبين اجتياح المدن الفلسطينية مثلما حدث عام 2002 معتبرا الخيار الأخير بـ«المستبعد في ظل عدم وجود مسوغ واضح لذلك في ظل أن التطورات العملية لا تتطلب ذلك».
وتابع: «في العام قبل الماضي بدأ وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها غانتس حملة «كاسر الأمواج» ولم تحقق أي من أهدفها الثلاثة والتي تتمثل في: وقف العمليات بالداخل الفلسطيني، ونقل المواجهة للضفة الغربية، وملاحقة المطلوبين وتفكيك الحاضنة الشعبية حول مجموعات المقاومة».
وأضاف أنه ورغم كل الإعدامات والقتل والتدمير إلا أن الاحتلال لم يحقق أهداف العمليات، والنتيجة أن ثمن هذه العمليات لا تحقق الردع المطلوب منها بل يلاحظ أنها توسع دائرة الفعل المقاوم حيث عمليات المقاومة تحقق خسائر بشرية.
وتحدث منصور عن نتائج عمليات عسكرية في الفترة الأخيرة حيث فشلت في الوصول للمطلوبين، وأصبحت المواجهة أكثر صعوبة، وتزايد التصدي بالعبوات الناسفة، وأصبح المطاردون أكثر حذرا ويتصدون ويطورون من وسائلهم، وهو أساس التفكير الاحتلالي بجعل العملية العسكرية أوسع قليلا، وربما تكون هناك اقتحامات أطول قليلا تستمر لساعات أو أيام.
وقال إن أحد مخاطر توسيع العمليات العسكرية أنها قد تقود لانهيارات في وضع السلطة الفلسطينية، كما أنها تأتي في مرحلة لم يعد فيها أي حديث عن عقد لقاءات أمنية في العقبة أو شرم الشيخ.
ويسأل منصور: «هل استنفدت طريقة التعامل الأمني من جيش الاحتلال الإسرائيلي نفسها وهي المستمرة منذ سنة ونصف؟ وهل سنكون أمام مواجهة أوسع أو البحث عن وسائل أخرى؟».
وأضاف: «يبدو أننا أمام إعادة إنتاج نفس السياسة القديمة، فنحن جزء من حملة كبرى عدوانية تعتمد أداة واحدة للتعامل مع الواقع الفلسطيني المعقد، حيث نعيش حالة فيها الكثير من الإحباط وممارسات الاستيطان والأزمة الاقتصادية وانسداد الأفق السياسي، والتنكيل والاقتحامات، وهي كلها عوامل ضاغطة. فيما التعامل معها بالقبضة الأمنية فقط، وهي أداة جربت ولم تؤد إلى أي نتيجة مع الشعب الفلسطيني».
ويخلص منصور: «ما يجري في الضفة الغربية يوفر عوامل تدفع نحو الانفجار الحتمي».
مؤشرات تدعم المقاومة
يذكر أن أحدث استطلاع للرأي العام الفلسطيني أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، أظهر أن أغلبية الفلسطينيين ما زالوا يؤيدون تشكيل المجموعات المسلحة لمقاومة الاحتلال، ويرفضون ملاحقة الأجهزة الأمنية الفلسطينية لها.
ورغم حجم الخسائر على مستوى الشهداء في قادة مجموعات المقاومة إلا أن نتائج الاستطلاع التي نشرت قبل يومين، ما زالت تشير إلى 71 في المئة من الجمهور يؤيدون تشكيل مجموعات مسلحة مثل: «عرين الأسود» و«كتيبة جنين» وفي المقابل فإن 86 في المئة يعتقدون أنه لا يحق للسلطة الفلسطينية ملاحقة أفراد هذه المجموعات، كما أن 80 في المئة يعارضون تسليم أفراد هذه المجموعات أنفسهم للأجهزة الأمنية لحمايتهم من الاغتيالات. فيما توقع 58 في المئة من الجمهور أن تمتد هذه المجموعات في الضفة الغربية. في حين توقع 51 في المئة من الجمهور تصعيدًا في الأوضاع الأمنية وأن تحصل انتفاضة ثالثة مسلحة.
وأشار الاستطلاع إلى أن 50 في المئة يعتقدون أن انهيار السلطة الفلسطينية أو حلها يمثل مصلحة للشعب الفلسطيني. كما قال 50 في المئة إن ضعف السلطة الفلسطينية أو انهيارها سيؤدي لتقوية المجموعات المسلحة.